رحيل نور الشريف بعد نصف قرن من الإبداع

  • 8/12/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

توفي أمس الفنان القدير نور الشريف عن عمر يناهز 69 عاماً، داخل أحد المستشفيات الخاصة، بعد نحو 50 عاماً من الإبداع، في مجال السينما والتلفزيون والمسرح. ومن المقرر أن تشيع جنازته اليوم من مسجد الشرطة بمدينة السادس من أكتوبر. وخلّف الشريف وراءه حزناً كبيراً بين زملائه في الوسط الفني، ومحبيه في الوطن العربي، غير أنه سيظل باقياً بأعماله وشخصياته التي أثرت في وجدان الجمهور، عبر تاريخه الطويل الممتد من نهاية الستينات وحتى قبيل رحيله. ولد محمد جابر محمد عبدالله، أو كما اختار لنفسه اسم نور الشريف، بحيّ الخليفة بالقاهرة في الثامن والعشرين من إبريل عام 1946، تعلق بالمسرح والفن في طفولته فقدم عدداً من المسرحيات المدرسية وانضم إلى فريق أشبال نادي الزمالك، وبعد حصوله على الثانوية العامة التحق بكلية التجارة ولكنه سرعان ما تركها وانضم إلى صفوف المعهد العالي للفنون المسرحية. بدأت رحلة نور الفنية، من وقت التحاقه بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حين رشحه المخرج سعد أردش، للعمل في دور صغير بمسرحية الشوارع الخلفية وبعدها اختاره المخرج كمال عيد لتقديم دور روميو في مسرحية روميو وجولييت، في الوقت الذي كان صديقه الفنان عادل إمام بدأ بالفعل يشق طريقه إلى التمثيل، إذ عرض عليه المشاركة في بطولة الجزء الثاني من ثلاثية نجيب محفوظ قصر الشوق في دور كمال عبدالجواد، غير أن عادل إمام كان مرتبطاً بأكثر من عمل، فرشح صديقه نور الشريف للمخرج الكبير حسن الإمام، الذي لم يلفت نظره في بداية الأمر، لكن ما إن شاهده أمام الكاميرا حتى أكد له أنه سيكون له شأن عظيم كممثل، وبالفعل كانت البداية مع أول جائزة حصل عليها عن دوره في قصر الشوق. بعدها انطلق سهم نور في السينما، فقدم أفلاماً عديدة، ولكنه لم يحصل على البطولة المطلقة إلا من خلال فيلم السراب عام 1970، ومن وقتها تصدر اسم نور الشريف أفيشات السينما والتلفزيون والمسرح، ولم يعد للخلف لمدة 50 عاماً. في مسيرته الحافلة بالأعمال ذات القيمة الفنية كان نور هو بطل أول أفلام عدد من مخرجي مدرسة الواقعية الجديدة مثل محمد خان، وعاطف الطيب، وداود عبدالسيد، إذ قدم الرغبة وسواق الأتوبيس الذي يعتبره أغلب نقاد ومؤرخي السينما أول أفلام عاطف الطيب الفعلية. كان للمسرح نصيب كبير في مسيرة الفنان الراحل، باعتباره خريج معهد الفنون المسرحية، مثل القدس يوم آخر، ويا مسافر وحدك، وغيرهما. وعلى مدار نصف قرن تقريباً أثرى نور الشريف السينما المصرية بعشرات الأفلام المتميزة، وقدم نحو 170 فيلماً، من بينها حبيبي دائماً، والصرخة، والكرنك، وضربة شمس، وناجي العلي، وحدوتة مصرية، والمصير، وليلة ساخنة، وزمن حاتم زهران، وآخر الرجال المحترمين وأخيراً فيلم بتوقيت القاهرة، الذي كان المحطة الأخيرة له. مع اتجاه أغلب نجوم السينما من ممثلين ومخرجين، بل ومؤلفين إلى التلفزيون، كان نور أسبقهم إليه، خصوصاً أنه لم ينقطع عنه منذ أن قدم مسلسل القاهرة والناس في نهاية الستينات وأديب أمام نورا، ومارد الجبل أمام محمود المليجي، وبعد العذاب، والحواجز الزجاجية، وابن الليل، والثعلب، ولن أعيش في جلباب أبي، وهارون الرشيد، وعائلة الحاج متولي، والسيرة العاشورية والحرافيش، وعمرو بن العاص، والدالي، وعرفة البحر، وخلف الله وكان يريد تقديم مسلسل أولاد منصور التهامي لكنه تأجل أكثر من مرة بسبب مرضه. محطة يوسف شاهين لم تخطئ عين المخرج العالمي يوسف شاهين موهبة بحجم نور الشريف فكان لقاؤهما الأول في فيلم حدوتة مصرية عام 1982 حين قدم الشريف شخصية يحيى شكري مراد وهي المعادل الموضوعي لشخصية يوسف شاهين الحقيقية، واللقاء الثاني كان في عام 1997 بفيلم المصير حينما