هشام الحاج يفتتح مهرجان الفن الجميل في عينطورة

  • 8/12/2015
  • 00:00
  • 134
  • 0
  • 0
news-picture

ينطلق غدًا مهرجان عينطورة، هذه القرية القابعة في قلب الجبل وأوديته، في قضاء المتن بمحافظة جبل لبنان. التي يعود أصل تسميتها إلى اللغة السريانية ومعناه «أينة طورا» أو عين الجبل. وهي تبعد عن بيروت نحو 38 كلم، وترتفع نحو 1800 متر عن سطح البحر. في كل عام تنظم البلدة في 12 أغسطس (آب)، مهرجانًا من أربع أمسيات، ينتهي ليلة 15 أغسطس. يحييها فنانون لبنانيون، وتستقطب الليالي الأربع جموعًا غفيرة من مختلف المناطق اللبنانية، خصوصًا وأن البلدة تتميز بمناخها العليل وجوها المنعش في ليالي الصيف الحارة التي تجتاح مدن لبنان الساحلية، فينعم زوارها بلفحات البرودة إلى جانب ليالي الطرب والفن الجميل. غدًا (الأربعاء) يفتتح هشام الحاج، ابن قرية عين الجبل، التي منحته صوتًا قويا كصخورها، الليلة الأولى من المهرجان. وبهذه المناسبة كان لـ«الشرق الأوسط» حديث معه. أخبر هشام عن مسيرته الفنية التي بدأها يانعًا من على مقاعد الدراسة، حيث كان يشارك بغنائه في نشاطات القرية، وذلك قبل تقدمه للغناء في برنامج «استوديو الفن» وفوزه بالميدالية الذهبية عن فئة الأغنية التراثية اللبنانية عام 1992. عبّر لنا خلال الحديث، عن القوة التي يستمدها من تراب بلدته وطبيعتها الجبلية، لدى مشاركته في مهرجانات عينطورة، وهو بين أهله الذين احتضنوه ودعموه قبل وبعد انطلاقته الفنية. وكأن المهرجان مناسبة سارة ليراه أهل بلدته بينهم ويسمعون صوته يلامس جرود البلدة. تنوعت أغاني هشام الحاج، ولكنّ الأغنية التراثية اللبنانية والشعبية، بقيت الأحب إلى قلبه، بـ«العتابا» و«الشروقي» و«المعنّى» و«الفلكلوري» ورقص الدبكة اللبنانية، التي تغذى من تراثها وترعرع على حبها، ولكن حبه هذا لم يمنعه من تجربة غناء ألوان أخرى، فكانت لديه تجارب متواضعة باللهجتين الخليجية والمصرية، (قولي شي) و(تؤمر حبيبي). يعرف عنه سيره على خطى كبار الفنانين، وهو يؤكد ذلك بقوله: «يعتبر كبار الفنانين أنّ الصوت لا بدّ أن يتوظّف في أكثر من لون غنائي، ولا بدّ على الفنان أن ينوع ليستمر بنجاحاته». ويستشهد باختيار فيروز والرحابنة، بين الأغاني الرومانسية (فايق يا هوى.. وشايف البحر شو كبير)، وبين (دقو المهابيج.. وخبطت قدمكن) هذه الأغاني «الثورجية» حسب تشبيهه. وعن الصعوبات التي يواجهها في ظل هذه الهجمة على الساحة الغنائية، اعتبر هشام أنّه يواجه وغيره من الفنانين حربًا في كثير من الأماكن، ولكنه بحمد الله قادر على الصمود. ويردّ قائلاً: «للأسف الوضع السائد مع بعض المطربين، هو إمّا بسبب دعم شركات كبيرة لهم، أو بسبب إنتاجات متتالية تبقيهم على الساحة» مضيفًا أنّ «الفن دخل عالم التجارة منذ أكثر من عشر سنوات». وتأسف عندما قال إنّ الأغنية تبث بقدر المبالغ التي تدفع لأجلها، فتُشاهد تكرارًا على شاشات التلفزة أو تُسمع في الإذاعات. كما تناول بعض الأقلام في الصحافة الصفراء معبرًا عن احترامه للكثير من الأقلام الأخرى. لكل فنان أغنية محببة إلى قلبه، لكنّ هشام يحب كل أعماله ولم يغن يومًا ما لم يعجبه أو يقتنع به، فمنذ إطلالته في أعماله الأولى (قوليلون علبيت