مع اشتداد صعوبات الحياة في سوريا، بعد مضي أكثر من 9 سنوات على اندلاع الحرب فيها، وفرض عقوبات اقتصادية جائرة من قبل الدول الغربية، والولايات المتحدة الأمريكية على البلاد، لجأت معظم الأسر في سوريا إلى إيجاد حلول للتغلب على صعوبات الحياة، وتدهور الأوضاع الاقتصادية لغالبية تلك الأسر من خلال إنشاء مشاريع صغيرة تساعدهم في قضاء احتياجاتهم على مدار الأيام. ام عاطف (57 عاما) امرأة من مدينة السويداء (جنوب سوريا) لم تقف مكتوفة الأيدي عندما شعرت أن راتب زوجها لم يعد يكفي متطلبات الحياة اليومية، فلمعت ببالها فكرة بسيطة وهي تصنيع منتجات زراعية محلية متوفرة في المحافظة على مدار فصول السنة، وبدأت فكرة العمل من البيت وتوسعت إلى أن أصبحت مشروع صغير يعمل به كافة أفراد الأسرة. وقالت أم عاطف، التي وقفت وراء طاولة خشبية صغيرة، وهي ترتب الأوعية التي وضعت فيها ما صنعته يداها من منتجات، لوكالة أنباء (شينخوا) "بدأت العمل في المنزل منذ ثلاث سنوات بعد أن ارتفعت الأسعار كثيرا وراتب زوجي لم يعد يكفي، فقررت العمل بصنع أغذية محلية معروفة بمحافظة السويداء، مثل الكشك، وهي أكلة تراثية، والدبس والمربيات من الفاكهة الموسمية". وأضافت أم عاطف "لم أكن أتوقع هذا النجاح بهذا المشروع الذي أصبح مصدر دخل رئيسي للعائلة"، مشيرة إلى أن كل أفراد العائلة عملت وساهمت بنجاحه. وتابعت تقول وهي تزن بعض المنتجات على ميزان الكتروني صغير "هذا العمل شكل لنا استقرارا ماديا، ومن خلاله استطعنا تأمين كل ما يلزم البيت من احتياجات"، لافتة إلى أنها كانت تعمل لساعات طويلة كي تحافظ على جودة ما تنتجه للناس. من جانبه، قال أبنها عاطف 23 عاما، وهو طالب جامعي لـ(شينخوا) "كنت أساعد أمي في العمل خلال ساعات الفراغ، وتعلمت منها كيفية صنع بعض المأكولات"، موضحا أن هذا العمل ساعده في تأمين متطلبات الدراسة، مضيفا "لولا هذا العمل كنت سألجأ للعمل في أعمال شاقة لتأمين مصروفي أثناء الدراسة". الشاب مدين (45 عاما) من ريف السويداء الجنوبي، متزوج ولديه ثلاثة أولاد صغار، ويسكن في شقة بالإيجار قال لـ(شينخوا) إن "ظروف الحياة باتت صعبة، وتأمين مستلزمات المنزل تحتاج إلى مبالغ كبيرة ومن الصعب تأمينها". وأضاف مدين، الذي كان يعمل نجار بيتون في لبنان قبل عدة أشهر، "تركت عملي في لبنان بعد انتشار مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، فعدت إلى سوريا وبدأت أعمل في تصنيع مشتقات الحليب من لبن وجبن بلدي، وكان هناك اقبال جيد على المنتجات التي أعدها". ولفت مدين إلى أن مشروعه الذي بدأ صغيرا بات الآن مشروعا ناجحا، ويدر عليه أرباحا كبيرة إضافة لتحقيق اكتفاء ذاتي في منزله. وأضاف "انا وزوجتي نعمل في هذا المشروع، وحقق لنا دخل مادي جيد، كفانا شر الحاجة". بدورها، ام علاء جمول (38 عاما) من مدينة جرمانا بريف دمشق الشرقي لم تتقاعس أمام ما حل بها من مصاعب بسبب إصابة زوجها بمرض عضال وخسارته عمله في أحد المعامل، فكانت تعمل في منزلها في تفصيل الثياب للنساء والرجال. وقالت أم علاء وهي تجلس وراء مكينة الخياطة وتنكب على العمل بغية تأمين مستلزمات الحياة والدواء لزوجها المريض إن "العمل يعطي قيمة إيجابية للإنسان ، خاصة إذا كان في سبيل تأمين لقمة العيش". وأضافت "كنت أعمل في رثي الثياب بداية، والآن أقوم بتفصيل الثياب الجاهزة لمن يرغب"، مؤكدة أن عملها الجيد اكسبها زبائن كثر. ودعت ام علاء غالبية الأسر السورية التي ارهقتها الحرب للتفكير بالعمل بورش صغيرة تحقق في البداية الاكتفاء الذاتي، وبعدها تحقق الأرباح. عشرات الأسر السورية التي أثرت عليها الحرب، وأجبرتها على ترك أعمالها الأساسية، لجأت إلى مشاريع صغيرة حققت من خلالها نجاحات انقذت عائلاتها من الحاجة في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بالبلاد.
مشاركة :