قال عميد الصحفيين الخليجيين رئيس تحرير جريدة "السياسة" الكويتية أحمد الجارالله، إن السياسة التركية تحولت في عهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من صفر مشكلات إلى صفر علاقات.وأضاف الجارالله - في افتتاحية جريدة "السياسة" اليوم الأحد، تحت عنوان (تركيا الأردوغانية .. من صفر مشكلات إلى صفر علاقات) - أنه عندما تم إعلان الجمهورية التركية على أنقاض السلطنة العثمانية، رفع مؤسسها مصطفی کمال أتاتورك شعار : "السلام في الوطن والسلام في العالم"، وسارت السياسة الخارجية على هذا المنوال طوال العقود الماضية، مشيرا إلى أنه في 2013، أعاد وزير الخارجية التركي آنذاك أحمد داود أوغلو، تأكيد الأمر عبر نظرية "سياسة صفر مشکلات مع دول الجوار"، رغم أن شهية التدخلات الإقليمية كانت حينها مفتوحة على كل الاتجاهات، لاسيما التدخل الإيراني في العراق، سوريا، ولبنان، فيما نهض غول "الإخوان" ليلتهم الدول العربية واحدة تلو الأخرى تحت ستار "الربيع العربي".ولفت إلى أنه في تلك الفترة، بلغ الناتج القومي التركي 784 مليار دولار، فيما أعلنت أنقرة خطتها لتحقيق تريليون دولار في 2023، وتوسيع علاقاتها مع مختلف دول العالم، مشيرا إلى أن كل هذه الآمال الممكنة التحقق، تبخرت إثر التغيير الواضح في سياسة "حزب العدالة والتنمية"، بعد أن بدأ الرئيس رجب طيب أردوغان السعي إلى التعويض عن الفشل في إدخال بلاده الاتحاد الأوروبي، بإحياء مشروع سلطنة بني عثمان؛ حيث تدخل في الصراع السوري، والعراق، وكذلك لبنان، ولاحقا الصومال، واليمن، وأذربيجان، فيما بدأ حشد قواته على الحدود مع اليونان، ما أدى إلى تحول سياسة "صفر مشکلات مع الجوار"، إلى صفر علاقات مع العالم.وتابع أنه بعد ذلك، انخفض التبادل التجاري التركي الأوروبي في الأشهر الماضية بنحو 30%، وكذلك الحال مع شمال أفريقيا، خاصة الدول العربية منها، ليتراجع إلى الحدود الدنيا؛ حيث أعلنت المغرب أخيرا فرض ضريبة على 1200 منتج تركي، فيما تراجع التبادل مع بعض دول الخليج بنحو 65%، لافتا إلى الدعوة الشعبية في السعودية لمقاطعة المنتجات التركية، والتي بدأت تغير معالم العلاقات الاقتصادية بين الدولتين بشكل جذري.وأكد الجارالله أن انخفاض التبادل التجاري لتركيا مع العديد من دول العالم، أدى إلى ارتفاع معدل الجريمة في تركيا إلى 51.6%، بسبب عدم الاستقرار المعيشي، بعدما تدهور سعر صرف الليرة من 2.5 مقابل الدولار الأمريكي إلى 7.94، فيما ارتفع معدل البطالة إلى 13.6%، ما يعني زيادة في الضغط على الاقتصاد المريض أساسا، ما يدفع إلى المزيد من القلاقل السياسية، فضلا عن الإنفاق العبثي على العسكرة في الدول التي تحارب فيها القوات التركية والمرتزقة المستخدمة فيها، مثل ليبيا أو أذربيجان.وأضاف عميد الصحفيين الخليجيين رئيس تحرير جريدة "السياسة" قائلا "أمام هذا الوضع، لم يجد المارد التركي الذي كان يعتبر من أقوى اقتصادات العالم، واحتل المرتبة 18 بين الدول العشرين، إلا قطر، أصغر دولة خليجية .. يلجأ إليها ليسد العجز في دعم حروبه وصراعاته، لاسيما أن النظام السابق فيها توهم قدرته السيطرة على الدول العربية المهمة من خلال "الإخوان" الإرهابيين، فيما جعل الدوحة مأوى لهم . صحيح أن تركيا استغلت هذا الوضع، وأخذت توظف الأموال التي تحصل عليها في تلك الحروب، لكن بعد تغير النظام، ومجيء الأمير تميم بن حمد، تحولت قطر دولة طاردة لكل ما يمكن أن يشكل مصدر تهديد لها، وكأنها تعيد بذلك عقارب الساعة إلى القرن التاسع عشر، حين طردت الحامية العثمانية منها، في وقت اعتقدت في اسطنبول حينذاك، أنها سيطرت على الساحل الغربي للخليج، من خلال إمساكها بزمام قطر، لكن بني تميم رأوا في ذلك تفريطا كبيرا بحريتهم، ونهبا عثمانيا لأموالهم".وتابع الجارالله قائلا، :"من شاهد تعابير رجب طيب أردوغان وهو يستعرض حرس الشرف القطري في ختام زيارته للدوحة إلى جانب الأمير الشيخ تميم بن حمد، يدرك جيدا أن الرجل قد عاد إلى أنقرة بخفي حنين، فصنبور المال الذي كان مفتوحا في العهد السابق قد أقفل، وقطر حاليا ليست في وارد الخروج على الإجماع الدولي في تصفية البؤر الإرهابية وخفض التوترات إقليميا، والتي تكون في ليبيا وأذربيجان، وإن كان بعض إعلامها منحازا إلى التدخل التركي هناك".
مشاركة :