واشنطن – سيحتفل الزوجان باميلا وأفشين راغبي بعيد زواجهما العاشر في ديسمبر المقبل، لكن نتيجة الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر ستحدد ما إذا كانت مناسبة سعيدة أم سيخيّم عليها تواصل الانفصال القسري. وقالت باميلا باكية “أريده أن يعود إلى المنزل”، بعد عامين من مغادرة زوجها الولايات المتحدة لإنهاء إجراءات قانونية روتينية للحصول على الإقامة الدائمة، لكنه منع من العودة بسبب “الحظر على المسلمين” الذي فرضه الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ففي يونيو 2018، أيدت المحكمة العليا الحظر الثالث الذي فرضه ترامب وتمحورت قيوده على مواطني خمس دول مسلمة هي إيران وليبيا والصومال وسوريا واليمن، بالإضافة إلى كوريا الشمالية وفنزويلا. وقدّر محلل في معهد كاتو، وهو مركز أبحاث ليبرالي في واشنطن، أنه بحلول أكتوبر 2019 تضرر أكثر من 15 ألف زوج وأطفال صغار تبناهم مواطنون أميركيون، لكنّ العدد قد يكون أعلى بكثير الآن. لكنّ الأعداد ومهما كانت كبيرة لا تروي قصص الأسرة التي شتّتها ومزقها قرار الرئيس الذي أعلن يوما أنّ “الإسلام يكرهنا”. والتقى الزوجان راغبي في صيف العام 2010، حين كانت باميلا تعمل موظفة استقبال في دار للمتقاعدين في سياتل، حيث جاء أفشين فني الزجاج لأداء مهمة عمل. وقالت باميلا “على الفور تأثرت بمدى لطفه مع النزلاء لدينا”، لتقرر التقرب وبدء حديث معه، وتواعد الثنائي قبل أن يتزوجا في نهاية العام نفسه. بحلول أكتوبر 2019 تضرر أكثر من 15 ألف زوج وأطفال تبناهم أميركيون، لكنّ العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير الآن وبدأ الزوجان راغبي مشروعهما التجاري للنوافذ والأبواب، وأسسا سويا حياة سعيدة. وولد أفشين البالغ 51 عاما في إيران وتحول إلى طفل مجند في الحرب ضد العراق في ثمانينات القرن الماضي. وعمل لاحقا سائقا، لكنّ عناصر الأمن السري اعتدوا عليه بسبب رفضه التجسس على مديره. وهرب الإيراني إلى السويد وهو في العشرين من عمره ليستقر مع شقيقته، ومثلها، اعتنق المسيحية. لكن نظرا لتوفر القليل من التدريب الرسمي ومن ثم العمل، لم يستطع البقاء هناك وسافر في النهاية إلى الولايات المتحدة في عام 2006. واعتزم أفشين التقدم بطلب اللجوء استنادا إلى مخاوفه من الاضطهاد الديني إذا عاد إلى إيران، لكن القلق انتابه من تعرضه للترحيل لذا لم يقدم أوراقه رسميا. وقدم الزوجان طلب إقامة دائمة لأفشين في العام 2016 بعد أن اقتنعت إدارة الهجرة بأن زواجهما حقيقي. لكن بسبب دخول أفشين للبلاد بطريقة غير موثقة قانونيا، كان عليهما الحصول على استثناء إضافي، وهي عملية شاقة أخرى لكنهما حققاها بنجاح. ولإكمال المعاملات الورقية، اضطر أفشين إلى الخروج من الولايات المتحدة والعودة مجددا إليها، لكن السبل تقطّعت به في تركيا منذ عام 2018 بسبب حظر السفر. وقالت باميلا “شعرت أن بلدي قد طلقتني من زوجي”، وتفاقمت المأساة مع تزايد مصاعبهما المالية. لكنّ بعض القصص سجلت نهاية سعيدة بعد سنوات من النضال مثل قصة رامز الغزولي البالغ 31 عاما وزوجته أسماء كاظم العربين البالغة 28 عاما. فقد كانا زميلين في الكلية في دمشق لكن الحرب السورية شتتت عائلاتهما في أنحاء مختلفة من العالم. واستقر رامز في ولاية أريزونا حيث أصبح محلل أعمال للحكومة. وعاود المهاجر السوري التواصل مع أسماء، التي انتقلت عائلتها بدورها إلى تركيا في عام 2014، ودخلا في علاقة عاطفية قبل أن يتزوجا بالوكالة في عام 2015. ثم قدم الغزولي طلبا لتنضم زوجته إليه، ولكن عندما جاء موعد التقديم على التأشيرة في 2018، أخبرها المسؤولون أنها لا تستطيع الحصول على تأشيرة بسبب الحظر. وعلى الفور، بدأ رامز، الذي يؤمن تماما بطريقة عمل المؤسسات الأميركية، بالتواصل مع نواب ومسؤولي هجرة وحتى مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية للمساعدة في الحصول على استثناء. وفيما بدا أن كل محاولاته فشلت، تحوّل إلى وسائل الإعلام. لكن أخيرا في أكتوبر 2019، تلقى بريدا إلكترونيا لإبلاغه بأن تأشيرة أسماء جاهزة. وقال رامز “قد تظن أنها معجزة بعد أن ناضلنا بهذه الشراسة وكل تلك المدة”. والشهر الماضي، رزق الزوجان بطفلهما الأول رضوان. وأوضح محلل الهجرة في معهد كاتو ديفيد بيير، أنّ المرشح الديمقراطي جو بايدن وعد بإلغاء الحظر في اليوم الأول لرئاسته، لكن حتى لو حدث ذلك، فسيكون الأوان قد فات بالنسبة إلى الكثيرين. وأفاد بيير “نحن نتحدث عن علاقات انقطعت وزيجات انتهت ونتحدث عن أشخاص تلقوا رعاية من مواطنين أميركيين ليأتوا إلى الولايات المتحدة وهؤلاء الرعاة لم يعودوا موجودين لرعايتهم”. وهو سبب رئيسي في أن مجموعات حملات مثل تحالف “لا لحظر المسلمين على الإطلاق” تريد أن يمرر الكونغرس “قانون عدم الحظر”، الذي أقره مجلس النواب هذا الصيف والذي سيجعل الحظر التمييزي غير قانوني. ودعت باميلا، التي تضم عائلتها أنصارا لترامب، الناخبين إلى أن يتذكروا أن الولايات المتحدة أمة من المهاجرين وتستمد قوتها من تنوعها. وقالت “اذهبوا للتصويت صوّتوا.. صوّتوا! يجب أن تكون لدينا حكومة جديدة”.
مشاركة :