تساءل موقع «أوبن ديموكراسي»، عما إذا كان لبنان قد أصبح دولة بوليسية. وأضاف في مقال لـ «وليد الحوري»: بعد عام من الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد، وبعد شهرين ونصف الشهر من انفجار ميناء بيروت، تقوم النخبة اللبنانية بقمع المعارضة.وتابع يقول: في الأشهر الـ12 التي انقضت منذ أن اندلعت الاحتجاجات في البلاد، سقط لبنان أولًا في دوامة من الأحداث المتسارعة، بقيادة نخبة غير كفؤة وفاسدة لم تتحمّل بعد المسؤولية عن أي من جرائمها التي لا تُعدّ ولا تُحصى. وأردف: قبل عام، أدى تراكم فشل الدولة والصعوبات الاقتصادية وفقدان الثقة في المؤسسة السياسية إلى اشتعال المظاهرات في جميع أنحاء البلاد. امتزج الغضب بالأمل في إنتاج «ثورة أكتوبر»، ليبدو أن التغيير الحقيقي ممكن. لكن اليوم، الغضب باقٍ والأمل أقل.وأشار إلى أن المؤسسة السياسية اللبنانية بدلًا من أن تتبنّى خيار تنفيذ الإصلاحات، حتى لو كانت ضئيلة، أو الحد من الفساد حتى ولو مؤقتًا، لمنع التدمير الكامل لاقتصاد البلد وحياة الناس، اختارت القمع.الاختلاس من الدولةومضى يقول: لعقود من الزمان، اختارت النخبة الحاكمة طريق الاقتراض بلا هوادة لسداد الديون الوطنية المتزايدة باستمرار حتى تتمكّن من الاستمرار في الاختلاس من الدولة. لكن الفقاعة انفجرت في النهاية.وأردف يقول: كان سعر العملة اللبنانية ثابتًا عند 1500 ليرة مقابل الدولار منذ 1997. وفي أغسطس 2019 بدأ سعر الصرف في التذبذب، وبعد بضعة أشهر كان هناك 6 أسعار مختلفة للدولار. السعر الرسمي لا يزال عند 1500 ليرة. لكن في واقع السوق السوداء، وصل إلى ما يقرب من 9000 ليرة.وتابع يقول: نظرًا لكونه اقتصادًا بالدولار، ويعتمد بشكل كبير على الواردات، يمتلك الكثير في لبنان حسابات بالدولار، لكن البنوك منعت الوصول إليها، بينما يقوم كبار المودعين بتهريب المليارات إلى الخارج.وأردف: تُقدّر إحدى وكالات الأمم المتحدة أن 55% من الناس يعانون من أجل الحصول على الضروريات، وهو رقم ضعف معدل العام الماضي. وكان كل هذا يحدث قبل انتشار الوباء.تدمير الحرياتوأضاف: في أغسطس، دمّر انفجار هائل في ميناء بيروت جزءًا كبيرًا من العاصمة، قتل أكثر من 200 شخص وجرح الآلاف، عدد لا يُحصى من الأشخاص بلا مأوى، بما في ذلك العديد من العمال المهاجرين واللاجئين، لا يمكن تجاهل جريمة بهذا الحجم. لكن حتى الآن، لم يتم تحميل أي شخص المسؤولية. التحقيق غارق في عدم الثقة في سلطة أظهرت مرارًا وتكرارًا عدم كفاءتها وفسادها.وبحسب الكاتب، بدلًا من مواجهة أي من العِلل العديدة التي تعاني منها البلاد، كثّفت المؤسسة حملتها على المعارضة وحرية التعبير.ونقل عن واصف الحركة، وهو ناشط بارز وعضو في المرصد الشعبي لمكافحة الفساد، قوله: هناك أكثر من مجرد تراجع في الحريات في لبنان، هناك تدمير منهجي لهذه الحريات نتيجة منطق إضفاء الطابع الأمني على الحكم. هناك حملة ترهيب، حيث يتم استدعاء الصحفيين والنشطاء بشكل منهجي للاستجواب أو الاعتقال أو المحاكمة.