اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة بأن تمدد موسكو وواشنطن لمدة عام وبدون شروط معاهدة "نيو ستارت" (ستارت الجديدة)، آخر اتفاقية أساسية بين البلدين للحد من الأسلحة النووية، في عرض رفضه البيت الأبيض. وتم التوقيع على اتفاقية ستارت الجديدة في نيسان/أبريل 2010 لكنها دخلت حيّز التنفيذ في شباط/فبراير 2011. ومدة الاتفاقية عشر سنوات قابلة للتمديد. ونقل بيان للكرملين عن بوتين قوله خلال اجتماع المجلس الأمني "لدي مقترح -- وهو تمديد الاتفاق الحالي دون أي شروط مسبقة لمدة عام على الأقل ليتسنى لنا إجراء مفاوضات حقيقية". وطلب بوتين من وزير الخارجية سيرغي لافروف "صياغة موقفنا لمحاولة الحصول على رد متسق نوعا ما على الأقل (من الولايات المتحدة) في المستقبل القريب". وازدادت حدة التوتر على مدى شهور بشأن مصير المعاهدة التي تحد عدد الرؤوس النووية التي بإمكان واشنطن وموسكو امتلاكها وتنقضي مهلتها في الخامس من شباط/فبراير 2021. ومساء الجمعة، كتب مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي روبرت اوبراين في تغريدة أنّ "الولايات المتحدة اقترحت تمديداً لمعاهدة نيو ستارت لعام واحد في مقابل تجميد الرؤوس النووية للولايات المتحدة وروسيا خلال هذه الفترة". واضاف أنّ "جواب الرئيس الروسي اليوم الساعي إلى تمديد نيو ستارت من دون تجميد الرؤوس النووية غير مقبول". وكانت الولايات المتحدة أفادت في وقت سابق هذا الأسبوع أنها توصلت إلى اتفاق مبدئي مع روسيا على تمديد المعاهدة، لكن موسكو سارعت برفض الشروط الأميركية. - إعادة إطلاق للعلاقات - ومع بقاء ثلاثة أسابيع فقط للانتخابات الأميركية التي تظهر الاستطلاعات تراجع شعبية الرئيس دونالد ترامب أمام خصمه جو بايدن، أشارت الإدارة الأميركية إلى أنها ستدعم الإبقاء على المعاهدة لمدة لم تحددها. وقال بوتين الجمعة إنه سيكون "مؤسفا للغاية" إذا انقضت مهلة المعاهدة، التي نجحت في احتواء سباق تسلح، دون أن تستبدل بأخرى مشابهة. وتم التوقيع على الاتفاقية عام 2010 في ذروة الآمال بإعادة إطلاق العلاقات بين موسكو وواشنطن، في عملية قادها الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما ونظيره الروسي حينها دميتري ميدفيديف. لكن سرعان ما ارتفع منسوب التوتر مجددا مع عودة بوتين إلى الرئاسة في 2012. وكان لافروف أفاد الجمعة أن موسكو تفضّل تمديد المعاهدة القائمة لخمس سنوات إضافية دون شروط لكنها مستعدة مع ذلك للتوصل إلى اتفاقية جديدة مع الأميركيين. وقال إن موسكو قدّمت لواشنطن بعض "المقترحات الملموسة". وأفاد أن الولايات المتحدة ردت بعدد من المقترحات وصفت بأنها شروط مسبقة لتمديد "نيو ستارت". وهذه المقترحات "العديدة" تأتي خارج إطار الاتفاق و"خارج مسؤوليتنا" حسبما قال لافروف دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل. - فرصة لإنقاذ المعاهدة - وإلى جانب معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى من فترة الحرب الباردة، كانت نيو ستارت تعتبر ركيزة الحد من سباق التسلح بين القوى العظمى. في 2019 انسحبت الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى التي تحظر الصواريخ القادرة على ضرب مدن أوروبية، بعدما قالت إن موسكو تنتهكها. وتصر إدارة ترامب دون نتيجة على دخول خصمها الصين في معاهدة نيو ستارت التي تحد عدد الرؤوس النووية التي يمكن للولايات المتحدة وروسيا امتلاكها ب 1550. وقال الخبير العسكري في كلية موسكو العليا للاقتصاد فاسيلي كاشين لوكالة فرانس برس "الذي يعرضه الأميركيون هو اتفاقية جديدة تماما". وإضافة إلى مسألة انضمام الصين، فإن إصرار واشنطن على أن تشمل نيو ستارت أو البديل عنها أسلحة نووية تكتيكية وأسلحة جديدة، كان مشكلة أخرى في المحادثات، وفق كاشين. ويعتقد أن ترسانة روسيا من الأسلحة النووية التكتيكية قصيرة المدى، أكبر وأكثر تنوعا مقارنة بترسانة الولايات المتحدة، لذا سيكون "تنازلا أحاديا" من جانب موسكو، كما قال. وفي الأوضاع الحالية فإن تمديد المعاهدة لسنة سيكون "مثاليا" وفق كاشين الذي أضاف "إنها فرصة للحفاظ عليها". وكتبر مدير مركز كارنيغي بموسكو ديمتري ترينين في تغريدة أن بوتين لا يريد تقديم تنازلات "لمجرد مساعدة حملة ترامب" لافتا إلى أن منافسه الديموقراطي جو بايدن يؤيد تمديد المعاهدة.
مشاركة :