تحفظت لجنة قانونية في مصر أمس على أموال 16 مستشفى قالت إنها تتبع جماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها الحكومة المصرية تنظيما إرهابيا، وتدرج قادة بها على قوائم الإرهابيين، في مسعى لتجفيف منابع تمويل الجماعة التي تخوض صراعا مفتوحا مع السلطات. وتأتي الخطوة الأخيرة في وقت توصلت فيه الجماعة لصيغة تهدئة بين جناحين متصارعين على قيادتها. وبينما لا تلوح في الأفق إمكانية لاستيعاب جماعة الإخوان ضمن المشهد السياسي في البلاد، استمر مسلسل العمليات الإرهابية، أمس، باستهداف محكمة شرق العاصمة المصرية القاهرة بعبوتين ناسفتين انفجرت إحداهما، وتسببت في إصابة ثلاثة ضباط شرطة، ومواطن تصادف مروره في موقع التفجير، فيما أبطل خبراء المفرقعات مفعول أخرى، بحسب مصادر أمنية وطبية. وتفجرت خلافات حادة بين قادة جماعة الإخوان، وتنازع مكتبان للإرشاد (مكتب الإرشاد هو أعلى سلطة تنفيذية داخل الجماعة) قيادة التنظيم، وظهرت تلك الخلافات على السطح من خلال بيانات وبيانات مضادة، مما مثل تهديدا خطيرا لجماعة تمثلت قوتها في الانضباط التنظيمي، ومبايعة القادة على السمع والطاعة. وانقسمت قيادة الإخوان بشأن نهجها السياسي في مواجهة السلطات، فبينما تبنى جناح يقوده شباب الجماعة وكوادرها الوسيطة اتجاها لتصعيد الصراع بعد أن أطيح بالجماعة من السلطة عبر ثورة شعبية في 30 يونيو (حزيران) 2013، سعت قيادات تاريخية يتزعمها نائب المرشد الدكتور محمود عزت إلى لجم جموح شباب الجماعة، وسط شكوك حول سعي القيادات التاريخية لإبرام صفقة مع السلطات. وقالت مصادر قريبة الصلة من قادة جماعة الإخوان إن اجتماعات جرت خلال الأيام القليلة الماضية وانتهت لما وصف بـ«خارطة طريق» لتجاوز الصراع بين مكتبي الإرشاد، وتضمن الاتفاق أن يعلن القادة التاريخيون ممثلين في مكتب إرشاد الخارج تمسكهم بـ«الخيار الثوري»، وإجراء انتخابات داخلية جديدة لتشكيل مكتب إدارة للأزمة، مع بقاء محمود عزت قائما بأعمال مرشد الجماعة. وانتخب إخوان الداخل قيادة جديدة في فبراير (شباط) الماضي لإدارة الأزمة، وفور توليها مقاليد الأمور في الجماعة هيمنت المجموعة الجديدة على المنصات الإعلامية الرسمية للجماعة، وفصلت تبعية أعضاء الجماعة من المصريين العاملين في الخارج عن مكتب الإرشاد الدولي، ورفضت الاعتراف بشرعية عزت. وتشتتت قيادات الجماعة بين السجن أو الاختباء داخل البلاد، أو الهروب إلى الخارج، في أعقاب ثورة 30 يونيو، لكن مصادر مطلعة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن قادة الجماعة داخل السجون، وعلى رأسهم نائب المرشد خيرت الشاطر، ظل على اتصال بقواعد الجماعة عبر خط اتصال بينه وبين طه وهدان الذي تولى قيادة التنظيم في الداخل قبل إلقاء القبض عليه أخيرا. وفي إشارة على بدء تفعيل الاتفاق الذي تم في اجتماع خارج مصر يوم السبت الماضي، بحسب وكالة الأناضول، أكد بيان صادر عن مكتب الإخوان بالخارج أن «الخيار الثوري خيار استراتيجي اختاره الشعب المصري وفى القلب منه