كيف يمكن أن تؤثّر الانتخابات الأمريكية في سوق الأسهم العالمية؟

  • 10/20/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

شادي كرباج * لم تترك جائحة فيروس كورونا الكثير من المجال للحديث عن مواضيع أخرى في الأسواق هذه السنة، لكن الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستجري بعد شهر تقريباً، ولا شك في أن انتباه المستثمرين سيتحول إلى مجريات الأمور على الساحة السياسية الأمريكية في الفترة التي تمهد للانتخابات في نوفمبر، وإلى كيفية تأثير النتائج المختلفة في أداء أسواق الأسهم الأمريكية. وتشير البيانات على مر التاريخ، إلى أن تقلّب سوق الأسهم يميل إلى الارتفاع في الأشهر التي تسبق الانتخابات الأمريكية، ويعود ذلك إلى حالات عدم الاستقرار السياسي، وإعادة التقييم المستمرة لاستطلاعات الرأي، وتوقعات السوق. بالإجمال، يدعم تقدّم المرشح الجمهوري أسعار الأسهم، إذ يفضّل الجمهوريون عادة السياسات التي تزيد من أرباح الشركات، وأرباح المساهمين. وفي المقابل، يحظى تقدم المرشح الديمقراطي بتأثير معاكس في أسعار الأسهم، إذ يركّز الديمقراطيون عادة على إعادة توزيع الثروة، والحقوق، والمنافع الاجتماعية. علاوة على ذلك، تحقق الأسواق عادة أداءً أفضل عند بقاء الرئيس الحاكم في منصبه لعهد ثانٍ. ويعود الأمر في ذلك من جديد إلى المزيد من الوضوح، ويمكن أن يكون للتحوّل من حكومة جمهورية إلى جمهورية ديمقراطية تأثير سلبي في أسعار الأسهم، لأن المستثمرين يأخذون في الاعتبار التغييرات غير الملائمة للأعمال، على غرار التنظيمات الأكثر صرامة، والضرائب المرتفعة على الشركات، وما إلى ذلك. غير أنّ الأوضاع مختلفة هذه المرّة. فالاقتصاد الأمريكي يواجه ركوداً غير مسبوق بسبب جائحة عالمية خربت الأعمال على كل المستويات. وتوجّه انتقادات كثيرة إلى دونالد ترامب لسوء إدارته لأزمة الصحة العامة التي جعلت من الولايات المتحدة الأمريكية البلد الأكثر تأثراً بالجائحة في العالم. ومع ما يناهز 15 مليون عاطل عن العمل، ودين حكومي يرتفع بسرعة جنونية، لم يخرج الاقتصاد الأمريكي من مرحلة الخطر بعد، على الرغم من أن التصحيح بشكل V في أسواق الأسهم الأمريكية لا يعبر عن حقيقة أساسيات الاقتصاد الفعلي التي تتناقض مع ما يجري في الواقع. وبحسب مجلة «فوربس» يعدّ سوق الأسهم والاقتصاد مؤشرين أساسيين لمَن يفوز في الانتخابات الرئاسية، وتشير إلى أن تفادي الركود في السنتين اللتين تسبقان الانتخابات مؤشر أساسي لإعادة الانتخاب. ففي القرن الماضي، تمت إعادة انتخاب الرؤساء الذين نجحوا في تفادي الركود خلال فترة السنتين هذه. كذلك، كان الأداء الإيجابي في مؤشر «ستاندرد أند بورز 500» خلال الأشهر الثلاثة التي تسبق الانتخابات إشارة مهمة للغاية إلى أن الرئيس الحالي سيُعاد انتخابه، فيما يشير أداء سلبي لهذا المؤشر إلى أن حكومة جديدة ستستلم زمام الأمور. ووفقاً لمجلة «فوربس»، فإن أداء