رجح التحليل الأسبوعي الصادر عن بنك قطر الوطني أن تستمر الوفرة الحالية في أسواق النفط العالمية حتى عام 2016. وأفاد في هذا التحليل بأن انهيار أسعار النفط مرة أخرى إلى ما دون مستوى 50 دولارا للبرميل وهبوط أسواق الأسهم الصينية أدى إلى هز الثقة بتوقعات النمو العالمي، في حين فوجئت أسواق النفط بالزيادات المستمرة في إنتاج النفط العالمي، على الرغم من انخفاض أسعار النفط. ورجح التحليل أنه ابتداء من عام 2017، مع سعي المنتجين والمستهلكين إلى التكيف مع انخفاض الأسعار، يتوقع أن تبدأ أسواق النفط في لجم حجم المعروض، ما سيؤدي تدريجيا إلى أسعار أكثر ثباتا. ونتيجة لذلك، فتوقع التحليل أن يكون متوسط أسعار النفط في حدود 55 دولارا للبرميل خلال الفترة 2015 - 2016 قبل أن يرتفع إلى 60 دولارا للبرميل في 2017. وارتفعت أسعار النفط بنسبة 45.5 في المائة خلال النصف الأول من العام، مدفوعة بشكل رئيس بالتحسن في توقعات نمو الاقتصاد العالمي، وفي وقت لاحق، فقدت أسعار النفط كل مكاسبها تقريبا، وانخفضت إلى أقل من 50 دولارا للبرميل في بداية آب (أغسطس). وقد كان هناك مزيج من عوامل العرض والطلب وراء هذا التراجع الأخير، وأشار التحليل إلى أن الدافع الأساسي وراء ضعف الطلب هو المخاوف التي نشأت من الصين بشأن النمو العالمي، حيث حدثت أكبر الانخفاضات في أسعار النفط في بداية ونهاية شهر تموز (يوليو) نتيجة للبيع الحاد للأسهم الصينية وما أثاره ذلك من مخاوف بشأن التأثير السلبي الذي قد يترتب على الاقتصاد الحقيقي من جراء ذلك. وأضاف أن الصين بلد مهم للغاية لأسواق النفط العالمية، ففي 3 آب (أغسطس)، انخفضت أسعار النفط بنسبة 5.2 في المائة بعد صدور بيانات مخيبة للآمال عن الصناعة في الصين. وعندما ننظر إلى الصورة العالمية الشاملة، نجد أن صندوق النقد الدولي قد عدل تقديراته بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2015 بتخفيضها بنسبة 0.2 في المائة إلى 3.3 في المائة في تموز (يوليو). ومن جهة المعروض، فقد أدى الاتفاق القاضي برفع العقوبات الدولية عن إيران، إلى جانب الزيادة المتواصلة في الإنتاج العالمي إلى إضعاف التوقعات المرتبطة بأسعار النفط أكثر. وأوضح التحليل أنه في حال رفع العقوبات الدولية عن إيران خلال الأشهر القليلة المقبلة، حيث ما زال مطلوبا مصادقة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإيران نفسها على الاتفاق، فإن إنتاج النفط الإيراني سيشهد ارتفاعا. وزادت كميات المعروض في أماكن أخرى، ما أربك التوقعات بشأن تخفيض إنتاج النفط على خلفية انخفاض الأسعار. وارتفع إنتاج السعودية إلى مستوى قياسي بلغ 10.3 مليون برميل في اليوم خلال الشهر المنصرم حسب وكالة الطاقة الدولية، فيما يشهد الإنتاج ارتفاعا في دول أخرى داخل منظمة أوبك، خصوصا في العراق (4.1 مليون برميل في اليوم) خلال شهر حزيران (يونيو) الماضي، بارتفاع من متوسط 3.3 مليون في عام 2014. وبلغ مجموع إنتاج النفط في منظمة أوبك في الشهر الماضي 31.7 مليون برميل في اليوم، بارتفاع من متوسط 30.03 مليون في عام 2014. وفي الولايات المتحدة، حيث كان من المتوقع أن يكون منتجو النفط الصخري مرتفع التكلفة أكثر المتضررين من انخفاض الأسعار، فقد ظل الإنتاج قويا بمتوسط 9.5 مليون برميل في اليوم في 2015 إلى حد الآن، مقارنة بمتوسط 8.7 مليون في عام 2014. ومن المفترض أن يحدث تقلص في حجم المعروض في أسواق النفط ابتداء من عام 2017، ما سيقود إلى ارتفاع الأسعار. ومن حيث المعروض، سيضطر المنتجون من خارج "أوبك" إلى خفض الاستثمار في نهاية المطاف استجابة لانخفاض أسعار النفط، وهو ما سيؤدي بدوره إلى تباطؤ نمو الإنتاج. ومن المرجح أن يكون منتجو النفط عالي التكلفة أول من يتأثر بهذا الأمر، بمن فيهم منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة، والنفط الرملي في كندا، والنفط البحري قبالة خليج المكسيك وسواحل غرب إفريقيا. وتفيد التقارير بأن شركات النفط الكبرى قد قلصت استثماراتها بالفعل بقيمة 200 مليار دولار أمريكي من الإنفاق الرأسمالي على المشاريع الجديدة (5.6 مليار دولار أمريكي في كندا، وهي المنطقة الأكثر تأثرا)، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع نمو الإنتاج في المستقبل. أما من حيث الطلب، فمن المرجح أن يزيد استهلاك النفط استجابة لانخفاض الأسعار، وبشكل رئيس في الأسواق الناشئة، وذلك استنادا إلى التوقعات بأن يرتفع النمو العالمي. لذلك من المفترض أن يقود تباطؤ نمو المعروض مقرونا بارتفاع الطلب إلى تآكل فائض العرض في أسواق النفط العالمية ابتداء من عام 2017، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع تدريجي في أسعار النفط إلى نحو 60 دولارا للبرميل.
مشاركة :