التصوير الفوتوغرافي تحت الماء، يحتاج إلى الكثير من المهارات، أهمها السباحة والغوص، فالمصور يغوص في أعماق البحر لالتقاط صور رائعة، وهذا يتطلب التحكم في الكاميرا، والقدرة على توثيق اللحظة تحت الماء، واقتناص الفرص للخروج بصور إبداعية قد لا تتكرر.. «» تحاورت مع مجموعة هواة جذبهم عالم الأعماق لتصوير الحياة في قاع البحر، والتعرف على الحياة البحرية وكشف أسرارها. يقول أحمد آل علي، مصور فوتوغرافي وباحث علمي مغرم بالحياة الفطرية والبحرية، وحاصل على ماجستير في علوم البيئة «الأحياء» من جامعة الإمارات، إنه شارك في الكثير من الكتب والمجلات العلمية، بالإضافة إلى حصوله على العديد من الجوائز في مسابقات التصوير الفوتوغرافي المحلية والعالمية، كما حصل على العديد من الرخص الدولية للغوص في تخصصات متعددة، تتيح له مجالاً أفضل في التحكم والسيطرة على الذات تحت الماء، مما يفتح مجالاً إبداعياً أكبر في التصوير. ويضيف: «هناك العديد من التفرعات في التصوير تحت الماء، أهمها «التصوير التوثيقي» الذي يستخدم لأغراض علمية لتوثيق الحياة البحرية للاستفادة منها في الأبحاث وغيرها، أما «التصوير الفني»، فهو الجزء الممتع للمجتمع المتذوق والمتلقي لصور الأحياء البحرية، ويحتوي على العديد من التفرعات، وهناك أيضاً تصوير الأحياء الصغيرة «الماكرو» والتي يركز المصورون فيها على الكائنات الصغيرة التي تقاس بالمليمترات إلى بعض السنتيمترات فقط، كالأسماك الصغيرة والقشريات وبعض الرخويات». ويورد آل علي أن هناك تصوير المناظر واسعة الزاوية، أو المناظر الطبيعية تحت الماء، كمناظر الحيد المرجاني، بما يزخر به من مرجان ملون وخلاب، أو أسطول أسماك كبيرة أو حيتان وغيرها، كما أن هناك أنواعاً فنية أخرى مثل تصوير سلوكيات الحياة البحرية وقت الأكل أو الصراع أو رعاية البيض وغيره، كذلك تصوير الحطام وهو من الأنواع المعروفة بين المصورين، حيث إن المجال متسع في التصوير تحت الماء بشكل فني، وللمصور حرية اختيار الأسلوب المحبب له ومحاولة تطويره وتقديم الأفضل. جماليات البحر أما سلطان الذهب، ماجستير مهني في التنمية البشرية ومصور فوتوغرافي، وحاصل على ترخيص كبير غواصين من منظمة بادي العالمية، فإن شغفه يتمركز حول الغوص والمغامرة والقراءة والتصوير، ويقول: «في أواخر عام 2016، كنت ضمن حلقة يقدمها مدرب غوص، وكان يحدثنا دائماً عن الحياة تحت الماء، وروعة المناظر والمخلوقات، وكيف أنها تجربة تستحق أن نخوضها، فوجدت نفسي منذ أيام الغوص التدريبي أحمل معي كاميرا بسيطة، أصور من خلالها المناظر الجميلة والمخلوقات التي نصادفها أثناء الغوص، ومع تكرار الغوص واستكشاف المزيد من الجماليات التي تتجلى فيها عظمة صنع الخالق، وجدت أن شغفي بالتصوير قد امتزج مع مغامرة الغوص، لتخلق في داخلي ذلك التحدي وتلك الرسالة التي تبنيتها، وهي أن أخرج بتلك الجماليات البحرية تحت الماء إلى النور، وربما إلى العالم أجمع». ويضيف سلطان: «الذي يثير الفضول والشغف بالنسبة للكائنات البحرية أن لها مجتمعاً مختلفاً عن مجتمعنا وظروفاً مختلفة، تلك الكائنات تعيش بقوانين مختلفة في ظروف استثنائية، وتنتهج مسارات حياتية مختلفة وغريبة تجذبنا إلى هذا العالم الغامض، ومن جانبي أجد الغوص النهاري يجذبني بسبب اتساع أفق الرؤية وعناصر الأمان، لكن الشغف يدفعني للمغامرة بغواصات ليلية لمشاهدة الكائنات المختلفة التي لا تكون موجودة خلال النهار، وبفضل ذلك شاركت في الكثير من المعارض، وحصلت على مراكز متقدمة، وحظيت بفرصة نشر إحدى الصور في مجلة (ناشونال جيوغرافيك) لكائن بحري قمت بتصويره، ولا تزال المنافسة مستمرة، وتعطيني دافعاً للمشاركة والاجتهاد لإيصال الرسالة للمجتمع والعالم حول جمال البيئة المائية». رحلات الغوص حمد الحوسني، مهندس اتصالات غواص ومصور، تقدم للحصول على رخصة الغوص لتبدأ رحلته في الأعماق عام 2007 في مدينة أبوظبي، ومن ثم في إمارة الفجيرة وسلطنة عُمان، ومع مرور عامين واكتساب الخبرات بدأ في الاتجاه إلى شرق آسيا، ويقول: «بدأت بتصوير مقاطع فيديو وتنزيلها على (يوتيوب)، بعد أن تعلمت تقنيات الإخراج، وتقنية معالجة الفيديو، إلى أن وصلت إلى مرحلة تؤهلني إلى عمل مادة إعلامية متكاملة