قدم شخصية الفيلسوف والعالم الوليد ابن رشد، وحصل الفيلم على جائزة الإنجاز العام من مهرجان كان في يوبيله الذهبي. صائد الجوائز توج مهرجان دبي السينمائي في دروته الماضية مسيرة نور الشريف بجائزة تكريم إنجازات الفنانين، وقبلها حصد الفنان الراحل عدد اًكبيراً من الجوائز بداية من فيلم السينما الأول بين القصرين حيث حصل على جائزة تقديرية خاصة، وكذلك عن دوره في فيلم قطة على نار، وحصل على 4 جوائز عن فيلم يارب توبة وأفلام وضاع العمر يا ولدى وحبيبى دائماً والكرنك وحدوتة مصرية والطاووس والعار وأهل القمة، كما حصل على جائزة مهرجان نيودلهي عن فيلم سواق الأتوبيس وجائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم ليلة ساخنة في مهرجان القاهرة السينمائي عام 1996. وصل عدد الجوائز التي حصل عليها نور الشريف إلى ما يقرب من 50 جائزة، وهو ما جعل النقاد يطلقون عليه صائد الجوائز، أو نجم الجوائز، ولم يكتف بمكانته كنجم سينمائي، فأنتج عدداً من الأفلام المهمة. ثنائي السينما والحياة تعد قصة حب نور الشريف وبوسي من أشهر قصص الحب في السينما المصرية، خصوصاً بعد تقديمهما فيلم حبيبي دائماً الذي يعد من أشهر كلاسيكيات السينما المصرية، وكان العاشقان نور وبوسي، تزوجا في بداية سبعينات القرن الماضي، وشكلا ثنائياً فنياً، وتنوعت أعمالهما بين الاجتماعية والكوميدية، وانفصلا عام 2006، ثم عادا لبعضهما قبل نحو ثمانية شهور. اسم الراحل على مسابقة الفيلم العربي قررت إدارة مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي لدول حوض البحر المتوسط، إطلاق اسم الفنان الراحل نور الشريف على مسابقة الفيلم العربي بالمهرجان. جاء ذلك عقب انتشار خبر رحيل الفنان الكبير نور الشريف، حيث اتفق الأمير أباظة رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائي، مع مسعد فودة نقيب السينمائيين، على إطلاق اسمه على مسابقة الفيلم العربي التي ينظمها المهرجان والنقابة لأول مرة معا ضمن برامج الدورة الحادية والثلاثين للمهرجان التي تقام خلال الفترة من 2 إلى 8 سبتمبر المقبل. وقررت إدارة المهرجان إطلاق اسم الفنان الكبير على جائزة أحسن ممثل في هذه المسابقة التي يرأس لجنة تحكيمها المخرج الكبير عمر عبدالعزيز. نجوم الفن يبكونه عبر عدد من الفنانين والإعلاميين المصريين عن حزنهم الدفين لرحيل الفنان الكبير نور الشريف، وقال الفنان حسين فهمي إن الساحة الفنية العربية فقدت واحداً من كبار الفنانين. وأكد الفنان محمد صبحي إن الشريف كان قريباً من قلبه وهو كان على خلق عالٍ ولم تغيره النجومية، لأنه قدر قيمة الفن وعرف أن الفنان ملك لجمهوره وعليه أن يكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه. وأوضح الفنان عمرو يوسف أن نور الشريف كان يساند الشباب ويقدم لهم النصيحة ويحكي لهم ملخص تجاربه وخبراته. الإعلامي معتز الدمرداش أكد أن الراحل ترك فراغاً في الفن المصري لأنه موهوب بالفطرة وكان يمتلك رؤية سياسية واجتماعية تستحق الرصد، وأوضح أن أعمال الشريف كانت قريبة من الناس، وعبرت بصدق عن آلامهم وطموحاتهم والهواجس التي بداخلهم. وشدد الفنان علي الحجار على ضرورة تكريم الراحل بالشكل الذي يتناسب مع تاريخه ومشواره الفني، لأنه لم يبخل لحظة على فنه وعاش حياته ليمتع الجمهور المصري والعربي بأهم وأفضل الأعمال والأدوار. وقال الفنان شريف رمزي، إنه فقد الأب نور الشريف مشيراً إلى أنه ارتبط به في الفترة الأخير خلال عملهما في فيلم بتوقيت القاهرة بعلاقة أبوية وكان من أعظم الفنانين. وأوضحت الفنانة سمية الخشاب أن الراحل ترك أعماله الفنية التي ستتعلق بها الأجيال الجديدة، وأدواره كانت قريبة من الناس ومن نبض الشارع، وقال الفنان عبد الله مشرف أنه كان من أشد المعجبين بفن الراحل ووصفه بأنه أستاذ ورئيس قسم.

مشاركة :