تحديات متزايدةومضى الكاتب يقول: في العام الماضي، واجه الصحفيون والنشطاء تحديات متزايدة، مع انعدام الأمن والتهديدات القادمة من كل من مؤسسات الدولة والبلطجية التابعين لمختلف الأحزاب السياسية في السلطة.ونقل عن نور حيدر، المحامية في منظمة «ذي ليجال» غير الربحية في بيروت، قولها: الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الحملة لا يشملون الشرطة فحسب، بل يشملون أيضًا الجيش، ومخابرات الجيش والحراس الشخصيين للسياسيين، وأنصار الأحزاب السياسية، والمدّعين العامين الذين وجّهوا اتهامات قاسية بشكل غير متناسب ضد المتظاهرين واحتجزوهم أسابيع دون سبب.ونقل عن الحركة قوله: هذا النظام لديه أدوات تشغيلية مختلفة تحت تصرّفه في هجومه على الحريات، بما في ذلك الميليشيات والبلطجية.ولفت الكاتب إلى أن القوى التي تقود هذا الهجوم على الحرية تدور حول شبكة لبنان المعقدة من السلطة السياسية والمالية والطائفية، مضيفًا: الجيش والشرطة والقضاء كلها جزء من نفس الشبكة التي تضم العديد من رجال الأعمال البارزين والمصرفيين والسياسيين ووسائل الإعلام، إذا لم يكن ذلك كافيًا، غالبًا ما يكون لدى الأحزاب السياسية والنخبة جيش أو ميليشيا أو بلطجية تحت تصرّفهم عندما يفشل كل شيء آخر.النظام القضائيونوّه الكاتب إلى أن واحدة من المشاكل الرئيسية في لبنان هي النظام القضائي نفسه، مشيرًا إلى أن السلطة القضائية هي أداة في يد السلطة السياسية، لذلك فليس من المستغرب أن تنشغل المحاكم بمقاضاة الصحفيين والنشطاء، بينما يتمتع المسؤولون عن الانهيار الاقتصادي والفساد والانفجار الذي حدث مؤخرًا في الميناء بالإفلات من العقاب.ونقل عن حيدر قولها: احتشد المتظاهرون للتعبير بحرية عن رفضهم للنظام السياسي والاقتصادي الحالي، وواجهوا عمليات قمع عنيفة، القانون اللبناني واضح في الأهمية الأساسية لحرية التعبير والحق في التظاهر، على الرغم من ذلك، استخدمت الدولة الاعتقالات الجماعية لقمع الاحتجاجات والاستجوابات بشأن ما يُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي.وبحسب المنظمة اللبنانية غير الحكومية SMEX، فإن الهجمات استهدفت المواطنين والصحفيين والمجتمع المدني ولم تقتصر على مَن ينتقدون أو يسخرون من الشخصيات السياسية أو الدينية. كما كانت هناك قضايا ضد مَن يفضح الوضع المالي للدولة.مأزق سياسيوتابع الكاتب يقول: بينما يؤدي الفقر والانهيار الاقتصادي إلى إثارة الغضب وجني العنصرية، يستمر المأزق السياسي. يرفض القادة تقديم تنازلات خشية أن يفقدوا القوة التي تُتيح لهم تجنب المساءلة، يؤدي الفشل في تحقيق العدالة وإنفاق الموارد على اضطهاد النشطاء إلى استمرار الأزمة.ونقل عن حيدر قولها: الحريات التي يمنحها القانون اللبناني تآكلت بشدة، حيث سُمح لنظام العدالة الجنائية بملاحقة المتظاهرين والصحفيين، هذا يشير إلى اتجاه مُقلق نحو تحصين دولة بوليسية في لبنان.ونقل عن الحركة قوله: الدستور اللبناني يضمن الحرية، لكنهم يستخدمون النص القانوني في خدمة المؤسسة الحاكمة وليس من أجل العدالة.وأشار الكاتب إلى أن الوعد بمكافحة الفساد بات جزءًا أساسيًا من خطاب أي سياسي فاسد.
مشاركة :