جماعة الإخوان، وأنه لا رجوع عن هذا الخيار واستكمال الثورة والقصاص للشهداء مهما كانت التضحيات». وشدد البيان الذي نشر على موقع حزب الحرية والعدالة المنحل على ضرورة الالتحام يدا بيد مع جموع الشعب، وعدم الانجرار إلى معارك جانبية، ومواصلة الكفاح الثوري خاصة مع ذكرى رابعة (ميدان رابعة العدوية الذي شهد فض اعتصام لأنصار الجماع سقط خلاله مئات القتلى). وفي غضون ذلك، قال المستشار محمد ياسر أبو الفتوح أمين عام لجنة التحفظ وإدارة أموال جماعة الإخوان، إن اللجنة التي يترأسها المستشار عزت خميس قررت التحفظ على أموال 16 مستشفى مملوكة للجماعة بخمس محافظات على مستوى الجمهورية، وأسندت إدارتها لوزارة الصحة. وتشكلت لجنة حصر أموال جماعة الإخوان في أعقاب صدور حكم من محكمة القضاء المستعجل في صيف عام 2013، باعتبار الجماعة تنظيما إرهابيا، وقضت بمصادرة أموالها ومقارها والتحفظ على أموال أعضاء الجماعة. وأشار أبو الفتوح إلى أن المستشفيات التي صدر قرار بالتحفظ على أموالها وإسناد إدارتها لوزارة الصحة تقع في محافظات القاهرة والجيزة والغربية ودمياط وأسيوط. وتسعى السلطات المصرية لتجفيف منابع تمويل الجماعة، وتقول إن «الإخوان» شكلوا «لجانا خاصة» نفذت عمليات إرهابية ضد منشآت وأفراد الجيش والشرطة. وقالت وزارة الداخلية إن شرطيين أصيبا جراء انفجار عبوة ناسفة في ميدان المحكمة بمصر الجديدة (شرق القاهرة). وقال مسؤول الإعلام بوزارة الداخلية، في بيان نشر على صفحتها على «فيسبوك»، إن عبوة بدائية الصنع انفجرت بميدان المحكمة بمصر الجديدة، مما أسفر عن إصابة 3 من الأمن، بينهم ضابطان برتبتي عقيد ورائد، من قوة الإدارة العامة لمرور القاهرة. بينما قال مصدر طبي إن الانفجار أسفر أيضًا عن إصابة مدني تصادف مروره في موقع التفجير، واصفا إصابته بالطفيفة. وأشارت مصادر أمنية إلى أن خبراء المفرقعات تمكنوا من إبطال مفعول عبوة أخرى عليها بمكان الحادث. وبات القضاة في مصر محل استهداف عناصر إرهابية، وخلال الشهور الثلاثة الماضية قتل النائب العام المستشار هشام بركات في تفجير استهدف موكبه، كما قتل ثلاثة قضاة بنيران مسلحين في شمال سيناء، فيما نجا آخرون من عمليات تفجير استهدفتهم. وأصدرت محاكم مصرية أحكاما بالإعدام بحق قادة جماعة الإخوان وقيادات متشددة أخرى، ونفذت السلطات بالفعل حكمين بالإعدام بحق مدانين في قضايا إرهابية، وأعمال عنف. وقررت محكمة جنايات القاهرة أمس إحالة أوراق 10 متهمين في القضية المعروفة إعلاميا باسم «خلية الظواهري» إلى المفتي، لإبداء الرأي الشرعي في إعدامهم. وحددت المحكمة جلسة 27 سبتمبر (أيلول) المقبل للنطق بالحكم مع استمرار حبس المتهمين. ويحاكم في القضية 68 متهمًا، من بينهم محمد الظواهري، شقيق أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة. وقال محامٍ عن المتهمين إن الظواهري ليس من ضمن المحالين إلى المفتي. وأحالت النيابة المتهمين للجنايات «لاتهامهم بإنشاء وإدارة تنظيم إرهابي يرتبط بتنظيم القاعدة.
مشاركة :