تكتسب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي لدورته الجديدة أهمية بالغة بالنسبة لشعب الإمارات، فهي تؤكد استمرار عملية التنمية المستدامة التي وصلت إلى مكانة مرموقة إقليمياً ودولياً، فقد باتت دولتنا في كل مناحيها علامة فارقة في التخطيط الاستراتيجي بعيد الأمد، وفي عملية تراكم المنجزات، وهو ما تؤكده بشكل دائم المؤشرات العالمية حول تطور الإمارات على الصعد كافة، لا سيما أن بنيتها التحتية هي من أهم البنى التحتية في العالم، وليس فقط في منطقة الشرق الأوسط. بهذا المعنى الاستراتيجي يمكن النظر إلى أهمية الدور الذي يلعبه المجلس الوطني الاتحادي، فهو جهة تشريعية ورقابية، ومنوط به مناقشة القوانين، ومن هنا فإن مسؤوليته كبيرة، وتقع على عاتقه مهمات بالغة الأهمية بكل ما يتعلق بعملية تطوير البلاد، ووضع المصلحة العامة لمجموع المواطنين باعتبارها المصلحة العليا، وهو ما يجعل من المجلس تعبيراً عاماً واعتبارياً عن مجموع المصالح الوطنية في أبعادها المختلفة، فعمل المجلس وما يصدر عنه له انعكاساته المباشرة على مختلف المناحي التي تتعلق بالسياق الاجتماعي والاقتصادي. من المعروف أن القيادة الرشيدة للبلاد اتبعت منحى تدريجياً تصاعدياً لبناء ثقافة المشاركة السياسية، وقد هدفت من وراء ذلك إلى جعل ثقافة المشاركة السياسية تتوسع بشكل أفقي في وعي المجتمع، فثقافة المشاركة ليست فقط مسألة سياسية وإنما مسألة تطور الوعي العام بما يواكب التطور الذي شهدته البلاد في أطوارها المختلفة، وهو ما يصب في نهاية المطاف في عملية المشاركة بكل أشكالها، فالمشاركة السياسية هي تكثيف لعملية الوعي بضرورة تلاقح وتفاعل كل الجهود من أجل الحفاظ على المنجزات، والعمل على تطويرها، وجعل كل فائدة عامة تعود على الجميع. إن عضو المجلس الاتحادي هو ممثل عن مجمل شعب الإمارات، وليس فقط عن الإمارة التي انتخب عنها، وقد أسهمت هذه المسألة بشكل رئيسي في زيادة الوعي العام بأهمية إدراك المواطنين، ولا سيما من يرشحون أنفسهم للمجلس، بمجمل القضايا الوطنية، وفي جعل النظرة إلى المصالح نظرة شمولية، وهو ما يجعل مسؤولية أعضاء المجلس كبيرة، وبالتالي فإن عضوية المجلس هي مسؤولية وطنية كبرى، إذ تقع على عاتقه مسؤولية الاطلاع والمعرفة الدقيقة بمجمل القضايا العامة. وقد انعكست في المجلس الوطني الاتحادي عبر مسيرته العديد من التطورات الاجتماعية والتنموية، وعلى سبيل المثال لا الحصر ازدادت مشاركة المرأة الإماراتية في المجلس، وهو ما يؤكد الرؤية الاستراتيجية للقيادة الرشيدة تجاه مختلف الشرائح الاجتماعية، وإلى مكانة المرأة في تلك الرؤية، لا سيما أن المرأة هي الأقدر على مناقشة الكثير من القضايا الاجتماعية، كما أن حضور المرأة في المجلس الوطني الاتحادي يتناغم بشكل طبيعي مع تطور حضورها وفعاليتها في مختلف مؤسسات الدولة ووزاراتها، وينسجم مع المكانة التي باتت تحتلها المرأة في الحياة العامة داخل الإمارات، وهو ما يؤكد أيضاً أن المشاركة السياسية للمرأة أتت في سياق الخطط التنموية العديدة التي تبنتها الدولة لتطوير الموقع القيادي للمرأة. إن انتخابات المجلس الوطني الاتحادي ، عرس وطني بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فهي تتويج لعقود من العمل الدؤوب الذي سارت عليه دولتنا، وتتويج لبناء ثقافي في عملية التراكم في المفاهيم والأدوات، والتكامل بين الرؤى الاستراتيجية وطريقة أداء المؤسسات، وفي جعل المشاركة العنوان الرئيسي لعملية التقدم الإنساني والحضاري، وتأكيد على اللحمة الوطنية المتينة بين القيادة والمواطنين، وجعل المسؤولية المشتركة هي الطريق الأمثل لمواجهة مختلف التحديات، خصوصاً أننا نعيش في زمن تكثر فيه التحولات، وتزداد فيه الأعباء، ويصبح العمل الوطني أكثر حساسية وأهمية. هنيئاً لقيادة الإمارات وحكامها وشعبها بما أنجزت وتنجز، وكل عرس انتخابي والإمارات بألف خير.
مشاركة :