ماري منيب، ربما هي الحماة الأشهر على الإطلاق في السينما العربية، والتي شكلت اللبنة الأولى لتصوير مدى شراسة وفضول أم الزوجة في الحياة الزوجية لابنتها، وتدخلها في كل صغيرة وكبيرة في حياتها، بل وتسببها في المشاكل بينها وبين زوجها، لدرجة أنها لا تتركهما إلا بعد أن تتسبب في انهيار تلك العلاقة أو تصدعها! حتى تكونت صورة ذهنية للشباب بأن أم الزوجة هي “البعبع” الذي ينتظره بعد دخوله القفص الذهبي، وأن عليه الحذر منها وتجنبها قدر الإمكان لكف شرها وأذيتها عنه. فماري منيب، ورغم أدوارها الفكاهية إلا أنها تمكنت من أن تؤثر على أفكار أجيال متعاقبة. هذه الصورة الظالمة التي عُممت على كل أمهات الزوجات، وبالمثل أدوار أخرى صورت أم الزوج عدوة يجب اتقاء شرها، و”ضرة” أو زوجة أخرى لزوجها تنافسها في حبها له. أسهمتا في خلق فجوة بين الأزواج وبين أمهات أزواجهم، تحفظاً منهم، وتطبيقاً للمثل الذي يقول “روح بعيد تعال سالم”! بدلاً من خلق صورة أنهما أم ثانية يظفر بها الزوج أو الزوجة بعد زواجهما. الزوجة الذكية هي من تجعل من أم زوجها أما أو خالة في معزتها وقربها، لتنال ليس فقط حب زوجها لها، بل تتمكن من أن تجعل منها سنداً ومدافعاً عنها متى ما احتاجت إلى ذلك السند أو العون. صحيح أنه ابنها، ولكن المرأة أدرى بمشاعر المرأة وحاجاتها، ومتى ما كانت زوجة الابن قريبة من أم زوجها ستتخذها بنتاً جديدة وستدافع عنها كما لو كانت إحدى بناتها، حتى لو كان ذلك على حساب ابنها، وسيخشى بالتالي الزوج من ظلم زوجته تحسباً لردة فعل أمه قبل أن يضع لأهلها حسابا ويخشاهم. والأمر ذاته ينطبق على الزوج إن ما كان قريباً من أم زوجته، التي ستوليه الحب والاهتمام، ليضع ابنتها في عينيه. البشر ليسوا متشابهين، وكذلك هم أمهات الأزواج، فبدلاً من أن يعمم على أنهن “بعبع” يخيف ويؤذي، لم لا نلتفت إلى أولئك اللواتي أغدقن أزواج بناتهن أو زوجات أبنائهم بالحب والعطف والحنان، لا ننفي بأن بعضهن لا يُعاشر، وقد يكن فعلاً باباً للمشاكل التي لا تنتهي بتدخلهن في حياة أبنائهن بطريقة منفرة، ولكن هذا لا يعني أبداً أن هناك على النقيض أمهات كن سبباً في استمرار حياة أبنائهن، لحكمتهن وقدرتهن على امتصاص الغضب بين الزوجين. ياسمينة: الأم امرأة في النهاية، والغيرة جزء من كينونتها، ولكي لا تحرقك بغيرتها لخوفها من ابتعاد ابنها/ ابنتها عنها، اقتربوا منها وضعوها في مكانة الأم لتغدقكم بحبها.
مشاركة :