قال فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ د. ماهر المعيقلي، إن الستر من نعم الله وهباته، لا تطيب حياة الناس إلا به، ولا تسعد النفوس إلا تحت ظلاله، مشيرا إلى أن الستر هو كتم المساوئ والزلات، قولا وعملا، حسا ومعنى، واتصف ربنا بهذه الصفة الجليلة، فهو سبحانه «الستّير».وأكد، خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام، أمس، أن من ثمرات الإيمان بهذه الصفة الكريمة، الحياء منه جل جلاله، فيجاهد العبد نفسه، بأن لا يتلبس بمعصية خالقه، فإن غلبته نفسه، فليستتر بستر الله عليه، مضيفا إنّ من نظر في السيرة الكريمة العطرة، لنبينا صلى الله عليه وسلم، يجده حريصا على سَترِ العورات، وإخفاء المعايبِ والزلات.وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن الصحابة -رضي الله عنهم- فقهوا منهج النبي -صلى الله عليه وسلم-، في التعامل مع المذنبين والمخطئين، من ستر العيوب، وإخفاء الزلات والذنوب، مشيرا إلى أن الستر الجميل، مروءةٌ ووفاء، وسماحة وإخاء، ومن صوره الدالة على حسن العشرة، الستر بين الزوجين.وأفاد فضيلته بأن فضائل الستر عظيمة، فمنها: نشر المحبّة والألفة، وحسن الظن بين المسلمين، وإعانة العاصي على أن يتدارك نفسه، ويتوب إلى ربه، والتوبة منزلة عظيمة من منازل العبودية، مشيرا إلى أن الله سبحانه كره إشاعة السوءات، ونشر الموبقات، وتوعد أصحابها بعذاب الدنيا والآخرة.وقال فضيلته: إن من أسباب ستر الله للعبد، التحلي بخُلُق الستر على العباد، فالجزاء من جنس العمل، فمن كان حريصاً على ستر إخوانه، فإن الله تعالى يستره، في موقف هو أشد ما يكون احتياجًا إلى ستر الله وعفوه، ويتأكد ذلك، مع انتشار وسائل التواصل الحديثة، التي أساء البعض استعمالها، فأفشى الخصوصيات، وتتبع العورات، وتعدى على الحقوق والحريات، فمن كشفَ عورةَ أخيه، كشفَ الله عورتَه، حتى يفضَحَه في بيته، ويتأكد ذلك في حق الضعفاء والصغار، فلا يحق لأحد هتك سترهم، والاستهانة بخصوصياتهم، واستغلال جهلهم وقلة معرفتهم، بما يضرّهم في مستقبلهم.وأبان أن من اشتُهِر بالفساد والشرور، وعرف بالأذى والفجور، وكذلك من تعدى ضرره، من أصحاب الأفكار الضالة، ومن يهدد الأمن والاستقرار في البلاد، فليس من الستر، السكوت عنهم، بل يجب تبليغ المسؤولين عنهم، وتحذير الناس منهم، حِفظًا للدماء والأعراض، وأمن البلاد والعباد، ومن تستر عليهم، كان شريكًا لهم في جرائمهم وإفسادهم، وفي صحيح مسلم، أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا» أي: الطرد من رحمة الله تعالى، لكل من ستر جانيا وأجاره وآواه، وحال بينه وبين أن يقتص منه. سورة الضحىوفي المدينة المنورة، قال إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ عبدالباري الثبيتي، إنه لما احتبس الوحي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فترة من الزمن تربص المتربصون وشكك المشككون، فأنزل الله تعالى سورة الضحى التي تجلت فيها محبة الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- وقربه وفضله وآنسته ومسحت آلامه. وتابع الثبيتي في تفسير «ما ودعك ربك وما قلى»، أن الله لا يجافي عبداً علق قلبه به بل يقربه ويدنيه ويعز شأنه، ففي هذه السورة خاطب الله تعالى كل مؤمن ومؤمنة صدق مع الله، وتسكب في النفس شعور قرب الله ومعيته وتفيض السعادة والرضا.وأفاد فضيلته بأن قوله تعالى «وللآخرة خير لك من الأولى»، تعني أن عاقبة كل أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم خير من أوله فلم يزل صلى الله عليه وسلم يصعد في درج المعالي ويمكن الله له دينه وينصره ويسدد له أحواله حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى، وكل يوم يمضي من عمره يزيده الله تعالى عزاً على عز ونصراً وتأييداً.
مشاركة :