تواصل سلطات مالي التحقيقات لكشف هوية منفذي عملية احتجاز الرهائن الجمعة في أحد فنادق مدينة سافاري بوسط البلاد، والتي انتهت بمقتل 13 شخصًا هم أربعة جنود ماليين وخمسة متعاقدين مع بعثة الأمم المتحدة في هذا البلد، وأربعة مهاجمين. وسير الجيش المالي دوريات عسكرية في سيفاري والمنطقة المحيطة بها، كما قال أحد سكان المدينة في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية في باماكو. وأكد المصدر نفسه في الاتصال أن «المساء كان هادئًا، والجيش سير دوريات في المدينة، وخصوصا بين موبتي وسيفاري». وأضاف أن «المواطنين بدأوا بالعودة إلى أعمالهم، كل شيء يعود كما كان في سيفاري» كبرى مدن وسط مالي على بعد 12 كيلومترا من موبتي. وأعلنت حكومة مالي مساء الأحد «حصيلة نهائية» لعدد ضحايا الهجوم بلغت 13 قتيلا هم «أربعة جنود من القوات المسلحة المالية، وخمسة متعاقدين مع بعثة الأمم المتحدة في مالي وأربعة إرهابيين». ولم تتبنَّ أي جهة العملية حتى الآن. لكن مصدرا عسكريا ماليا أكد لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس، من سيفاري أن «شكوكا كبيرة تحوم» حول جبهة تحرير ماسينا، موضحا أنها «مجموعة إرهابية تسعى إلى الترويج لنفسها عبر كل الوسائل». وكلمة ماسينا تعني تقليديا جزءا من وسط مالي. وظهرت هذه الحركة عام 2005 وهي متحالفة مع حركة أنصار الدين، إحدى المجموعات الجهادية المرتبطة بـ«القاعدة» التي سيطرت على شمال البلاد نحو عشرة أشهر بين 2012 وبداية 2013. بدورها، أكدت وكالة «الأخبار» الموريتانية الخاصة التي تنشر عادة بيانات للجهاديين، أمس (الأحد)، أن جبهة تحرير ماسينا «قد تكون وراء هجوم سيفاري». وقال الصحافي والمحلل المالي الكسيس كالامبري إن «الهجوم يحمل بصمات إياد اغ غالي» زعيم جماعة أنصار الدين الجهادية. وكان المهاجمون الذين لم تعرف هوياتهم، وما زال عددهم الإجمالي مجهولا اقتحموا نحو الساعة السابعة بالتوقيت المحلي وتوقيت غرينتش الجمعة فندق بيبلوس في سيفاري، حيث يقيم أجانب عادة. وقد تمكنت قوة من الجيش المالي من القضاء على المهاجمين ليل الجمعة - السبت. وطالب الاتحاد من أجل الجمهورية والديمقراطية أكبر حزب معارض في بيان تسلمت الصحافة الفرنسية نسخة منه، أمس (الأحد) «بالبحث عن المسؤولين عن هذه الأعمال الإجرامية التي لا شيء يمكن أن يبررها وأن يلاحقوا ويحاكموا ويعاقبوا». وأشار الحزب الذي يقوده سومايلا سيسي زعيم كتلة المعارضة إلى «تصاعد في الهجمات الإرهابية والجهادية في مالي». وكان هجومان شنهما جهاديون في الأول والثالث من أغسطس (آب) أديا إلى مقتل 13 عسكريا في وسط مالي وشمالها. وعبر حزب النهضة الوطنية الذي يقوده وزير الخارجية السابق تيبيلي درامي وهو معارض أيضا، عن قلقه بسبب «انعدام الأمن الذي بلغ مستويات مقلقة في البلاد.. ولم يعد يوفر أي منطقة». وقال الحزب في بيان إن «وقاحة وجرأة المعتدين لم يعد لهما حدود على ما يبدو». وأصدرت تنسيقية حركات الأزواد التي تمثل التمرد السابق للطوارق في شمال مالي، بيانا أدانت فيه «الهجمات الإرهابية» في مالي، ومنها الهجوم الذي وقع في سيفاري في وسط البلاد. وجاء في بيان هذه الحركة التي وقعت اتفاق سلام مع حكومة باماكو في يونيو (حزيران) الماضي أنها «تدين الهجمات الإرهابية التي وقعت خصوصا في سيفاري وتقدم تعازيها إلى عائلات الضحايا». وأضاف البيان أن «هجوم سيفاري الإرهابي مثله مثل الاغتيالات بحق المدنيين الأزواد تبقى أعمالا إرهابية مدانة على كل المستويات، وتؤكد ضرورة التحرك لكي يتحمل كل طرف مسؤوليته بالحفاظ على مكتسبات عملية السلام». ووقعت هجمات جهادية عدة في الأسابيع الأخيرة في جنوب مالي بالقرب من حدود ساحل العاج وبوركينا فاسو، وهي منطقة لم تكن أعمال العنف قد طالتها من قبل. وسيفاري التي تبعد نحو 12 كلم من موبتي، كبرى مدن المنطقة، مدينة استراتيجية إذ إنها تضم مطارا مهما تستخدمه القوات المالية والقوات الفرنسية في عملية برخان في منطقة الساحل، وكذلك بعثة الأمم المتحدة. وتقع موبتي على تخوم الشمال المالي الشاسع، حيث خطف عدد كبير من الغربيين. وسيطرت جماعات إسلامية متطرفة مرتبطة بتنظيم القاعدة على هذه المنطقة في 2012، قبل أن تطرد منها في عملية بقيادة فرنسية بدأت في يناير (كانون الثاني) 2013. والهجوم على سيفاري هو الثالث من نوعه خلال أقل من أسبوع في مالي بعد هجومين أوقعا 13 قتيلا في صفوف العسكريين. أكدت الجزائر مجددا، أمس (الأحد)، التزامها بتطبيق اتفاق السلام الموقع في باماكو في يونيو (حزيران)، من قبل متمردي شمال مالي، وذلك إثر عملية احتجاز الرهائن الأخيرة في مالي. من جهة ثانية، قال المتحدث باسم الخارجية الجزائرية عبد العزيز شريف إن «الجزائر التي طالما قدمت دعمها لمالي الشقيقة وشعبها، ستواصل مع باقي الفاعلين الإقليميين والدوليين العمل على تطبيق اتفاق السلام والمصالحة في مالي». وقامت الجزائر بدور مهم في مفاوضات السلام التي عقدت لعدة أشهر في العاصمة الجزائرية، وانتهت بالاتفاق بين الحكومة المالية والتمرد الذي يهيمن عليه الطوارق بهدف إقامة سلام دائم في شمال مالي. وقال المتحدث إن الجزائر «جددت تأكيد دعمها» لمالي، و«لقيادة مهمة الأمم المتحدة في مالي وموظفيها المدنيين والعسكريين المنخرطين بشجاعة وتصميم إلى جانب شعب مالي في سعيه للاستقرار والسلام».
مشاركة :