ينتظر الأمريكيون والعالم بأسره ما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، حيث يسعى المرشح الديمقراطي جو بايدن لمنع الرئيس الجمهوري دونالد ترامب من الفوز بولاية ثانية. ولطالما شكل الشرق الأوسط محوراً هاماً في سياسات الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين على اختلافهم وقد تشهد تغييرات كبيرة في حال فوز بايدن بالانتخابات وخاصة بعد انتهاج إدارة ترامب سياسات مغايرة تماماً عن سلفه باراك أوباما.الملف الفلسطيني – الإسرائيلي في عام 2018، نفذت إدارة ترامب واحداً من أبرز قراراتها الخارجية المثيرة للجدل بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس وهو ما أثار سخط العالم العربي والإسلامي آنذاك. وتبع هذا القرار تخطيط وعرض من ترامب لما يعرف بـ"صفقة القرن" التي يرى كثيرون حول العالم أنها تساند المصالح الإسرائيلية بشكل واضح وعلى حساب حقوق الفلسطينيين كما تضرب بعرض الحائط آمال التوصل لاتفاق سلام قائم على حل الدولتين. وأدت تلك السياسات إلى رفض السلطة الفلسطينية لوساطة واشنطن في أي مفاوضات مستقبلية في وقت لا تبدو فيه إسرائيل أو الولايات المتحدة عازمتين على الدخول في محادثات تغير من وضع ما بعد توقيع ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لصفقة القرن. وصرح بايدن مؤخراً بأنه لن يعدل عن قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ولكنه قال إن السلام الحقيقي لن يتحقق سوى بإقامة دولتين وأكد رغبته في عودة الحوار الأمريكي مع الجانب الفلسطيني وإعادة فتح قنصلية أمريكية في القدس الشرقية ومكتب تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية بعد إغلاقهما خلال ولاية ترامب الأولى. كذلك قال بايدن، إنه سيستأنف المساعدات الأمنية والاقتصادية للفلسطينيين وهي التي توقفت أيضاً خلال ولاية ترامب الأولى.جو بايدنأ بالعلاقات الأمريكية - المصرية يتمتع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعلاقات قوية ومتينة مع ترامب على الرغم من تعالي بعض الأصوات الأمريكية المنتقدة لملفات حقوقية في مصر. وظهر تسجيل لترامب يقول فيه إن السيسي هو "الديكتاتور المفضل" له وهو ما اعتبره أمريكيون غض طرف من واشنطن عن أي انتهاكات قد تقع على يد النظام المصري. واستغل بايدن تلك النقطة بالتحديد عند الحديث عن حقوق الإنسان في مصر عقب الإفراج عن الطالب المصري – الأمريكي محمد عماشة بعد 486 يوماً قضاهم بسجن مصري بعد القبض عليه أثناء تظاهرة تطالب بالإفراج عن المعتقلين في ميدان التحرير. وأشار بايدن إلى حوادث سابقة لإلقاء القبض وحبس نشطاء مصريين – أمريكيين مثل سارة حجازي ومحمد سلطان وقال إن "اعتقال وتعذيب ونفي نشطاء مثل سارة حجازي ومحمد سلطان أو تهديد عائلاتهم أمر غير مقبول". وأضاف: "لا مزيد من الشيكات البيضاء للديكتاتور المفضل لترامب".أوباما يدعم بايدن في حملته الانتخابية وينتقد تعامل ترامب مع وباء كوروناالقنوات التلفزيونية الأمريكية على موعد مع ليلة انتخابات ساخنةالسعودية يتمتع ترامب أيضاً بعلاقة وطيدة بولي العهد السعودي محمد بن سلمان بلغت ذروتها بتوقيع اتفاق لبيع أسلحة أمريكية للرياض بقيمة 110 مليار دولار ستصل إلى 350 مليار خلال الفترة حتى عام 2027. وعلى الرغم من اعتراض الكونغرس على استمرار بيع تلك الأسلحة لكل من السعودية والإمارات العربية المتحدة نظراً لدور الدولتين في التحالف المشارك في حرب اليمن وما ينتج عنها من خسائر في الأرواح المدنية، إلا أن ترامب استمر في تزويد الدولتين بالسلاح طبقاً للاتفاقات المسبقة. كذلك أدى مقتل الكاتب السعودي المعارض جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018 إلى تعالي الأصوات داخل الكونغرس بشأن الملف الحقوقي للمملكة وهو ما تغاضت إدارة ترامب عن الخوض فيه.ترامب ومحمد بن سلمانأ ب وفي الذكرى الثانية لوفاة خاشقجي، صرح بايدن عبر الموقع الرسمي لحملته الانتخابية بقوله إن "التقارير الإعلامية تشير إلى مقتل خاشقجي على يد عملاء سعوديين تصرفوا بتوجيه من بن سلمان شخصياً". وأكد بايدن إنه سيعيد تقييم علاقة واشنطن بالرياض في حال فوزه بالانتخابات وسيتوقف عن بيع السلاح الأمريكي للسعودية. وقال: "سنعيد تقييم علاقتنا بالمملكة، وننهي الدعم الأمريكي لحرب السعودية في اليمن، ونتأكد من أن أمريكا لا تتخلى عن قيمها لبيع الأسلحة أو شراء النفط. سيكون التزام أمريكا بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان أولوية ، حتى مع أقرب شركائنا الأمنيين".إيران قاد ترامب بلاده للانسحاب بشكل أحادي من الاتفاق النووي مع إيران والذي وُقع عام 2015 بوساطة إدارة ترامب ونائبه بايدن. الانسحاب أدى على إعادة فرض العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران وهو ما نتج عنه توتراً كبيراً في العلاقات بين البلدين وصل إلى شن عمليات عسكرية على مواقع تابع لكلاهما ومقتل القائد بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني خلال ضربة عسكرية أمريكية. وانتقد بايدن سياسة ترامب تجاه طهران بشدة وأكد أنها لا تؤدي إلى شيء سوى تملص إيران من التزامها بعدم تصنيع أسلحة نووية. وووعد بايدن حال انتخابه بـ"تقديم طريق موثوق به إلى طهران للعودة إلى الدبلوماسية. إذا عادت إيران إلى الامتثال الصارم للاتفاق النووي، فستعاود الولايات المتحدة الانضمام إلى الاتفاقية (النووية) كنقطة انطلاق لمفاوضات المتابعة". وقد يؤثر مثل هذا القرار الأمريكي إلى إغضاب حلفاء واشنطن الخليجيين كالسعودية والإمارات اللتين ترىان في إيران عدواهما الإقليمي الأول.
مشاركة :