بات من ضرورات الحياة إلحاق الطفل بالروضة قبل التحاقه بالمدرسة، وهي خطوة هامة للطفل فالسنين الدراسية في الروضات صارت مهمة ولا مجال لتأخير الطفل سنة واحدة عن الروضة فبذلك سيتدنى مستواه الدراسي ولن يستطيع اللحاق بما فاته، فالمدرسة الحكومية لم تعد كالسابق، صارت تعتمد اعتماداً كُلياً على الروضة لتعليم الطفل الأساسيات ثم تبدأ هي بالباقي. على هذا فإن الروضة أصبحت مرحلة دراسية هامة جداً لا يمكن للأب التخلص من أعبائها، والعجيب أن أعباء الروضة قد تفوق أعباء المدرسة، فكل مناسبة يجب أن يتم الاحتفال بها في الروضة وتقديم الهدايا وارتداء الملابس الجميلة أو الأزياء التنكرية، عيد ميلاد فُلان وعيد ميلاد فُلان، وإن لم تكن هناك مناسبة فالروضات تختلق مناسبات من تحت الأرض، يوم الأصفر ويوم الأزرق، والأطفال مأخوذون بكل هذه البرامج التي تعد لها المُعلمات ولذا من الصعب أن يكره الأطفال الروضة، ولكن هذا ليس مبرراً لارتفاع أسعار الرسوم الدراسية والمطالبة بالمال بشكل مستمر بحجة إقامة حفلة أو الذهاب لرحلة أو لإهداء مُديرة المدرسة هدية. لا ننكر التعليم الجيد الذي تقدمه الروضات بشكل جميل ومفهوم والاهتمام البالغ على رغم تفشي أخبار كثيرة مثل موت طفل داخل الحافلة، وغيرها من الحوادث التي أدت إغلاق ومساءلة العديد من الروضات. عديلة حسن (مُعلمة) وأم لخمسة أبناء تقول: «الروضات أصبحت تجارية وكل روضة تُنافس الأخرى في ارتفاع الأسعار علاوة على ذلك المتطلبات المستمرة، كل فعالية يطلبون مبلغاً نقدياً، يستنزفوننا استنزافاً، أني أنفق مبلغاً وقدره 300 دينار بحريني للطفل الواحد في الفصل الدراسي الواحد ناهيك عن مصاريف القرطاسية». أما زينب عبدالله (أم لأربعة أبناء) تقول: «تفرح الأم بوصول طفلها لمرحلة الروضة وتبدأ في تجهيز الطفل نفسياً ومعنوياً لهذه المرحلة الجديدة ولكن تُصدم بالمصاريف الكثيرة». وتسترسل زينب «العام الماضي دفعت للروضة رسوم القرطاسية وكان المبلغ 40 ديناراً لأتفاجأ بعد ذلك بورقة كبيرة تصلني ممتلئة بالطلبات من دفاتر وأقلام وألوان وأشياء كثيرة، فلا أعلم ماذا يُقصد برسوم القرطاسية إذ كان يجب علينا توفيرها، يكون على الوالدين توفير الزي الرسمي والشنط والأحذية وأيضاً يجب دفع ما يُقارب الـ 100 دينار قبل شهر سبتمبر/ أيلول لكل طفل، وهذا العام سوف يكون عندي طفلان في الروضة وبالتأكيد سوف يكون السعر مضاعفاً، وكل هذا في الروضات العادية وليست الخاصة». وفي سؤالٍ طُرح على أم حسين مُديرة روضة رفضت الإفصاح عن اسمها واسم الروضة، عن سبب ارتفاع أسعار رسوم الروضة بشكل جنوني يهلك المواطن، ناهيك عن الرسوم اليومية للرحلات وأعياد الميلاد وغيرها، فعلقت أم حُسين «أنا أتكلم عن روضتي، رسومي معتدلة ومعقولة ورسوم الرحلات جداً قليلة، أما أعياد الميلاد فأولياء الأمور يقيمونها على حسب قدرتهم وليس لنا دخل في مصاريفها». وقالت: «الروضة تحمل عبئاً كبيراً والكثيرون لا يعرفون ذلك، فنحن ندفع رواتب الموظفين والتأمين والإيجار والكهرباء وصيانة الروضة بكل ما فيها كما نوفر الألعاب التعليمية والترفيهية إلى جانب متطلبات الوزارة المرهقة، ونعاني أيضاً من الغلاء، كل ذلك تحمله الروضة على أكتافها». حميدة العفو معلمة في إحدى الروضات تقول: «زيادة رسوم الروضات عملية طردية مع زيادة متطلبات وزارة التربية والتعليم قسم رياض أطفال، منها متطلبات حماية الطفل ومتطلبات المناهج الدراسية والألعاب». وقالت حميدة: «زيادة رسوم الروضات لا تعني زيادة رواتبنا نحن الموظفات فالراتب يظل ضئيلاً». أما شريفة العَبدان (أم وطالبة جامعية) تَقول: «أصبح هَوس الموازنة يؤرقني بسبب تكاليف الروضة، ابني يبلغ من العمر حين دخوله الروضة أقل من 3 سنوات ومنذ ذلك الوقت كُل تفكيري عن أفضل روضة من ناحية التعليم والألعاب والمعاملة والنظافة والأمان، الآن كَبر طفلي وبلغ الخامسة، صحيح أنه استفاد كثيراً من هذه الروضة ولكن لابد أن تخفف الروضات على الآباء وخصوصاً ذوي الدخل المحدود».
مشاركة :