قال تعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا). صدق الله العظيم.كان يوم الثلاثاء الموافق 29 سبتمبر 2020 يوما حزينا.صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت قد تم اختياره في عام 2006, وكان وزيرا للخارجية, شارك في مؤتمرات وندوات دولية عدة تناولت مواضيع سياسية تهم الكويت بصفة خاصة والدول الخليجية العربية بصفة عامة، كان يمتاز بطلاقة عفوية، صريح جدا، حاسم جدا فيما يخدم الشعب الكويتي الذي كانت نظرته لهم كنظرته لأبنائه, كان محبوبا من الجميع ولم يكن يتصور أن يصبح أميرا لدولة الكويت الشقيقة، مع أن الجميع كانوا على يقين من انه سيكون رجلا ناجحا في الحياة، بدأ نشاطه السياسي في سن مبكرة في داخل صفوف الدبلوماسية وكان مدافعا عن حقوق الإنسان الكويتي ورجل القرار والتنفيذ مجرد استلامه أميرا لدولة الكويت، استطاع أن يجمع حوله فريق عمل، ومن مبادئه انه لا يقبل بأنصاف الحلول، لكنه منفتح على الحوار، لا يخشى النقد، وله من المبادئ إيمانه بضرورة استخدام التخطيط التكنولوجي والتصميم على استثمار الثروات الطبيعية والثقافية والحفاظ على دور الكويت الحضاري.ولعل هذا الرجل اسم على مسمى حينما لقب بأمير الإنسانية، والميزة الفريدة فيه انه وضع في أعماق قلبه حق وطنه عليه وكان أن اختار الوفاء والحق، ولم يتخذ من عهده طوال حكمه للكويت مجالا للتباهي، إذ جمع العوامل البشرية لينمو فيها فقط الحس الإنساني والوطني. كان يمتلك ملامح الإرادة على جعل المستحيل ممكنا، وهذا ما حصل فعلا من إنجازات وبنية تحتية واقتصاد قوي مما جعل حكايته في كل بيت كويتي، فالخطى التي سارها أصبحت انعكاساتها واضحة المعالم على الأرض حتى وصلت إلى العزة والتقدم، هذا قليل من كثير لمجريات حياته، أما شخصيته فقد بانت عندما كان وزيرا للخارجية ثم ابان حكمه للكويت من ثقة بالنفس وحبه للوطن (الكويت) واهتمامه بالناحية الاجتماعية والاقتصادية، إذ كان يعتبرها جزءا من تصوره الشامل للكويت اليوم وللغد المشرق، ومن خلال حكمه الذي امتد إلى أربعة عشر عاما، كان يتحلى بصفات عرفها المقربون منه والذين رافقوه عن كثب، فهو أبعد الناس عن حب التباهي، هذا هو رجل الإنسانية الذي رأى فيه الكويتيون الرجل ذا الروح الطيبة والقلب الكبير الذي أصبح اسمه اسما على مسمى (أمير الإنسانية). كان نبأ وفاة أمير الكويت قد ألقى بظلاله على جميع مناطق الكويت والأمتين العربية والإسلامية ودول العالم بفقدان ابنها البار صباح الأحمد الجابر الصباح، وقد قال عنه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله: «فقدنا قائدا حكيما كرس حياته في خدمة شعبه وأمته». ويعد الفقيد الأمير الخامس عشر لدولة الكويت، وقد أثمرت قيادة الأمير الراحل منذ يناير 2006 خلق دبلوماسية متزنة في المنطقة هي دبلوماسية المساعي الحميدة في العمل الإنساني، وكان أبرزها دوره في الوساطة في الأزمة الخليجية، في عام 2014 منحت الأمم المتحدة الأمير صباح لقب قائد العمل الإنساني لجهوده في مجال العمل الخيري والدعم الإنساني والإغاثة في مختلف أنحاء العالم، ومن أبرز الألقاب التي حصل عليها الأمير الراحل (أمير الإنسانية ورجل السلام وزعيم المعالجة على المستويين العربي والدولي).ولد أمير الكويت الراحل في محافظة الجهراء في 19 يونيو 1929. ويعد الراحل الأمير الخامس عشر, في 1954 عين عضوا في اللجنة التنفيذية العليا، من مهامها تنظيم مصالح ودوائر الحكومة ومتابعة خططها، وكان عمره في ذلك الوقت 25 عاما، تم تدرج بعد ذلك في المناصب الحكومية ثم عين عضوا في المجلس الأعلى الذي كان بمثابة مجلس وزاري يدير أعمال الحكومة, وكان عضوا في المجلس التأسيسي الذي اختص بوضع دستور الكويت, تولى الراحل الشيخ صباح الأحمد عدة حقائب وزارية، أهمها (الإرشاد والإعلام) كما شغل أيضا منصب نائب رئيس الوزراء في مارس 1981 حتى 9 فبراير 1982 بعد ذلك عين رئيسا لوفد الكويت في الأمم المتحدة والجامعة العربية، قبل أن يتولى عام 1963 حقيبة وزارة الخارجية التي ظلت بحوزته حتى عام 1991, وفي يونيو 2003 صار رئيسا لمجلس الوزراء الكويتي.وفي 2006 عين اميرا للكويت بعد مبايعة مجلس الأمة بالإجماع خلفا لسعد العبدالله السالم الصباح، وقد نعاه رؤساء دول وملوك، من بينهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وسلطنة عمان وولي عهد ابوظبي، والرئيس اليمني، والرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، والرئيس الفلسطيني والرئيس اللبناني، والرئيس الروسي وغالبية دول العالم، وخير خلف لخير سلف نودي على الشيخ نواف الأحمد الصباح أميرا لدولة الكويت، حيث تولى الشيخ نواف الكثير من المناصب المهمة في العمل السياسي، وكان ذلك في فبراير 1967 عندما تولى منصب محافظة حولي، إذ تمكن من تحويل المحافظة من قرية إلى مدينة حضارية وسكنية وتجارية, وفي سنة 1978 من شهر مارس تولى حقيبة وزارة الداخلية خلفا للأمير الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح الذي تولى منصب ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء في بداية عهد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، وفي يناير 1988 تولى الشيخ نواف منصب وزير الدفاع واستطاع أن يطور العمل بشقيه العسكري والمدني. وتكريما واعتزازا للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أقيمت في مساجد الكويت ودول الخليج العربية صلاة الغائب على فقيد الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. قال تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي). صدق الله العظيم. نسأل المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والأبرار والصبر والسلوان لشعب الكويت الشقيق وأسرة آل صباح.
مشاركة :