هل لاحظتم أن توالي الانكسارات العربية، لم تقد بعضنا إلى نقد الذات بل إلى جلد الذات؟ ودعونا نتفق أولا على أن نقد الذات هو مسألة صحية، وعملية حضارية راقية منبثقة من العقل البشري، أو هي ربما وظيفة عقلية، يود من خلالها المرء أن ينهض بحياته أو يصل إلى مدى حضاري جيّد . هناك نوع من الشخصيات الباحثة عن المثالية، وأصحابها لا يقبلون ارتكاب الخطأ ايا كان تافها او صغيرا، ويعتبرون وقوعهم في الخطأ كارثة لا تغتفر ايا كان حجم هذا الخطأ فيلجأون الى جلد ذواتهم بقسوة متناسين ايجابيات هذه الذات التي تكون كثيرة في اغلب الاحيان ليورثوا انفسهم بتصرفهم هذا العديد من الامراض النفسية التي قد تصل في احيان كثيرة الى الاكتئاب. أستاء عندما أسمع مثقفين يكررون في حواراتهم الفضائية كلمة «قومجي» وفي بعض الأحيان يتبعون ما قالوه في الفضائيات في مقالة بالجرائد. لا اعتراض لدي على ما يبشر به هؤلاء، وما يطرحون من آراء، فهذا شأنهم ومن حقهم علينا كقراء ومشاهدين أن نحترم ما يطرح حتى ولو لم نتفق معه. لكن المأخذ هنا، على مطلقي عبارات التهكم ان يتداولوا مفردات مثل «قومجي»، تلك الكلمة التي صاروا يرددونها حواراً ومناقشة وكتابة. شخصياً أقول: أنا قومي.. بملء فمي.. مذ رأيت النور.. كنت ولم أزل لكنني لا أقول بكوننا أنقى الناس عرقاً. أقول إن قوميتي ليست مشروع دستور أو حكم، أو منهج إدارة سياسية أو عسكرية، أو مصدر معاهدات وتحالفات مع هذا وذاك، أو قانون تفضيل بين أمة وأخرى، أو اتفاقية تجارية ندخل فيها من نشاء ونطرد منها من نشاء. قوميتي، أقول لمن يسمع ومن يصطنع الصمم، هي قرآني ولغتي العربية، وهي تاريخي الذي انكتب، وهي قبل ذاك محمد بن عبدالله، عليه الصلاة والسلام وخلفاؤه، وخالد والمثنى وعقبة وابن القاسم وابن العاص، وهي شعر زهير وحسان وأبي تمام والفرزدق والمتنبي، ماضياً. وحاضراً هي عبدالعزيز آل سعود ورجاله وأبناؤه، وعرابي والنديم وطه حسين والمازني والعقاد، وكان أولئك الرجال شيما وقيما. ولا أعتقد أن أبناء أولئك وأحفادهم سوف تسرهم تهكمات الفضائيات اطلاق كلمة «القومجية» عليهم.. لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :