أكد عدد من الحرفيين أن المملكة ستشهد مستقبلا مزدهرا في الحرف والصناعات اليدوية، ولكن لا يزال القطاع بحاجة لتطوير وإضافة لمسات عصرية تتواءم مع العصر والجيل الحالي، كما يحتاج لمراكز ومعاهد تدريبية وتسليط ضوء أكبر عليه.وأشاروا إلى أن الحرف والصناعات اليدوية تمثل موروثا ثقافيا وصناعيا واقتصاديا للدول والثقافات المختلفة، وشهدت المملكة صناعات وحرفا متنوعة تتابعت ممارستها جيلا بعد جيل، كما اشتهرت مناطق عدة بالنشاط الحرفي، منها المنطقة الشرقية، ومكة المكرمة، وعسير والقصيم وغيرها، حيث تتمتع المملكة بأنواع متعددة من الخامات والمواد، التي تستخدم في الحرف اليدوية، وفي المنطقة الشرقية تتركز أنواع عديدة من الصناعات الحرفية أبرزها البشوت، والفخار، والأقفاص، والخوصيات، والحلويات الشعبية، والأدوات المعدنية، وشباك وأقفاص الصيد البحري وغير ذلك. وشددوا على أن المملكة أولت هذا المجال اهتماما بالغا، حيث يعمل البرنامج الوطني للحرف والصناعات التقليدية «بارع» على تأسيس 17 مركزا للإبداع والتطوير الحرفي في المواقع الثقافية في أنحاء المملكة، ونتج عن ذلك تشغيل مراكز في المدينة المنورة والقصيم والأحساء، كما تضمن نظام السجل الحرفي والصناعات اليدوية الذي يقوم عليه برنامج «بارع» 4127 حرفيا مسجلا بنهاية 2019، حوالي 15% منها في المنطقة الشرقية، و21% في منطقة مكة المكرمة، و12% في الرياض.طابع الحداثةأكدت الفنانة التشكيلية عبير الخليفة أن مستقبل الحرف والصناعات اليدوية في المملكة في تطور وتقدم متسارع نحو التميز والاحترافية والدقة والمهارة العالية وصقل المواهب والهواة، والتعرف عليهم وجذبهم للساحة، وخلق روح التنافس والعمل، وتطوير منتجاتهم ومهاراتهم، ما سيكون له أثر كبير في تنشيط سوق الحرف والصناعات اليدوية، كما التفتت وزارة الثقافة للمجالات الحرفية بشكل قوي وأعطتها اهتماما كبيرا مؤخرا، ما كان له أثر في تحفيز الحرفيين والهواة لتقديم أنفسهم ومنتجاتهم للساحة، بالإضافة إلى طابع الحداثة على بعض الحرف، فبدأنا نرى في الأسواق وعلى منصات التسوق الإلكتروني كثيرا من المنتجات الحرفية، التي أخذت طابع الحداثة والتميز العصري، واستهوت كثيرا من المقتنين. وأضافت إن أبرز ما ينقص هذا المجال هو وجود أكاديميات ومعاهد متنوعة ومهيأة تعطي اهتمامها في التعليم والتدريب المهني والتقني لشتى الحرف والصناعات، والتطور الحرفي والمنتج الحرفي وطرق تسويقه للوصول به إلى العالمية، وقد يكون السبب في عزوف الناس عن الحرف وقلة انتشارها هو قلة الوعي لأهمية هذه الحرف ودورها في دفع عجلة التنمية، وكذلك قلة الجهات التي تدعم العمل اليدوي وتطور من شأنه، وضعف الوعي بأهمية الحرف والصناعات في صقل وتهذيب نفوس النشء، ودفع عجلة التقدم ورفع الشأن الصناعي والثقافي للوطن.