توقع مختصون ومحللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري بعد خسائر أسبوعية بلغت لخام برنت 2.7 في المائة والخام الأمريكي 2.5 في المائة بسبب الضغوط المستمرة الناتجة عن الانتشار السريع لوباء كورونا وتأثيره في ضعف الطلب وتضخم المخزونات. ويواصل منتجو "أوبك+" تقييد المعروض النفطي مع ارتفاع مستوى الامتثال، ولكنهم يواجهون بضغوط أخرى متمثلة في زيادة الإمدادات النفطية الليبية بوتيرة سريعة للغاية بعد التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب الأهلية في البلاد، وهي الدولة المعفاة من قيود الإنتاج بسبب الأزمة السياسية. ويقول لـ"الاقتصادية" مختصون ومحللون نفطيون إن شبح الخسائر يطارد أسعار النفط الخام، حيث تهدد الزيادة في الإنتاج الليبي بإعادة مزيد من الإمدادات النفطية إلى السوق، التي تئن بالفعل تحت ضغوط تراجع الطلب العالمي على النفط الخام والوقود والناجم عن تفاقم أزمة الوباء. وأشار المختصون إلى أن الوضع المتوتر في الأسواق وغياب اليقين بشأن استقرار السوق أدى أيضا إلى انخفاض العقود الآجلة للنفط الخام 2.2 في المائة، في إطار سلسلة من الانخفاضات الأسبوعية، خاصة في ضوء توقعات بأن يتجاوز إنتاج النفط في ليبيا مليون برميل يوميا في غضون أربعة أسابيع بحسب بيانات مؤسسة النفط الليبية. وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش أي" لخدمات الطاقة إن الوضع المضطرب في الأسواق والتذبذبات السعرية المتلاحقة تؤثر في السوق خلال الأسبوع الجاري بسبب شكوك التعافي الاقتصادي في ظل الوضع المتأزم والمعقد لإصابات الوباء في العالم وبخاصة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأوضح أن خطة التحفيز الاقتصادي الأمريكية تواجه حالة من التعثر وتحديدا المساعدات الخاصة بالوباء، وهو ما يؤثر سلبا في السوق، ويقلل فرص تعافي الأسعار في ظل التجاذبات الحزبية في الولايات المتحدة قبيل الانتخابات وحالة الإغلاق المتسعة في الاقتصاديات الأوروبية وتأخر الإعلان عن لقاح جديد لوباء كورونا. ويرى، دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية أن التسوية السلمية في ليبيا جاءت في توقيت دقيق، حيث ستشجع على مزيد من ضخ الإنتاج الليبي في الأسواق، ما يدعم العرض في مقابل طلب ضعيف، خاصة أن وضع جائحة كورونا يزداد سوءا في أغلب دول العالم. وأضاف أن الوضع الحرج في الأسواق جعل الأنظار تترقب نتائج الانتخابات الأمريكية في أوائل شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وأيضا الاجتماع الوزاري الموسع لدول "أوبك" وحلفائها في نهاية الشهر ذاته، وبداية شهر كانون الأول (ديسمبر)، لافتا إلى أن الجميع يتطلع إلى إجراءات حاسمة تعزز الاستقرار في الأسواق، وتسهم في استعادة التوازن، خاصة بعد المبادرة، التي أطلقتها روسيا، التي أكدت فيها أنها مستعدة لتأجيل زيادة إنتاج النفط المخطط لها في يناير المقبل. ومن ناحيته، يقول بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة إن التجاذبات بين المرشحين للانتخابات الرئاسية الأمريكية دونالد ترمب وجو بايدن بشأن وضع الوقود الأحفوري ومستقبل النفط الصخري الأمريكي، أضافت مزيدا من التوتر للأسواق، حيث قال بايدن إن الوقود الأحفوري يحتاج إلى التخلص التدريجي مع مرور الوقت، وهو ما عده ترمب تهديدا لمستقبل صناعة