المدقق اللغوي.. ربّان الدقة والصبر

  • 8/8/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تمثل مهنة المدقق اللغوي في الوسائل الإعلامية، أحد الأعمدة والضمانات الرئيسة في صحة وسلامة المحتوى الإعلامي. إذ يتولى المدقق مسؤوليات حساسة، يأتي دوره معها، مكملاً ومعضداً لمسؤولي التحرير والمحررين. إذ إنه يحرص على تصويب أية أخطاء لغوية، في مضامين المادة الصحفية معتنيا في تصحيح التراكيب والكلمات وعلامات الترقيم. كما إن المدققين اللغويين، خاصة في الصحف اليومية، باتوا يعون جيدا أبعاد ومتطلبات عملهم، التي تحصنهم من الوقوع في الخطأ أو إغفال جانب ما. وهكذا أصبحوا يزيدون أطر ومستويات معارفهم وسياقات اطلاعهم ليكونوا مدركين لكافة التفاصيل والمعلومات، لغوية كانت أو حياتية وثقافية وسياسية ومنوعة، ذاك كي تتعزز قواعد تمكنهم المهني. والثابت عملياً، وكما أكد كثير من المتخصصين في المجال في هذا التحقيق لـ( البيان)، أن عمل المدقق اللغوي، غدا يجسد في ظل طبيعة الضغوطات المتزاحمة والمتسارعة في العمل الإعلامي، نموذج مهنة تميزها الكفاءة والصبر بجانب السرعة في التجاوب، علاوة على كونها صمام أمان إضافي يختبر مدى كفاءة وصحة المادة الإعلامية. واللافت هنا أن متخصصين كثيرين، يؤكدون ضرورة تنظيم دورات تأهيلية إعلامية للمدققين. المدقق اللغوي هو أحد الأعمدة المهمة في مهنة الصحافة.. بهذه الكلمات بدأ عمرو أنور مدقق لغوي بإحدى المؤسسات الصحافية، موضحاً أنه لا غنى للعمل الصحافي المحترم عن هذه المهنة، فهي تكسب المحتوى مزيداً من الاحترافية والكمال، الأمر الذي يفرض مسؤولية كبرى تقع على عاتق المدقق اللغوي، الذي يطلب منه إنجاز عمل مكتمل يخلو من الأخطاء، وهي مهمة صعبة تتطلب التركيز ومراجعة العمل بشكل دقيق، من أجل عدم إهمال أي خطأ. تحت الضغط وأشار كامل إلى وجود العديد من المدارس أو الأساليب في عمل المدققين، فمنهم من يفضل الانزواء بعيداً، والاكتفاء بالتركيز على الموضوعات التي يعملون عليها، وذلك من أجل تحقيق أقصى درجات التركيز والمراجعة، الأمر الذي يتسبب في اتهامهم بأنهم ليسوا اجتماعيين بتكوينهم، وفي المقابل هناك من يحرصون على تكوين علاقات اجتماعية جيدة داخل إطار العمل والحديث مع الزملاء، من دون أن ينعكس ذلك سلباً على أدائهم، وهو ما يسميه البعض العمل في إطار الفريق، ويسميه آخرون العمل تحت ضغط. وحول علاقة المدقق بالمحرر الصحافي، أشار إلى أنها تتأثر أحياناً، فتغيير الجمل أو بعض الأساليب من العمل الصحافي يؤدي إلى أزمات بين الصحافي والمدقق، وتؤدي إلى صراعات بين الطرفين، فكل منهما يرى أنه على صواب، لافتاً إلى أن المدقق يستطيع بسهولة تحديد مستويات الصحافيين، فهناك المتوسط والضعيف والمتميز. أخطاء وفي السياق ذاته، يوضح المدقق رمضان محمد، أن هناك أزمات عدة يواجهها من خلال مهنته، أولها الأخطاء البدائية التي يقع فيها كثير من المحررين مثل: إهمال الهمزات البدائية وعدم التفريق بين الألف والياء واستخدام الكلمات العامية أحياناً( لعدم دراية المحرر بالبديل العربي الفصيح السليم). ويتابع: الأسلوب أيضاً يصبح شاقاً على المدقق اللغوي من حيث الاستخدام، حيث تجبر الأساليب الضعيفة المدقق على استخدام بدائل أخرى من الجمل العربية، وهو الأمر الذي يعطله، ويؤخر إرسال العمل إلى رئيس التحرير من أجل نشره، كما يصبح عبئاً مضاعفاً أمام المصحح، خاصة في المواقع الإلكترونية التي يتولى فيها مهمة التدقيق اللغوي والصياغة الصحافية معاً. دورات واستقرار يؤكد المدقق اللغوي مصعب الخير، أن دور المدقق كبير ويحتاج إلى كثير من الجهد، مفسراً ذلك بقوله: المدقق في بعض المؤسسات بمثابة رئيس تحرير ثانٍ، خاصة إن كانت له خبرات وتاريخ في العمل الصحافي، ومعرفة القدر المنوط به التدخل فيه، كذلك لأن دور المدقق يتطلب قدراً معلوماتياً واسعاً، ومتابعة مستمرة لمجريات الأمور، وتطويراً ومراجعة للمعلومات بمرور الزمن، ولأنه يختلط بمختلف الأنواع الصحافية؛ فإنه بحاجة- ولو بصفة دورية- إلى دورات علمية مع نخبة من المختصين والخبراء؛ للمراجعة والتطلع إلى مزيد من الأبحاث التي تتناول جوانب اللغة (على سبيل المثال منها ما يهتم بالأخطاء الشائعة في لغة الإعلام) وللأسف هذا نادر جداً، إن لم يكن معدوماً. ويتابع: إن أهم الأولويات التي يتكفل بها المدقق تصحيح التراكيب أو الكلمات، كونها أساس العمل، فتنسيق الفقرات أو علامات الترقيم أو ترتيب الأفكار يستطيع المحرر أن يقوم أو يلمح أياً منها إن غفلها المدقق، لكن تصحيح التراكيب أو الكلمات من صميم عمل المدقق اللغوي، فهو إن غفل عنه خرج العمل مشوهاً فلا يستطيع المحرر أن يلحظ ذلك.. وذلك طبعا بفعل تخصص المدقق اللغوي وبحكم بحثه في المعاجم اللغوية المتخصصة في التراكيب والكلمات والدلالات، أي أنه أدرى الناس بصحة الكلمة وصحة التركيب. إيجابيات وسلبيات يلفت خالد زكي، وهو مدير تحرير أحد المواقع المصرية، إلى أنه كان يعمل في ما سبق مدققاً لغوياً، موضحاً أنه على مدار تلك السنوات استفاد من مهنته نقاطاً عدة، إذ تعلم الصبر والهدوء ومراجعة مواقفه، إلى جانب البحث عن الكمال الدائم في كل الكتابات. أما عن السلبيات التي خرج بها متولي، فتمثلت في زيادة الوزن على حد تأكيده، إذ إن الجلوس على الكرسي لوقت طويل كان سبباً في تكاثف الدهون بأجزاء متفرقة من جسده، إلى جانب المتاعب في العمود الفقري والركبتين، مشيراً أيضاً إلى أنه ونتيجة ضغط الشغل فقد الاستمتاع بما يقرأه، مبيناً أن عينه صارت تترصد الأخطاء من دون أن يستمتع بالمتن نفسه.

مشاركة :