أكد مختصون وقانونيون أن تزايد أعداد الدعاوى الكيدية مؤشر خطير يدل على قمعية بعض أولياء الأمور ومحاولة حرمان أبنائهم من حقوقهم التي كفلها لهم الشرع والنظام، مشيرين إلى أن الكثير ممن يقدمون الدعاوى يمارسون العنف اللفظي والجسدي ولا يراعون الجوانب النفسية والمعنوية ويكبتون الحريات المتاحة المتوافقة مع تعاليم الشرع وعادات وتقاليد وقيم المجتمع.وأوضحوا في حديثهم لـ «اليوم» أن المجتمع السعودي من خلال التشريع والأنظمة والقوانين كفل للمرأة حقوقها وحق رعايتها وحمايتها وتطويرها في جميع جوانب حياتها الفردية والأسرية والمجتمعية. المرأة السعودية شريك في نهضة المملكةأشار المحامي والمستشار القانوني عضو النيابة العامة السابق صالح بن مسفر الغامدي إلى أن المملكة عززت من مكانة المرأة السعودية في المجتمع، وجعلتها عنصراً شريكاً في بناء نهضة المملكة من خلال الأنظمة والقرارات التي تحميها وتمكينها من أداء دورها وفقاً لما نصت عليه الشريعة الإسلامية، حيث صدر المرسوم الملكي رقم «م/25» وتاريخ 15/11/1434هـ بإقرار نظام الحماية من الإيذاء بجميع أشكاله سواءً باستغلالها أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية أو التهديدية من أي شخص ضدها، بإساءة تجاوز حدود ولايته عليها، أو سلطته أو بسبب ما يربطهما من علاقة أسرية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو بيئة معيشية، ويهدف النظام إلى اتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة لمساءلة المتسبب ومعاقبته، ومعالجة الظواهر السلوكية السلبية في المجتمع واعتبرت ذلك جريمة يعاقب عليها النظام، وبالتالي يحق لأي فتاة تتعرض لأي نوع من أنواع الإيذاء التقدم لدى الجهات الرسمية للتدخل العاجل ومعالجة وضعها وحمايتها.غياب الحوار والمشاركة في اتخاذ القرارقال المتخصص في علم الجريمة والمشكلات الأسرية د.عبدالعزيز آل حسن: من الغريب في أسرة متماسكة يجيد ربها توجيه دفة التربية بكل حكمة واقتدار أن ترى فيها عقوقا من الأبناء أو محاولة للهروب من المنزل أو التغيب خارجه لفترة طويلة، إلا إذا كانت هناك أسباب أخرى لم يتم الكشف عنها، فقد يكون ظاهر التربية أمام الناس جيداً لكنه في الخفاء وخلف أسوار المنزل تجد العنف اللفظي والجسدي وانعدام الحوار وعدم المشاركة في اتخاذ القرار والصمت المصحوب بالاكتئاب، وعدم مراعاة الجانب النفسي والمعنوي وكبت الحريات المتاحة المتوافقة مع تعاليم الشرع وعادات وتقاليد وقيم المجتمع، وما نراه من هروب للفتيات من المنزل أو التغيب عنه ما هو إلا نتيجة لما يحدث داخله، ومع ذلك فإن قرار الهروب والتغيب ليس حلاً مناسباً وخاصة للفتيات اللاتي من الصعب أن يعتمدن على أنفسهن بشكل مناسب أو ليس لديهن القدرة على حماية أنفسهن من منعدمي الأخلاق أو من يرى المرأة أنها جسد فقط دون النظر لتفكيرها وشخصيتها، والمجتمع السعودي من خلال التشريع والأنظمة والقوانين كفل للمرأة حقوقها وحق رعايتها وحمايتها وتطويرها في جميع جوانب حياتها الفردية والأسرية والمجتمعية.استغلال الدعاوى ضد الأبناء والبنات بشكل غير مقبولذكرت الأخصائي الاجتماعي سوزان المشهدي: «تم استغلال الدعاوي ضد الأبناء والبنات بشكل غير مقبول، وكيدية الدعاوى التي أعلنت عنها هيئة حقوق الإنسان صحيح، حيث تم استغلال الدعاوى ومنها العقوق للانتقام من الأبناء والبنات، وموضوع تغيب الأبناء من الجنسين مرعب بالفعل خصوصاً إذا لم يُعرف لها أسباب، وفي ظروف تغيبه يستحق التبليغ لحمايته ولمساعدته إن كان يمر بمأزق ما وبلاغ التغيب رغم ما فيه إلا أنه أهون من السكوت على التغيب وهذا للجنسين، ومن الضروري الاعتماد على الإحصائيات المعتمدة للخروج بقاعدة بيانات عن عدد بلاغات التغيب المحفوف بالخطر وبلاغات التغيب الكيدي، مع أهمية تعريف المجتمع بحقوق الأبناء والبنات المتساوية وحقهم في اختيار حياتهم بما يتناسب مع أخلاقيات ديننا الحنيف».