أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الإصلاح بين المتخاصمين أفضل من صيام وصلاة التطوع والصدقة، ورغم ذلك إلى أن هذه العبادة أصبحت مهجورة لا يحرص عليها كثيرون بحجة «أنا مالي».روى أبو داود (4273) والترمذي (2433) عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: صَلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ» قَالَ الترمذي: وَيُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنَّهُ قَالَ: «هِيَ الْحَالِقَةُ. لا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ».وقال الإمام «المناوي» في شرح الحديث: إن المقصود بـ«إياكم وسوء ذات البين» أي التسبب في المخاصمة والمشاجرة بين اثنين، أو قبيلتين بحيث يحصل بينهما فرقة أو فساد، فإنها أي: الفعلة أو الخصلة المذكورة، و«الحالقة» أي الخصلة التي من شأنها أن تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموسى الشعر، وقيل هي قطيعة الرحم والتظالم.وأضاف: قوله: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة» المراد بهذه المذكورات النوافل دون الفرائض، قال القاري والله أعلم بالمراد: "إذ قد يتصور أن يكون الإصلاح في فساد يتفرع عليه سفك الدماء، ونهب الأموال، وهتك الحرم أفضل من فرائض هذه العبادات، القاصرة مع إمكان قضائها على فرض تركها فهي من حقوق الله التي هي أهون عنده سبحانه من حقوق العباد".وتابع: وقيل المراد بذات البين المخاصمة والمهاجرة بين اثنين بحيث يحصل بينهما بين فرقة والبين من الأضداد الوصل، والفرق وفساد ذات البين الحالقة أي هي الخصلة التي من شأنها أن تحلق الدين وتستأصله كما يستأصل الموس الشعر.ويرشد الحديث إلى الترغيب في إصلاح ذات البين واجتناب الإفساد فيها؛ لأن الإصلاح سبب للاعتصام بحبل الله، وعدم التفرق بين المسلمين، وفساد ذات البين ثلمة في الدين تعاطى إصلاحها ورفع فسادها نال درجة فوق ما يناله المشتغل بخويصة نفسه.
مشاركة :