هذا المؤشر كان متوافقاً بنسبة 87% مع نتائج الانتخابات الرئاسية منذ عام 1928، و100% منذ عام 1984. ولكن في الماضي، كان أداء سوق الأسهم متماشياً نوعاً ما، مع الوضع الاقتصادي، ومن الواضح جداً أن الوضع مختلف هذه السنة. فقد طالب دونالد ترامب باستمرار بتخفيف قيود السياسة النقدية التي يعتمدها «الفيدرالي»، وكانت هذه السياسة السبب الأساسي لتحقيق أرقام قياسية في الأسهم الأمريكية. فقد ضخت حزم التحفيز النقدية والمالية الضخمة كمية هائلة من السيولة في الأسواق المالية، ما أدى إلى التعافي الأسرع في أسعار الأسهم بعد دخول سوق في حالة هبوط. في غضون ذلك، تُرك الاقتصاد الحقيقي خلف فورة السوق، ولم يشهد سوى تعافٍ معتدل. وبالتالي، إذا نظرنا إلى حالة الاقتصاد الحقيقية، نجد أنّ دونالد ترامب في وضع صعب، لأنّه كان ضحية الركود. وفي حال أعيد انتخابه، ستحتفل «وول ستريت» على الأرجح على المدى القصير، لكن على المدى الطويل، ستكون المعايير الاقتصادية الأساسية هي من سيحدد حجم التأثير. ولا شكّ في أنّ انتخابات عام 2020 ستسلّط الضوء على ما الذي يهم المقترعين الأمريكيين أكثر: هل سيكون أداء سوق الأسهم، أم الاقتصاد الحقيقي؟ وقد أظهرت استطلاعات الرأي أن جو بايدن يتفوق على دونالد ترامب بنسبة تفوق 10%، مع أن آخر الاستطلاعات تشير إلى أن تقدم بايدن تراجع بحدة منذ شهر يونيو/ حزيران. لكن لا تشهد الأسهم الأمريكية أي توتّر بفعل تفوق بايدن. المستثمرون مقتنعون بأن جائحة «كوفيد-19» ستحمي بطريقة ما، مكاسبهم الرأسمالية، حتى ولو كانت الحكومة ديمقراطية. من ناحية أخرى، حتى لو تسلمت السلطة حكومة من الديمقراطيين، وأدت إلى رد فعل سلبي، وانخفاض 2-3% في مؤشرات الأسهم الأمريكية، تطمئننا البيانات على مدار التاريخ، بأن بيع الأسهم التلقائي كان قصير المدة، وتعافت الأسهم في السنة التي تلت، بغض النظر عن الفائز. إلى ذلك، بدأ زخم الذهب يضعف، ومع أننا لا نتوقع انخفاضاً كبيراً، قد يبقى التداول متقلباً. أمّا في ما يتعلّق بالدولار الأمريكي، وعلى الرغم من أننا لا نتوقع أي تغيير في السياسة النقدية الأمريكية، إلا أنه قد يبدأ باستعادة الثقة في حال فاز بايدن بالانتخابات، وتبدأ العوائد الأمريكية تجتذب المستثمرين من جديد. أمّا السيناريو الأسوأ فهو في حال خسر ترامب الانتخابات، ولم يقبل بالنتائج. في هذه الحالة، سيتم استهلاك قدر كبير من وقت الحكومة الأمريكية واهتمامها، ورأس المال السياسي على الأزمة الدستورية التي ستنشأ. ومن المرجح أن يؤدي مثل هذا الوضع السياسي والقانوني المضطرب الذي يطال أكبر ديمقراطية واقتصاد في العالم إلى هزّ الأسواق العالمية، فيما يحبس العالم أنفاسه ليرى إلى أين ستؤول الأمور. سواء فاز ترامب، أو خسر، فمن الأفضل الإبقاء على نسبة 10 إلى 15 % نقداً من مجموع المحفظة في حال نشوء أي فرصة استثمارية أخرى. * نائب المدير التنفيذي ل «سويسكوت بنك» - دبي

مشاركة :