تسير مصر بخطى جيدة في تنفيذ المشروع القومي للزراعة المحمية، الذي تهدف من خلاله إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضروات، بما يساعدها على تحقيق أمنها الغذائي، وزيادة صادراتها الزراعية، حسبما أكد خبراء لوكالة أنباء (شينخوا). وتعتمد الزراعات المحمية على التكنولوجيا الحديثة، حيث يتم إنشاء بيوت للنباتات تسمى"صوب زراعية" يجري خلالها التحكم في جميع العوامل البيئية والمناخية باستخدام أجهزة التبريد والتدفئة والتهوية، بما يحمي المحاصيل الزراعية من الرياح والأمطار والعواصف، ويسمح بنموها بشكل صحي وسريع طوال أيام العام. ووزعت القوات المسلحة المصرية، مؤخرا صوب زراعية على مزارعي شبه جزيرة سيناء، شرق القاهرة، بينما قامت وزارة الزراعة قبل أيام بتوزيع شتلات عدة أصناف من الخضروات على هؤلاء المزارعين مجانا، لتشجيعهم على هذا النوع من الزراعات الحديثة. وتستهدف مصر، زراعة 100 ألف فدان بطريقة الزراعات المحمية، وتمكنت حتى الآن من زراعة 15 ألف فدان صوب زراعية في مناطق مختلفة، حسبما قال المهندس إبراهيم الدسوقي المشرف على الزراعات المحمية بوزارة الزراعة لوكالة أنباء (شينخوا). وأوضح الدسوقي، أن معظم المحاصيل المزروعة حاليا في الصوب الزراعية هي الخضروات. وأضاف أن مصر تنفذ مشروعا قوميا للزراعات المحمية، من أجل توفير الخضروات بشكل كبير في السوق المصرية وتصدير الفائض للخارج. ورأى أن هذا المشروع ضخم، وليس موجودا فى أي دولة أخرى، وعند تنفيذه سوف يكون إنجازا كبيرا. وعدد المسؤول المصري، مزايا الزراعات المحمية ، مشيرا إلى أنها ترشد المياه بكميات كبيرة. ووفقا للمعايير الدولية، تعاني مصر من "الفقر المائي"، وتسعى لمعالجة هذا الوضع بترشيد استخدام المياه في كافة المجالات، وتحديث منظومة ري الأراضي الزراعية، وزيادة محطات التحلية، ومعالجة مياه الصرف الصحي. ومن بين المزايا أيضا تحقيق أقصى استفادة من الأرض الزراعية، لأن المحاصيل التى يتم زراعتها داخل الصوب غير محدودة النمو، أي أنها تنمو بشكل رأسي وبالتالي تأخذ مساحة قليلة من الأرض فى حدود 35 سنتيمترا أو أقل، وتوفر مساحات من الأرض المكشوفة لكي نزرع فيها المحاصيل الاستراتيجية مثل الأرز والقمح والفول، حسب المشرف على الزراعات المحمية بوزارة الزراعة. وتابع "كما أن إنتاج الصوب غزير بشكل كبير جدا، وتوفر فرص عمل كثيرة جدا"، خاصة أن مصر ستنشئ صناعات تكميلية على جانب هذا المشروع بحيث تكون هناك محطات فرز وتصدير. لكن ما يعيب هذه الزراعات التكلفة العالية، حيث تتراوح تكلفة زراعة فدان الصوب من مليون إلى مليوني جنيه مصري (الدولار الأمريكي يعادل 15.74 جنيه)، حسب الدسوقي. من جانبه، وصف نقيب الفلاحين حسين عبد الرحمن مشروع الزراعات المحمية بأنه مهم جدا لمصر، خاصة أنه غزير الإنتاج. وقال عبدالرحمن لـ "شينخوا"، إن إنتاجية الفدان المزروع بطريقة الصوب تعادل خمسة أفدنة من الأرض المكشوفة فى بعض المحاصيل، وتزيد فى البعض الآخر. وأوضح أن إنتاجية الصوب الزراعية ذات جودة عالية، وصالحة للتصدير لجميع الدول. وأردف أن "ميزة الصوب الزراعية أنك تستطيع أن تتحكم فى درجة الحرارة وبالتالي تزرع المحاصيل الصيفية أو الشتوية فى أي وقت فى العام، لأنك تسيطر على التغيرات المناخية غير المناسبة، كما تتحكم فى حجم الثمار وكمية الأسمدة والمستلزمات الزراعية الكثيرة". ورغم تكلفتها المرتفعة، إلا أن عبد الرحمن أكد أن الجدوى الاقتصادية للزراعات المحمية عالية، لأنها تنتج منتجات أعلى سعرا. وأشار إلى أن هذه التكلفة تنخفض على المدى الطويل، لأن مكونات الصوب تستمر لعدة سنوات. ومع ذلك، رأى أن "هذه التكلفة كبيرة على الفلاحين فى الوقت الحالي، لذلك تقوم الدولة بتبنى هذا المشروع، ونأمل في أن تطرح الحكومة برنامجا لدعم وتمويل الفلاحين فى مشروع الصوب الزراعية لتشجيعهم على هذا النوع من الزراعات". وأكد أن "الدولة تسير بخطى سريعة وجيدة فى مشروع الزراعات المحمية"، الذي يعد "مطلبا قوميا فى ظل الوضع الزراعى الحالى والزيادة السكانية في مصر". وأشار إلى أن "هذا المشروع يعد الأكبر من نوعه فى مجال الصوب الزراعية بمنطقة الشرق الأوسط"، ويساعد في تحقيق الأمن الغذائي لمصر. ولا يقتصر الهدف من مشروع الزراعات المحمية على الأمن الغذائي فقط، بل زيادة الصادرات الزراعية أيضا، حسب مجدي الشراكي رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعي. وقال الشراكي لـ "شينخوا"، إن هذا المشروع سوف يحدث طفرة هائلة في الصادرات المصرية، لأن الصوب تنتج محاصيل زراعية عالية الجودة وقادرة على المنافسة داخل الدول التي تصدر إليها مصر. وشهدت مصر في السنوات القليلة الماضية زيادة كبيرة في صادراتها الزراعية، وبلغت هذه الصادرات في الفترة منذ يناير حتى مطلع أغسطس 2020 أكثر من 3.7 مليون طن من الموالح والفاكهة والخضروات، حسب بيانات رسمية. وأوضح الشراكي، أن مشروع الصوب الزراعية سيحقق نقلة نوعية للزراعة المصرية، ويعد خطوة على طريق تحقيق التنمية الزراعية المستدامة. ونوه بأن هذا المشروع سوف يحقق لمصر الاكتفاء الذاتي من أنواع كثيرة من المحاصيل الزراعية لكن تنفيذه يستغرق وقتا بسبب التكلفة العالية، وإن كان معدل التنفيذ إلى الآن جيدا.
مشاركة :