وجهت مصر واليونان وقبرص، أمس، رسالة واضحة إلى تركيا مفادها أن الدول الثلاث ستتصدى للسياسات الاستفزازية، وانتهاكات قواعد القانون الدولي والتهديد باستخدام القوة المسلحة، والتعدي على الحقوق السيادية لدول الجوار في منطقة شرق المتوسط. وشددت الدول الثلاث على أن الحل السياسي الشامل الذي يعالج كل جوانب الخلل في الأزمة الليبية، يظل هو السبيل الأوحد لتحقيق الاستقرار. وبحثت القمة الثلاثية التي جمعت رئيسي مصر وقبرص ورئيس حكومة اليونان في نيقوسيا، أمس، التعاون الثلاثي في مجال الطاقة ومنتدى غاز المتوسط والقضايا السياسية الإقليمية في شرق المتوسط، وكذلك القضايا الدولية، خصوصاً مكافحة الإرهاب والهجرة غير شرعية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر صحفي مشترك: «هناك توافق في رؤى الدول الثلاث حول التطورات الإقليمية والدولية، لاسيما في منطقة شرق المتوسط، في ضوء السياسات الاستفزازية المتمثلة في انتهاكات قواعد القانون الدولي، والتهديد باستخدام القوة المسلحة، والتعدي على الحقوق السيادية لدول الجوار، ودعم التطرف والإرهاب، ونقل المقاتلين الأجانب إلى مناطق النزاعات». وأكد السيسي الاتفاق مع اليونان وقبرص على ضرورة التصدي لتلك السياسات التصعيدية، التي تزعزع استقرار المنطقة، إضافة إلى التنسيق مع الشركاء الدوليين لاتخاذ الإجراءات الضرورية للحفاظ على متطلبات الأمن الإقليمي. وقال الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس: «إن تركيا تنتهك الحدود البحرية بالتنقيب غير الشرعي في شرق المتوسط وبحر إيجة»، مؤكداً أن «ممارسات أنقرة تزيد التوتر شرقي المتوسط، وأن على أنقرة احترام قرارات الأمم المتحدة». إلى ذلك، قال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس: «إن ممارسات نظام رجب طيب أردوغان تظلم الشعب التركي»، مشدداً على أن أنقرة تتسبب بمخاطر في شرقي المتوسط، وتتبع سياسة توسعية تهدد المنطقة، وتنتهك القانون الدولي. وشدد كيرياكوس على أن تجاوزات تركيا لا تؤثر فقط على مصالح اليونان وقبرص، ولكن تؤثر أيضاً على الاتحاد الأوروبي، وأدت لمشاكل داخل حلف «الناتو»، مطالباً دول الاتحاد بوقف بيع السلاح لتركيا. وتكثف الدول الثلاث من التعاون والتنسيق منذ عام 2014، عبر تدشين آلية التعاون الثلاثي لتبادل الرؤى، إضافة لتوقيع ميثاق منتدى غاز شرق المتوسط إلى جانب شركاء آخرين، في ظل تصاعد حالة التوتر بين دولتي قبرص واليونان من جهة وتركيا من جهة أخرى بسبب ممارسات الأخيرة في منطقة شرق المتوسط والتي تنتهك فيها الحدود الخاصة بأثينا ونيقوسيا، وهو ما دفعهما لمطالبة الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على أنقرة لوقف انتهاكاتها. وقال السيسي، إن آلية التعاون الثلاثي قدمت نموذجين ناجحين لتعيين الحدود البحرية، استناداً لقواعد القانون الدولي وبنود اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، حيث وقعت مصر مع كل من قبرص واليونان اتفاقيتين في هذا المجال، وهو ما يعكس الإرادة السياسية المشتركة الهادفة إلى الاستفادة من الثروات المتاحة. وحول القضية القبرصية، أشار السيسي إلى دعم مصر لمساعي قبرص الرامية لإيجاد تسوية شاملة ودائمة للقضية القبرصية، استناداً إلى قرارات مجلس الأمن، على نحو يؤدى إلى إعادة توحيد شطري الجزيرة مرة أخرى. وتناولت المباحثات أيضاً الأزمة الليبية، حيث أكد السيسي الاتفاق على أن الحل السياسي الشامل الذي يعالج كل جوانب الخلل في الأزمة الليبية يظل هو السبيل الأوحد لتحقيق الاستقرار بهذا البلد الشقيق، وفقاً لما تم الاتفاق عليه في مسار برلين وإعلان القاهرة الصادر في يونيو 2020، مؤكداً أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية، وضرورة خروج كل القوات الأجنبية منها وتفكيك الميليشيات الإرهابية ونزع أسلحتها، وإعادة توحيد مؤسسات الدولة. أثينا: مزاعم أنقرة «أوهام إمبريالية» حثت اليونان، أمس، الاتحاد الأوروبي على إعادة النظر في الاتحاد الجمركي مع تركيا، رداً على مواصلة أنقرة لأنشطة التنقيب عن الغاز في منطقة متنازع عليها في البحر المتوسط، واستهجنت «الأوهام الإمبريالية» لدى تركيا. وأضاف ميتسوتاكيس: «القيادة التركية لديها أوهام باتباع سلوك إمبريالي، وبطريقة عدائية، بدءاً من سوريا وحتى ليبيا، مروراً بالصومال وقبرص ومن بحر إيجة وحتى منطقة القوقاز». وتابع أن على الاتحاد الأوروبي أن يلحظ «الانتهاكات العديدة» التي ترتكبها تركيا لاتفاق جمركي بينها وبين التكتل. وقال ميتسوتاكيس: «ليس من الممكن لدولة مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي أن تحصل على إعفاء من الرسوم الجمركية لتجني فوائد السوق الموحدة، وتهدد في ذات الوقت الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي».
مشاركة :