بفوت)، التي يكن لها محبة كبيرة، يقول إن أغنية (بلدنا) الديو التي شاركته بها أمينة من مصر، كان له وقع كبير فقد جاء بمثابة نقلة مهمة في مسيرته الفنية، واستطاع من خلالها مواجهة الحرب ضدّه، وفتح الأبواب التي أوصدت أمامه. ويتحدث مطولاً عن أغنية مصر ولبنان، ويقول: «فيها من الرقي والفن والنغمات الموسيقية والكلام الشعري الراقي الذي يحاكي ثقافة بلدين». ويستطرد ليتناول أغنية «المجد والمحبة» لنزار فرنسيس. يتملك الفرح قلب هشام عندما يقف على المسرح ويسمع الجمهور يردد أغانية منذ عشرين سنة، لأن السنين في حياته لم تمر عبثًا بل ملأ جعبة أرشيفه الفني أعمالا ما زالت حيّة ويطلبها المستمع. وبالحديث عن تجربة التمثيل، يرى هشام أنّ الناجح في الغناء ليس من الضروري أن ينجح في التمثيل، ويعتبر أنّ الفشل فيها قد ينعكس سوءا على الفنان، لذا يفضل البقاء ناجحا في الغناء ولكنّه يردفّ «سأقول نعم» للمسرح، معبّرًا عن عشقه له قائلاً: «هو يشبهني»، وردّد الـ«نعم» ثانية لخوض هذه التجربة. كما يعتبر هشام أنّ التمثيل يجب أن يصبّ في خدمة الغناء ومسيرته، كما كانت الحال زمن أفلام الأبيض والأسود، مع عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وشادية، وأيضا مسرحيات الرحابنة، التي تهدف من خلال التمثيل التركيز على أعمالهم الفنية التي كانوا يقدمونها، لذا يقول إن «التمثيل لا بدّ له أنّ يخدم المطرب إذا شارك في أي عمل تمثيلي». ويضيف هشام أنّه لا يرى الوضع مناسبا له ليطرح نفسه بصفة ممثل، ويقول: «وكأنني لا أعرف أين أريد أن أكون. ويردف «على العكس أنا ناجح في الغناء وأبقى في الغناء، وأدعم هذا المشروع بعمل سينمائي غنائي، يجعل الجمهور يقدر عملي ويسعد به بصفتي مطربا». ولدى إجابته عن مقارنة صغيرة بين الفن سابقا واليوم، يرد هشام و«بكل صراحة» يقول «دون مجاملة هناك انحدار كبير في الوسط الفني، وللأسف فالرقابة مغيبة وبالتالي لا محاسبة، ولا نقد بناء للأعمال الفنية بل لا نقّاد». ويرى أنّ الأغنية أصبحت تحرّض على العنف وفيها كثير من الإيحاءات، مشبهًا الحال «بالفلتان الفني». ولكنّه لا يلقي باللوم على شباب اليوم إن هم أحبّوا هذا النوع من الأغاني، لأنه مقتنع بأنّ المتلقي يسمع ما يُقدّم له، وجيل اليوم الذي تتراوح أعماره ما بين 15 و25 سنة، يتلقى على مدى أكثر من 10 سنوات أعمالا اعتاد على سماعها. ويكمل بقوله إنّ «80 في المائة من الأعمال اليوم هابطة، وتعود هذا الجيل على سماعها، فلا نستطيع أن نلومه، ولا نستطيع بعد سنوات أن نفرض عليه ما لم يعتد على سماعه». ويأسف لأن كثيرين ممن هم على الساحة الغنائية، لا يتعلمون من كبار الفنانين، ويدعوهم للعودة إلى الكبار من أجل الحفاظ على مستوى الأعمال الفنية التي ترسم المستقبل الفني للبنان. ويقول بقناعة تامة إنّ «الفن لا يبنى في ليلة وضحاها، وأمجاد الكبار والعمالقة لم تبن خلال سنتين بل هي مثابرة دامت عشرات السنين، عملوا بجهد وتحدّوا الصعاب لفترات طويلة تتراوح بين أربعين وخمسين سنة من العطاء المستمر ليتمكنوا بعدها من بناء مدارس لهم». ويختم حديثه: «أهل عينطورة أهل ضيافة وكرم وناسها طيبون وأنا ترعرعت وكبرت بهذه الطيبة التي غمروني بها، وعينطورة ترحب بالجميع».

مشاركة :