إلقاء اللوم على الضحيةأوضحت عضو هيئة التدريس بكلية التربية في جامعة جدة د. ميسون الدخيل أن ما أعلنته هيئة حقوق الإنسان عن تصاعد نسب الشكاوى الكيدية، يعكس تواجد أولياء أمور يريدون أن يضعوا اللوم على الضحية قبل أن تطالهم أي مسؤولية من التقصير أو التعدي على بناتهم أصلا! أي أنها حركة استباقية قبل أن تتقدم الشابة بدعوى ضدهم بناء على ما تم عليها من ممارسات قمعية تحرمها من حقوقها التي ضمنها لها الإسلام كما ضمنتها لها الأنظمة الحديثة التي تمت مؤخرا في عهد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد، وهنا وجب التنبه إلى أنه طالما ثبت أنها شكوى كيدية فهذا يدل على أن الشابة في وضع غير آمن ومستقر، ويجب إيجاد السبل لضمان سلامتها وحقوقها، حتى لا تتعرض إلى المزيد من القمع أو التعديات.دور مهم على عاتق الأسرة والجهات الاجتماعيةبينت المتخصص في علم اجتماع الجريمة والمستشارة في العلاقات الأسرية والاجتماعية د. الهنوف الحقيل، أن قضية التغيب وغيرها من القضايا التي أعلنت عنها هيئة حقوق الإنسان، واستخدامها بشكل كيدي يعتبر نوعا من أنواع المقاومة أو الرفض، كون الصراع الأسري والتربوي والمسافات الفكرية بين البنات والأسرة غير واضحة أو لا يرمم من حين لآخر، لذلك هذا دور مهم يقع على عاتق الجهات الاجتماعية والأسرية من ضمنها لجان الأحياء والمراكز الاستشارية ومراكز الإرشاد الأسري في سد هذه الثغرات، وإيجاد حلول تربوية تتناسب مع هذا الشأن حتى لا يتطور إلى مشكلة أو ظاهرة، فإيجاد حلول وقائية مهم كأهمية العلاج للقضايا وكثرتها، أما الجانب القضائي والقانوني فهناك اجتهاد واضح من وزارة العدل والجهات القضائية في مسألة الصلح، ولا بد من تكثيف جلسات الصلح مع متخصصين قبل البت في الإجراء القانوني.استقلالية السكن قرار عادل في إطار الشرعقالت مرفت الغابري: «يرى الكثير صعوبة القرار في الاستقلالية في السكن وغيرها من الحقوق التي كفلها النظام ويُعد قرارا عادلا جدا طالما لا يخرج عن إطار الشرع والدين، خصوصاً مع تزايد الحالات في المجتمع التي تعاني من تسلط الذكور في أسرتها أو من ظلم زوجة الأب وخلافه، ويفضل أن تستقل بذاتها بدلاً من الهروب والوقوع في الخطأ، وهذه القرارات تجعل الأسرة أكثر تفهماً لمتطلبات بناتهم بحيث تكون العلاقات الأسرية أكثر مودة ورحمة وهذا ما تحتاجه البنات حتى لو حقوقها تسكن بمفردها لن تفعلها».ضرورة التوعية وتكاتف شرائح المجتمعأشارت الباحثة في القضايا الاجتماعية هوازن الزهراني إلى أننا في عصر تمكين المرأة ومنحها كافة الحقوق في شتى مناحي الحياة، وكل ذلك تواجهه صعوبة في الحوار والتعامل مع الأبناء لمشاكل متعددة نفسية واجتماعية لأولياء الأمور، وبذلك تحدث هذه الدعاوى الكيدية التي يرفعها أولياء الأمور ضد أبنائهم، ومن الضروري التوعية وتكاتف كافة شرائح المجتمع باحتواء الأبناء والحوار معهم، والحقوق التي منحها النظام للمرأة هي بالأساس موجودة في الدين الإسلامي، وعلى الفتيات تفهم ومراعاة الوضع الجديد على الأسرة.
مشاركة :