أداء البنوك الخليجية في ظل جائحة كورونا

  • 10/18/2020
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تطرقنا في مقالات سابقة إلى الأداء المالي المتوقع للبنوك الخليجية في ظل جائحة كورونا، وقد ذكرنا أنه بالرغم مما تتمتع به هذه البنوك من أوضاع مالية جيدة فإن انخفاض أرباحها خلال هذا العام هو مسألة متوقعة للغاية، وذلك بسبب تراجع أعمالها من جهة، واضطرارها إلى زيادة المخصصات من جهة أخرى. وما جعلنا نعود إلى هذا الموضوع هو صدور بعض التقارير العالمية التي ترصد أداء البنوك الخليجية خلال النصف الأول من عام 2020.فقد أصدر كي بي أم جي مؤخرا تقريرا حول أداء البنوك الخليجية المدرجة للنصف الأول من العام وقد أظهر انخفاض أرباحها بنسبة 34.7% لتبلغ 12.3 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2020 بالمقارنة مع 18.8 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي. كما ارتفعت مصاريف الخسائر الائتمانية المتوقعة بنسبة 76.8% خلال النصف الأول من العام الجاري لتبلغ 9.4 مليارات دولار. وهذه المؤشرات من وجهة نظرنا تعتبر طبيعية، إذ ركزت البنوك على بناء مخصصات أكبر تحسبا للتداعيات القادمة للجائحة، كما عملت على تحسين التكلفة وزيادة الإنتاجية بغية التعويض عن انخفاض الإيرادات.كما يظهر التقرير جملة إجراءات الدعم الذي قدمته الحكومات الخليجية والبنوك المركزية لحماية الاقتصاد والمجتمع والأفراد والبنوك من تداعيات جائحة كورونا، وقد تصدرت البحرين من حيث حجم الدعم المقدم بالنظر إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 30% تليها سلطنة عمان بنسبة 28% ثم الإمارات بنسبة 17%. وقد تمثلت الإجراءات التنظيمية الداعمة للبنوك في تأجيل الأقساط ودعم السيولة وتخفيض أسعار الفائدة وتخفيف المتطلبات التنظيمية وغيرها من الإجراءات.على صعيد آخر، تتوقع وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني أن تواجه البنوك الخليجية تحديات متواصلة حتى عام 2021 بسبب طول مدة التعافي الاقتصادي المتوقعة. وبنت الوكالة توقعاتها على أن لقاح جائحة «كورونا» سيكون متاحا على نطاق واسع بحلول منتصف 2021 تقريباً، وان سعر برميل النفط سيستقر عند متوسط 50 دولارا. وتوقعت أن تنمو اقتصادات دول الخليج بمتوسط 2.4% في 2021، مقارنة بانكماش بنسبة 5.6% في العام الحالي. وفي الوقت الذي تتوقع الوكالة أن يبقى نمو الإقراض ضعيفا في دول الخليج، باستثناء السعودية، حيث توسّعت القروض العقارية بسرعة على خلفية مبادرة حكومية لزيادة ملكية المنازل في البلاد، ورجحت استمرار زيادة كلفة المخاطر مع تسارع كشف الأصول المشكوك فيها، مشيرة إلى أن عائدات الفوائد ستبقى أقل من مستوياتها التاريخية، بسبب سياسة الفدرالي الأمريكي المتمثلة في خفض أسعار الفائدة لفترة أطول. كما تتوقع أن تستمر ربحية البنوك الخليجية بالانخفاض، مع الإبلاغ عن خسائر قليلة بسبب تعرضها لفئات الأصول العالية المخاطر مثل الشركات الصغيرة والمتوسطة وبطاقات الائتمان، أو في حالات قليلة في أسوأ الأحوال بسبب نقص المخصصات. وسيؤدي هذا إلى دفع إدارات البنوك الخليجية إلى النظر بعناية أكبر في التكاليف، ومحاولة الاستفادة من الفرص المتعلقة بالتكنولوجيا المالية وتقليل عدد الفروع. مع ذلك، فإن هيكل محافظ التمويل ورسملة البنوك الخليجية القوية توفر الدعم لجدارة الائتمان. كما أن الودائع الأساسية والمستقرة مازالت تهيمن على قطاع التمويل مع مساهمة محدودة من التمويل الخارجي، إلا أن رساميل البنوك الخليجية قوية من الناحيتين الكمية والنوعية، وتحميها من الصدمات، إذ تشير الوكالة إلى أن 65% من توقعاتها لتصنيفات البنوك الخليجية مستقرة. أما وكالة موديز فقد توقعت أن تؤدي أزمة كورونا المستجد وانخفاض أسعار النفط إلى تسريع وتيرة الاندماج والاستحواذ للمصارف في دول مجلس التعاون الخليجي، في سعيها لخفض التكاليف، حيث إن البنوك تواجه ضغوطا لإجراء تعديلات أكبر في الكلفة، مع انخفاض أسعار النفط، وتسعى البنوك لمواجهة ضغوط تراجع الإيرادات. لذلك، فإن كفاءة التشغيل هي المفتاح للحفاظ على الربحية.ووفقا للوكالة، فإن هناك فائضاً في عدد المصارف الخليجية نسبة إلى عدد السكان، إذ يتجاوز عدد المصارف نحو 160 بنكاً تقدم خدماتها لنحو 58 مليون مواطن ومقيم، وجاءت الإمارات في الصدارة بنحو 48 بنكاً، ثم السعودية والبحرين بنفس عدد البنوك بنحو 31، والكويت 22 بنكاً، وعمان 18 بنكاً.وكما أن البنوك الخليجية تقوم بمعظم عمليات الإقراض خارج قطاع النفط المهيمن، يميل النمو في القطاعات غير النفطية إلى الارتباط بشكل إيجابي بأسعار النفط، لأن عائدات إنتاج النفط والغاز تغذي حكومات المنطقة بشكل مباشر، وهي العمود الفقري للإنفاق الحكومي الذي يدفع بقية الاقتصاد.لقد شهدت دول المنطقة خلال السنوات الماضية، وتحديدا منذ عام 2014، إثر انخفاض أسعار النفط موجة كبيرة من الاندماجات، ومن المتوقع أن نشهد موجدة جديدة من هذه الاندماجات بهدف إنشاء مؤسسات مالية أكبر وأكثر مرونة تستجيب بصورة أكبر لمتطلبات التحول الرقمي والاستثمار في التكنولوجيا واستيفاء المتطلبات الرقابية، والمساهمة الفعالة في مرحلة التعافي ومن ثم في مرحلة النمو المستدام للاقتصادات الخليجية.  رئيس اتحاد المصارف العربية سابقارئيس جمعية مصارف البحرين

مشاركة :