يتلقى أهالي نجوا من الموت في كارثة غرق مركب مهاجرين في البحر المتوسط مساعدة نفسية في صقلية بعد الفاجعة التي فقدوا فيها أبناءهم عندما انقلب مركبهم فأفلتوا منهم وجرفتهم الأمواج. وكان يفترض برحلة عبور المتوسط أن تكون بداية لحياة جديدة في أوروبا، لكن في مركز «سانت روزاليا» الذي تديره جمعية كاريتاس الإنسانية، يجلس الأهالي المفجوعون الذين أنقذوا من البحر قبالة السواحل الليبية كمخدرين يراقبون الأطفال الناجين ويتساءلون عن المستقبل. ويبذل أطباء نفس ومتطوعون وعناصر من منظمة أطباء بلا حدود كل ما بوسعهم للتخفيف عن 367 ناجيا نقلتهم سفينة دورية آيرلندية إلى صقلية بعد أن أنقذتهم من كارثة الأربعاء. وفي فناء المركز تعانق طبيبة النفس آنا كولوتا سيدة محجبة ثم أخرى. وعلى مقربة منهن ثلاثة أطفال ما زالوا ينتعلون أحذية بلاستيكية تم توزيعها عليهم لدى نزولهم من السفينة الخميس، يلعبون مع أحد المتطوعين. وقالت كولوتا: «غرق المركب الأربعاء أكبر فاجعة من نوعها لأن بين الجثث المنتشلة والمفقودين الكثير من الأطفال». وبين الناجين أم سورية شابة كانت تأمل في الالتحاق بزوجها في السويد مع ابنهما، لكنها شاهدته يغرق مع مركب الصيد. وقالت كولوتا عن الوالدة الشابة: «غادرت بفكرة مستقبل مليء بالأمل ثم وقعت كارثة. اتصلت بزوجها تخبره ولم تتكلم منذ ذلك الحين». ووصفت الشرطة الجمعة مشاهد عنف وخوف في اللحظات التي سبقت المأساة. ونقلت الشرطة عن ناجين أن المهربين قاموا بضربهم بسكاكين وجلدهم بأحزمة. وتم اعتقال خمسة مشتبه بهم من ليبيا والجزائر وتونس بعد أن قال شهود عيان إنهم حبسوا نحو 250 من الركاب اليائسين في المركب قبل وقت قصير من وقوع الكارثة، دون إعطائهم فرصة للنجاة عندما غرق المركب. وقالت كولوتا إن الناجين بحاجة لمساعدة «في حمل عبئهم النفسي والعاطفي». وقالت كيارا مونتالدو المنسقة في جمعية أطباء بلا حدود عن صقلية «إنهم بحاجة للتكلم والتنفيس» وشرحت أن منظمتها استحضرت فريقا من المساعدين إلى المركز «الذين يتحدثون نفس اللغة ولديهم نفس التقاليد». وأضافت: «أهم شيء أن هؤلاء الأشخاص يشعرون أن صوتهم مسموع لأنهم في ضياع كلي، فقدوا أبناءهم في بلد لا يعرفونه، لذا فإن الحصول على شيء يذكرهم بثقافتهم أو معتادون عليه، مسألة أساسية». وقالت كولوتا إن الناجين يعانون مرتين «فإضافة إلى غرق المركب فقدوا أبناءهم»، وكل ذلك بعد عناء رحلة طويلة وصعبة وغالبا ما تكون خطرة من ديارهم إلى نقاط انطلاق في ليبيا. وقالت: «نحتاج للوجود على مقربة منهم لمساعدتهم في تشاطر المعاناة». والتعامل مع الأطفال الذين فقدوا أشقاء أو شقيقات أو آباء يختلف. وتشرح كولوتا: «معهم الأمر يتعلق باللعب، يجب أن نصرف انتباههم. يلعبون وعندما اللعب يحمون أنفسهم من شيء أكبر منهم». ويحاول المتطوعون إذا كان ذلك ممكنا، الاتصال هاتفيا بأقارب للأطفال ليتكلموا معهم. وللصغار يمكن أن تدعي سيدة أنها والدتهم، صوت امرأة على الهاتف غالبا ما يطمئنهم. ولا يخبر أصغر الصغار أن والديهم توفوا «نقول لهم إن والدتهم ذهبت للعمل وإنها في الخارج». وللأمهات تقول كولوتا: «إنهن خارقات - لديهن قوة وشجاعة رائعة كي يتعلقن بالحياة والمستقبل. هن متأكدات من أن حياتهن يمكن أن تصبح أفضل». وأضافت: «إنه استكشاف ودرس للجميع». وترمز لهذا المستقبل ناجية فقدت ثلاثة من أبنائها في البحر المتوسط لتكتشف لدى وصولها الخميس إلى إيطاليا بأنها حامل. وفي غضون ذلك يبدأ مئات اللاجئين المرهقين رحلة متعبة جديدة للعبور من صربيا إلى المجر، علهم يسبقون انتهاء بودابست من بناء سياج يمنعهم من دخول الاتحاد الأوروبي، آملين أن تكون هذه آخر محاولاتهم الخطرة في مغامرة البحث عن حياة جديدة. يسعى هؤلاء إلى استغلال فرصة عدم انتهاء السلطات المجرية من بناء سياجها على طول الحدود لمنع تدفق اللاجئين إليها. والمجموعة مؤلفة بشكل أساسي من سوريين فروا من النزاع الدموي الذي يعصف في بلادهم منذ ما يزيد عن أربع سنوات، آباء يحملون أطفالهم فوق أكتافهم، وأمهات يتمسكن بأطفالهن إلى جانبهن وبينهم رجل مصاب في رأسه إثر لقاء بحسب قوله، مع «مافيا صربية». ويقول محمد، الطبيب الشاب من حمص «نمشي سويا لنحمي بعضنا. السفر مخيف خاصة للنساء والأطفال ونحن نتحرك ليلا لتفادي الشرطة. ما نريده ببساطة هو الوصول إلى ألمانيا أو السويد». وتحولت الحدود بين صربيا والمجر إلى نقطة أساسية لعبور اللاجئين الفارين من ويلات الحرب بحثا عن حياة أفضل في الاتحاد الأوروبي ومجال شينغن (التأشيرة الموحدة). وسجلت المجر وصول أكثر من مائة ألف طالب لجوء منذ بداية العام الحالي، أي الضعف مقارنة بعام 2014. ويبدو أن هذا الرقم في ازدياد، إذ إن نحو 1500 لاجئ ينجحون بالدخول إلى المجر يوميا مقارنة مع ألف شخص منذ أشهر عدة. وغالبية اللاجئين يجدون في صربيا طريق العبور الأنسب إلى المجر.
مشاركة :