لقد تميزت المرأة البحرينية في القطاع التعليمي في إدارة الأزمة عن طريق دعمها للتعليم الافتراضي المدمج منذ بداية جائحة كورونا حضرت المرأة البحرينية في الصفوف الأمامية كطبيبة وممرضة وأخصائية مختبر وصيدلانية وغيرها من مهن القطاع الصحي، وسطرت في ذلك قصص نجاح مبهرة شاطرتها مع زملائها من الرجال المنتسبين الى هذا القطاع، شهد عليها جل أفراد المجتمع البحريني. علاوة على هذا القطاع الحيوي، أبرزت الجائحة أهمية قطاعات أخرى، ربما أهمها في الوقت الراهن هو قطاع التعليم الذي تفانى في تحويل التعليم التقليدي الى تعليم رقمي في زمن قياسي. ولعل احتفال العالم في الأسابيع السابقة، بتاريخ 5 أكتوبر تحديدًا، بيوم المعلم العالمي واحتفال المملكة بيوم المرأة البحرينية في مطلع شهر ديسمبر يدعو بمكان الى الالتفات بشكل خاص الى الدور الجوهري الذي تلعبه المعلمة البحرينية في الصفوف الأمامية؛ لضمان ديمومة عملية التعليم والتعلم وضمان جودة المخرجات التعليمية، ومواصفات الخريج التي وضعتها نصب أعينها المؤسسات التعليمية في مملكتنا الغالية، تساندها في ذلك المؤسسات التعليمية الحكومية والمجلس الأعلى للمرأة وإدارة من خلال تقديم الاستشارة والدعم المستدام. مع توفير التعليم عن بُعد لأكثر من 1.5 مليار طالب حول العالم في 165 دولة من قبل حوالي 63 مليون معلم ومعلمة، حسب آخر إحصاءات اليونسكو، نلتمس كيف أصبح دور المعلم محوريًا كونه المزوّد الرئيس للمادة العلمية التي يستلزم تقديمها بشكل تفاعلي حي. محليًا، ومع وجود أغلب الطلبة في المنازل في ظل التعليم عن بُعد، وجدت المعلمة في المدارس الحكومية والخاصة والأكاديمية في مؤسسات التعليم العالي نفسها أمام تحديات غير مسبوقة، فقد أدى إغلاق المدارس في بداية الجائحة، ومن ثم التحول الرقمي الى التعلم عن بُعد، إلى أن تشمر المرأة البحرينية العاملة في القطاع التعليمي عن ساعديها وتتلقف بشكل سريع ولافت جميع الإرشادات الصادرة عن صناع القرار التربوي، والتي تمخّضت في رقمنة المواد التعليمية في وقت قصير وتوفيرها للدروس الإلكترونية منذ الصباح الباكر، بعد تحضير دقيق ومتابعة الطلبة وإدارة الوقت عن بُعد وإدارة الصف بشكل قيادي، والتأكد من استخدام طرق تعليمية مبتكرة لجذب انتباه الطلبة بشكل تفاعلي، وإدارة الصفوف الافتراضية في منصات إدارة التعلم الإلكترونية، بالإضافة الى حضورها للرد على استفسارات الطلبة خارج أوقات الدوام الرسمي عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي. هذا التحدي لازمه تحدٍ من نوع آخر، إذ أدركت ضرورة رفع مهاراتها في مجال تطويع التقنيات التعليمية المتاحة لتطوير العملية التعلمية والتعلمية، فوجدناها تستخدم منصات إدارة التعلم الوزارة والحلول التقنية مثل القنوات التلفزيونية والإذاعية بكل حرفية، مستفيدة من ذلك من فرص التدريب الجمة التي توفرها المؤسسات التعليمية لتوفير فرص للتطوير المهني المستمر، ويتزامن ذلك مع التعلم الذاتي الذي تمارسه حول كيفية تفعيل البرامج والتطبيقات والمواقع الإلكترونية التفاعلية ذات الجودة العالية في صفوف التعلم عن بُعد، ومن ثم نقل المعرفة وتقديم الدعم لمحيطها التربوي عن طريق عقد الندوات وورش العمل وباستخدام وسائل التواصل الاجتماعي المباشرة وغير المباشرة. كانت وما زالت المرأة العاملة في هذا القطاع في دائرة الضوء تدير العملية التعليمية التعلمية خلال أزمة كورونا بإتقان، بيد أن التحدي الأكبر ينعكس في تزامن حتمية حضورها المستمر معلمةً لأجيال واعدة في فترة صعبة، وحتمية حضورها أمًا تتابع التحصيل العلمي لأبنائها في آن واحد، فأصبح من مسؤولياتها متابعة حضور أبنائها للدروس الإلكترونية والتأكد من حل جميع المشاكل التقنية المتعلقة بذلك، منذ بداية الدوام المدرسي الرسمي وحتى انتهائه، ومن ثم تدريسهم ما استصعب عليهم من الدروس، وهو ما استلزم عليها تثقيف نفسها في مجالات الأدب والرياضيات والعلوم والفنون وتقنية المعلومات وغيرها، ثم مساعدتهم في حل الواجبات والتجهيز البراغماتي والنفسي لما يتطلبه الغد المدرسي، يدعمها في ذلك شريكها في الحياة الأسرية ولكن بنسبة أقل بكثير حسب آخر إحصاءات مكتب المرأة التابع لمنظمة الأمم المتحدة، فقد زادت الأعباء المنزلية عليها بمعدل ثلاثة أضعاف حسب إحصاءات مجلة فوربس، مثلها في ذلك مثل جميع الأمهات العاملات في الصفوف الأمامية، الأمر الذي قد يؤدي في العقود القادمة الى تغيير النمط المعياري الخاص بالأدوار المنزلية وتقديم الرعاية بين الجنسين حسب عدد من الدراسات. لقد تميزت المرأة البحرينية في القطاع التعليمي في إدارة الأزمة عن طريق دعمها للتعليم الافتراضي المدمج، وتكثيف جهودها وتحمّلها أعباءً وظيفية وحياتية جديدة دون كلل أو تذمر، بل بتفانٍ منقطع النظير، لتحقق التوازن بين تلبية نداء الواجب الوطني والمهني في العملية التعليمية وبين رعاية الأطفال وتعليمهم منزليًا، وبين التطوير الذاتي لمهاراتها في تقنية المعلومات واستخدام أحدث طرق التدريس المبتكرة وغير التقليدية المرتكزة على الطالب والأدلة الإجرائية، واضعة نصب أعينها ليس مصلحة أبنائها فحسب، بل مصلحة جميع الطلبة وأولياء أمورهم والتوقعات المجتمعية لتعليم الجيل الناشئ، فلها كل التقدير والإجلال لها كشريك رئيس في دفع عجلة التنمية الوطنية والتقدم المستدام، يساندها في ذلك بقية الشركاء من زملائها المعلمين والأطباء والمهندسين والعلماء والاقتصاديين من الجنسين الذين يستحقون منا جميعًا أن نقدرهم ونرفع لهم القبعة. باحثة وأكاديمية - جامعة البحرين [email protected]
مشاركة :