مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية التي لم يعد يفصلنا عنها سوى 16 يوما، يعجز كثيرون عن فهم أصول الرمزين الأساسيين لكل من الديمقراطيين والجمهوريين، حيث يتخذ الحزب الديمقراطي الحمار كرمز أساسي له بينما يعتمد الجمهوريون على الفيل لتمييز أنفسهم.أندرو جاكسون والحمار وتعود أصول الحمار الديمقراطي والفيل الجمهوري للقرن التاسع عشر. فقد سجّل الحمار بداية ارتباطه بالحزب الديمقراطي منذ العام 1828 أثناء الانتخابات الرئاسية التي فاز بها المرشح الديمقراطي أندرو جاكسون (Andrew Jackson)، مؤسس الحزب الديمقراطي، ليصبح بذلك سابع رئيس بتاريخ البلاد. وفي خضم الحملة الانتخابية، لقّب أندرو جاكسون من قبل منافسيه بالحمار (Jackass). وأمام هذا الوضع، فضّل جاكسون، الذي شارك بحرب عام 1812 والتحق بغرفتي الكونغرس في وقت سابق كنائب بمجلس النواب وعضو بمجلس الشيوخ، التأقلم مع هذه التسمية فأثنى على خصال الحمار في إنجاز المهام الصعبة ووصفه بالعامل الكادح كما اتجه لوضعه على الملصقات الدعائية لحزبه.ظهور رمز الفيل ويعود الفضل في الترويج لرمزي الحزبين الديمقراطي والجمهوري لرسام الكاريكاتير الساخر توماس ناست (Thomas Nast) حيث لعب الأخير طيلة فترة عمله لصالح مجلة هاربرز ويكلي (Harpers Weekly) الدور الأهم في إبراز الفيل الجمهوري والحمار الديمقراطي. وقد ظهر الحزب الجمهوري بالولايات المتحدة الأميركية عام 1854 وتمكن مرشحه أبراهام لنكولن من الفوز بالانتخابات الرئاسية بعد حوالي 6 سنوات ليصبح أول مرشح ينتمي لهذا الحزب يفوز بالمنصب. وفي خضم فترة الحرب الأهلية، مثل الفيل بالنسبة لجنود الاتحاد رمز القتال والكفاح كما ظهر بشكل محدود جدا على ملصقات الحزب الجمهوري. وقد انتظر الجميع سبعينيات القرن التاسع عشر والرسوم الكاريكاتيرية لتوماس ناست ليتحول الفيل لرمز رسمي للحزب الجمهوري.دور توماس ناست فأثناء ما عرف بذعر العهدة الثالثة التي تصادفت مع الانتخابات النصفية لعام 1874، روّجت صحيفة نيويورك هيرالد (New York Herald)، المؤيدة للحزب الديمقراطي، إشاعات حول سعي الرئيس الجمهوري يوليسيس غرانت (Ulysses Grant) للترشح لولاية ثالثة عام 1876 وهو ما كان أمرا مسموحا به حينها خلال فترة سبقت ظهور التعديل الدستوري الثاني والعشرين. وانطلاقا من هذه الإشاعات، شبّه غرانت بدكتاتور روما يوليوس قيصر واتهم بالسعي للقضاء على الديمقراطية الأميركية وإنشاء نظام دكتاتوري. وكرد على ذلك، رسم توماس ناست، المعروف بتأييده للحزب الجمهوري، كاريكاتيرا ساخرا حول الواقعة فجسّد صحيفة نيويورك هيرالد في شكل حمار متنكر في هيئة أسد يصرخ لينشر الذعر بين بقية الحيوانات بالغابة كما رسم الفيل الجمهوري وهو على وشك السقوط من أعلى الجرف. وخلال العام نفسه، قدّم ناست كاريكاتيرا آخر ساخرا جسّد من خلاله العم سام ممتطيا الفيل الجمهوري الذي يدوس بقدميه على مرشحين من الحزب الديمقراطي. وعام 1879، رسم ناست كاريكاتيرا مثيرا حول الحزب الديمقراطي جسّد من خلاله الحمار الديمقراطي يتدلى من ذيله وهو على وشك الوقوع في هاوية رمز من خلالها ناست للأزمة الاقتصادية.ناست شخصية مزعجة للديمقراطيين وبفضل كل هذه الرسوم الكاريكاتيرية التي انضافت لكاريكاتير الحمار الديمقراطي الذي يركل الأسد الميت لعام 1869، ساهم رسام الكاريكاتير ذو الأصول الألمانية توماس ناست في جعل الحمار رمزا للديمقراطيين والفيل رمزا للجمهوريين. إضافة لذلك، تحوّل توماس ناست لأحد أول الرسامين الكاريكاتيريين الذين جمعوا بين عالم الإنسان والحيوان للتعبير عن رأيهم وأثناء فترة ثمانينيات القرن التاسع عشر أمسى ناست واحدا من أكثر الشخصيات المزعجة بالولايات المتحدة الأميركية، حيث تخوّف الديمقراطيون من رسوماته ومدى تأثيرها على الناخبين.
مشاركة :