من ناحية الإخراج، واختيار الموسيقى وكتابة السيناريو والتعليق بصوتي، ولي مواد فيلمية عدة أقوم بطرحها عبر قناتي. وبالطبع، كان عالم البحار هو الدافع الرئيسي لحرصي على تعلم التصوير تحت الماء، وقررت قبل خمس سنوات تجربة السباحة مع الحيتان، وكانت منعطفاً قوياً في مسيرتي البحرية، حيث نجحت في السباحة مع الحوت الأزرق، وبدأت بعدها رحلات إلى البحر الكاريبي وأستراليا وتونجا وبالاو والمكسيك للبحث عن كل ما هو نادر». ويضيف الحوسني، أن طبيعة الرحلات التي أقوم بها تتكون من أربعة أنشطة، فهناك رحلة الغوص الريفي التي تعتمد على غطسات نهارية وليلية، ومعظم الغواصين يعشقون الغوص الليلي، حيث تنعدم أشعة الشمس وتكون إضاءة الكشاف مبهرة، حيث إن ألوان البحر تظهر بكامل حلتها، على عكس الغوص النهاري الذي تختفي في الألوان حسب العمق، لذا نستعمل الفلاش الضوئي لتعويض نقص الألوان، والنوع الثاني هو رحلات السباحة مع الحيتان وهي رحلات متعبة؛ لأن مكان الحوت غير معروف، على عكس أماكن الغوص الترفيهي، فالتنقل في القارب مع الأمواج والتركيز في البحر لساعات طويلة أمر متعب، ولكن سهولة الأمر تكمن في عدم الحاجة لمعدات غطس فالسباحة كافية، والنوع الثالث هو رحلات اكتشاف السفن الغارقة التي دائماً ما يكون وراء غرقها قصة وأحداث غريبة وحزينة، وهي عبارة عن متحف من الواقع لم يمسسه بشر أو يحركه من مكان لآخر، وكانت رحلتي إلى «بالاو» مليئة بالسفن الغارقة التي تعود إلى الحرب العالمية الثانية، والنوع الرابع هو الغوص في الكهوف، سواء في المياه المالحة أو العذبة، فقد غصت في المكسيك في شبه جزيرة «يوكتان» التي تحتوي على مئات الكهوف الأفقية التي تشكلت بسبب النيزك الذي ضرب كوكب الأرض منذ ملايين السنين، وكل نوع من هذه الرحلات له جماله الخاص وعشاقه من الغواصين. الطبيعة البحرية أحمد الكعبي مصور فوتوغرافي، بدأ شغفه الضوئي في عام 2011، عندما اكتشف موهبته كمصور فوتوغرافي، ويقول: في عام 2016، خضت تجربة الغوص مع زملاء لي لمجرد الاستكشاف، وغصت على عمق 10 أمتار في إحدى مناطق دبا الفجيرة الجميلة وشاهدت الحياة البحرية، المرجان، والأسماك، وبعض الكائنات البحرية الصغيرة، التي لا يزيد حجمها على سنتيمتر، وقد أصبت بالذهول والإعجاب بخلق الله عز وجل، وتملكني شعور لا يوصف، وقررت أن أنقل هذا الجمال لعالمنا فوق الماء، ويضيف: «أستمتع بالتصوير النهاري والليلي، ففي الغوص النهاري أستمتع برؤية شعاع الشمس تحت الماء في الأعماق، وهي تخترق المياه، وصولاً إلى المرجان والنباتات والأعشاب والكائنات البحرية، وما يميز الغوص ليلاً هو السكون والهدوء التام، وأيضاً مشاهدة الكائنات البحرية التي تبدأ حياتها ليلاً، والغوص الليلي يحتاج إلى مهارة عالية، ويجب أن يكون الغواص على علم بأسرار المكان. رحلة غطس أشار حمد الحوسني، إلى أن رحلات الغطس أصبحت بالنسبة لي رحلة تعليمية وشاقة في الوقت ذاته، فقبل أي رحلة أقوم بدراسة تاريخ المكان وتعلم القليل من لغة سكانه، ودراسة الطبيعة البحرية وأفضل أوقات الزيارة للحصول على أفضل تصوير من حيث حالة الجو وصفاء المياه، مع تفهم قوانين التصوير إن كانت هناك أي ممنوعات كاستخدام «الدرون» ومن ثم أبدأ القيام بالرحلة، وكثيراً ما أهتم بنقل ثقافة بلدي إلى هذه الجزر البعيدة، لاكتساب مودتهم في وقت قصير، مما يسهل مهمتنا في الحصول على أفضل خدمات ومعلومات توصلنا إلى أهم أماكن الغوص في المنطقة. «السمكة الصخرية» عن الكائنات البحرية، يقول أحمد الكعبي: «هناك كائنات بحرية لا تستطيع رؤيتها بسهولة مثل (السمكة الصخرية) والتي تظهر مثل الصخرة تحت الماء، وتحمل 13 شوكة ظهرية، فعندما يحاول الغواص الإمساك بها تنغرس أشواكها السامة في يديه؛ لذا تُعد من الكائنات البحرية الخطيرة، والتي قد تؤدي إلى الوفاة خلال ساعة»، ويوضح: «منذ بداية مسيرتي الفوتوغرافية تحت الماء تخصصت في تصوير الماكرو، حيث سافرت إلى دول عدة لتصوير الكائنات البحرية، ومنها إندونيسيا، الفلبين، مصر، عمّان، تايلاند، وماليزيا، وقد وثقت صوراً فنية عديدة لكائنات بحرية متنوعة، ومع ذلك ما زلت مغرماً بتصوير حياة الناس، حيث وثّقت حياة الباجاو، وهم بدو البحر في ماليزيا».
مشاركة :