حيوية توفر آلافا من فرص العمل. وأضاف أن السوق يدرك جيدا أنه لا يمكن إغفال أن الانتخابات الأمريكية في 3 تشرين الثاني (نوفمبر)، وكذلك اجتماع "أوبك+" سيكون لنتائجهما انعكاسات كبيرة على مسار سوق النفط في الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن وضع صناعة النفط في أزمة ليس في الولايات المتحدة وحدها، ولكن أيضا في مناطق أخرى أبرزها توقف صناعة الرمال النفطية في المقاطعة الكندية ألبرتا عن الإنتاج بنسبة كبيرة نتيجة ضغوط ضعف الطلب جراء جائحة كورونا. وترى أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب" الدولية أن المنتجين من الموارد غير التقليدية يواجهون صعوبات جمة بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج وضعف الطلب وتراجع الحصص السوقية بعدما بدلت الجائحة كثيرا من الأوضاع المستقرة في الأعوام الماضية، مشيرة إلى أن كندا وهي تحوي ثالث أكبر احتياطيات خام في العالم تضرر إنتاج الرمال النفطية بها بشدة بسبب انهيار السوق هذا العام نتيجة انتشار الوباء، وهي كانت تواجه سابقا صعوبات جمة جراء عدم كفاية سعة خطوط الأنابيب والمنافسة الواسعة مع الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري. وأشارت إلى أن عودة بناء المخزونات بوتيرة مرتفعة يعد مصدر قلق للسوق وتعطل فرص تعافي الأسعار وتعويض الخسائر السابقة، لافتة إلى معاناة بعض دول "أوبك" من ضغوط هائلة مثل فنزويلا، التي تواجه عقوبات أمريكية، مشددة أنها أدت إلى ارتفاع مخزونات النفط الخام الفنزويلي 84 في المائة، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بعدما فقدت فنزويلا أي فرصة لبيع النفط معتبرة أن صناعة النفط في فنزويلا على وشك الانهيار. ومن ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، نزل النفط نحو 2 في المائة، لتنهي الأسبوع على تراجع، وذلك في ظل زيادة مرتقبة لإمدادات ليبيا من الخام والمخاوف بشأن الطلب الناجمة عن تسارع وتيرة الإصابات بفيروس كورونا في الولايات المتحدة وأوروبا. وهبطت أسعار الخام بعد أن قالت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا إنها رفعت حالة القوة القاهرة على الصادرات من ميناءين رئيسين، وإن الإنتاج قد يبلغ مليون برميل يوميا في غضون أربعة أسابيع. وجرت تسوية الخام الأمريكي عند 39.85 دولار للبرميل، بنزول 79 سنتا بما يعادل 1.9 في المائة، كما جرت تسوية خام برنت عند 41.77 دولار للبرميل، بتراجع 69 سنتا، أو 1.6 في المائة، وعلى أساس أسبوعي، فقد الخام الأمريكي 2.5 في المائة، وخسرت عقود برنت 2.7 في المائة. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس الماضي إن موسكو لا تستبعد تمديد تخفيضات إنتاج النفط، التي تنفذها "أوبك+"، لكن محللين قالوا إن ذلك غير كاف لتعويض أثر توقعات زيادة الإنتاج الليبي ومخاوف الطلب. ومن المقرر أن ترفع "أوبك+"، التي تضم روسيا ومنظمة الدول المصدرة للبترول، الإنتاج مليوني برميل يوميا في كانون الثاني (يناير) 2021. وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة إن شركات الطاقة الأمريكية أضافت خمسة حفارات نفط ليرتفع إجمالي عدد الحفارات العاملة إلى 287 في الأسبوع المنتهي يوم 23 تشرين الثاني (أكتوبر)، وهو أعلى رقم منذ أيار (مايو)، وعدد الحفارات مؤشر على مستقبل الإمدادات.
مشاركة :