التطوير والابتكاروأكدت الحرفية معصومة الحمدان أن الحرف قابلة للتطوير والابتكار، وقالت: في مجال حرفة الخوصيات مثلا، التي تعد من التراث الثقافي، ابتكرت منتجا جديدا من سعف النخيل غير موجود في دول العالم، وأيضا تطوير صناعة الشنط الخوصية وجعلها تماثل شنط الماركات العالمية، وأصبحت تستخدم في وقتنا الحاضر مثلما كانت تستخدم في الماضي، وهذا التطور يجعل الحرفة تستمر دون انقطاع، ومن أمنياتي، كحرفية مبتكرة ومطورة لمنتجات النخلة، تدوين هذا الابتكار من الجهات المختصة باسم المملكة.وحول عدم انتشار الحرف اليدوية بين أفراد المجتمع في الوقت الحالي، ذكرت أن ذلك يعود إلى أن الحرف اليدوية متعبة ومجهدة ولا تدر المال، لذلك لا يهتم بها سوى الهواة، كما أنه لا يوجد دعم مادي للحرفيين مثل بعض دول الخليج، مؤكدة أن الحرف ستزدهر من بعد رؤية 2030، داعية إلى تطوير المجال بشكل أكبر، لأنه بحاجة لعمل معاهد وتدريسه فيها، وأيضا تدريسه للطلبة في المدارس العادية.مستقبل مشرقوأوضح النحات صالح الجار الله أن مستقبل الحرف اليدوية مشرق وواعد بعدم اندثار تلك الحرف، ومهرجان الجنادرية أكبر دليل على استمرار الموروث الشعبي، وقال: توجد أسباب كثيرة لعدم انتشار الحرف، منها الإعلام وعدم تسليطه الضوء على تلك الحرف، وعدم وجود ورش ودورات للحرفيين تدعم الحرفية أو الصناعة، كما أن معظم القائمين على الحرف من كبار سن، وهذا أحد أسباب عدم انتشار الحرف بالمقارنة بالفنون البصرية، كما يحتاج مجال الحرف لاهتمام من الإعلام بجميع أنواعه، وإلى الدعم، خاصة الدعم المادي للحرفي، وتقديمه في المهرجانات والمسابقات وإقامة الدورات للحرفيين.فن السدووقالت الفنانة والحرفية والمصممة والمدربة المعتمدة لفن السدو الشامل رفعة الرحيل: الحرف منتشرة حاليا بتطور ومستقبل باهر ومفيد للوطن، وفن السدو مهم منذ قديم الزمان، فكان يعمل منه بيت الشعر والذواري والأروقة والمزاود والعدول وبساط الجلوس، والآن بدأت بتطوير هذا الفن بعمل رسومات وكتابات وشعارات وعلم المملكة ومعالمها وأبراجها، وكذلك الشنط وغيرها، كما أن كل أعمالي في السدو تواكب العصر وتتماشى مع رؤية 2030، ولكن ما ينقص المجال هو استمرارية التدريب على فن السدو، وهنا فإن كلمة فن السدو شاملة كل ما يطور هذا الموروث التراثي حتى لا يندثر، فيجب علينا نشره وتعليمه للأجيال القادمة بما يفيدهم ويحببهم فيه.وتابعت: وزارة الثقافة مستمرة بالمحاولة والتطوير بإنعاش الحرف، ولكن مازلنا بحاجة للإكثار من الورش والتدريب على السدو خطوة بخطوة مثل «مبادرتي» للوطن، حيث افتتحت قناة مجانية في تدريب السدو على موقع يوتيوب، بما يعود على بنات وأبناء المملكة بالفائدة، وفعلا استفادوا الكثير من «مبادرتي» مع أنى افتتحتها منذ فترة وجيزة.وأكدت أن نشر الحرف اليدوية والتدريب عليها سيخلق مستقبلا وحاضرا باهرا، فالتراث الثقافي الحاضر نافذة على التراث القديم، وأي بلد بلا تراث فهي بلا تاريخ.
مشاركة :