ألمانيا ـ القطاعات الخاسرة والرابحة جراء العمل من المنزل

  • 10/17/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قد يتحول العمل من المنزل إلى نمط عمل جديد في المستقبل. غير أن التوقف عن التنقل اليومي بين المدن الكبرى من قبل ملايين الناس، سيلحق أضراراً جسيمة بعدد من القطاعات الحيوية الأخرى. شركات مستفيدة وأخرى متضررة من ظاهرة العمل من البيت أثارت التجارب الجيّدة للعمل من المنزل خلال أزمة وباء كورونا، إعجاب العديد من أرباب الشركات بشكل ملحوظ. حول نتائج استطلاع شمل 1800 شركة تحدث دانيال إردسيك، الخبير والباحث في مجال الاقتصاد الرقمي من مركز البحوث الاقتصادية الأوروبية (ZEW)، لـ DW قائلا: "نظراً للتجارب والنتائج الجديدة، تخطط العديد من الشركات الاستعانة بالعمل من المنزل بشكل مكثف حتى بعد الأزمة". غير أن المزيد من ساعات العمل من المنزل يعني أيضاً عدداً أقل من المسافرين إلى مراكز المدن، ما قد ينعكس  بالسلب على قطاعات أخرى، كما أظهر تحليل أجرته شركة التأمين المتخصصة في مجال التأمينات وإدارة الأزمات Altradius. عن هذا الانعكاس السلبي مستقبلا، يحذر مايكل كارينبيرغ، المدير الإقليمي لقسم إدارة الأزمات في شركة التراديوس، من "ازدياد حالات الإفلاس" لدى بعض الشركات. فبالرغم من أن عددا منها لم يتكبد خسائر جسيمة في الإنتاجية، إلا أن القطاعات "التي تعتمد مبيعاتها على تنقل المسافرين بين المدن ومن موظفي المكاتب" شهدت ضررا بالغا وفق الخبير.   تكاليف إيجار باهضة ومكاتب شاغرة حسب دراسة شركة التراديوس، أدت المكاتب الشاغرة منذ عدة أشهر بالعديد من الشركات إلى إعادة النظر في حساباتها. ما يطرح السؤال حول ما إذا كان من الضروري في المستقبل توفير مكان عمل دائم لكل موظف واستئجار مساحة لذلك. في كثير من الحالات، ستكون التكاليف مرتفعة للغاية، خاصة لدى الشركات الكبرى، التي غالباً ما تصل نفقات الإيجار السنوية لديها إلى عدة ملايين يورو. نتيجة لذلك، من غير المرجح أن تمدد العديد من الشركات عقود إيجارها الحالية في السنوات القادمة. وهذا بدوره، قد يقلل بشكل كبير من عائدات شركات السكن، خاصة في ظل غياب تصور لإعادة استخدام مربح للمساحة الفارغة. العواقب تطال المستثمرين أيضاً إلى جانب مستثمري القطاع الخاص، ينظم العديد من المستثمرين الكبار إلى قائمة ضحايا هذا التطور.وعلى رأسها تأتي البنوك وصناديق التقاعد وشركات الاستثمار وصناديق الرعاية ووكالات الضمان الاجتماعي وشركات التأمين الصحي وشركات إدارة الأصول والكنائس والجمعيات والمؤسسات. هؤلاء قد يتكبدون خسائر كبيرة في الإيرادات. صناعة الورق، قطاع المطاعم و صناعة النسيج من القطاعات الأخرى المتضررة من نمط العمل من المنزل، قطاع الصناعة وعلى رأسها تأتي صناعة الورق. وفق تحليل التراديوس سرّع العمل من المنزل أيضاً من رقمنة العمليات المكتبية، خاصة أن الطلب على ورق الطابعة انخفض بكثير عن ذي قبل. الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى زيادة الضغط على هذا القطاع الذي كان مهدداً من خطر الإفلاس العام الماضي.  وباء كورونا والتوسع في العمل من المنزل، عوامل أدت أيضاً إلى تقليل عدد وجبات غداء العمل ورحلات العمل بشكل كبير، فاجتماعات العمل والمفاوضات تجرى اليوم و بشكل متزايد عبر مؤتمرات الفيديو أو عبر الهاتف. وإذا استمر الوضع على هذا النحو، وبقيت المكاتب فارغة فهذا يعني تراجع الطلب على وجبات الغداء عن ذي قبل وانخفاض دائم في مبيعات أرباب المطاعم. عطفا على ذلك، تنخفض الحاجة إلى الملابس الخاصة بالعمل مثل البدلات، وربطات العنق أو الأزياء الرسمية. هذا بدوره له تأثير كبير على مقدمي الخدمة الذين يحققون نسبة عالية من المبيعات الخاصة بأزياء العمل. ومن بين جميع الصناعات الألمانية، تصنف أتراديوس حالياً صناعة النسيج على أنها الأكثر عرضة للإفلاس. صناعة السيارات، الورش ومحطات الوقود توسيع دائرة العمل من المنزل على مستوى البلاد سيقلل بشكل كبير من حركة التنقل بشكل عام. وهذا بدوره سيشكل ضغطًا إضافيًا على قطاع صناعة السيارات، التي كانت في وضع صعب منذ حوالي عامين مع زيادة خطر الإفلاس بين العديد من الموردين. كما سيزداد الضغط على الورش ومحطات الوقود. وإذا اعتمد نمط العمل من المنزل بشكل أساسي في المستقبل، فإن ذاك سيجر معه عواقب على مزاولي الأعمال التجارية داخل المدن وكذا إضعاف تجار التجزئة على وجه الخصوص الذين لا يمتلكون قنوات بيع عبر الإنترنت وقد تضرروا في وقت سابق من إجراءات الإغلاق. المستفيد من الأزمة حسب تحليل التراديوس، ستستفيد قطاعات أخرى من التوسع الدائم للعمل من المنزل وهذا يشمل صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT)، والتي يمكنها بعد ذلك الاعتماد على مبيعات إضافية من أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف المحمولة والهواتف الثابتة والبرمجيات وغيرها من الأجهزة الإلكترونية.  من القطاعات الأخرى المستفيدة من هذه الأزمة أيضاً شركات توصيل المنتجات والخدمات للمنازل، بما في ذلك شركات بيع الأثاث على وجه الخصوص، حيث يتوقع إنشاء العديد من مكاتب العمل المنزلية. كلاوس أولغيش/ إ.م

مشاركة :