من المهم لأي اقتصاد يستهدف النمو والتطور أن يتوسع في الأنشطة الريادية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ولعل تجربة الصين خير دليل على استيعاب كل مواهب وقدرات وطموحات أبنائها في هذه المجالات، فنشأت قرى بأكملها ودخلت في عمليات تصنيع متنوعة وجدت مسارات إلى السوق العالمية بدعم الدولة، فحقق الاقتصاد الكلي قفزات سريعة ومتسارعة في النمو.ومما يثلج الصدر أننا نمضي على ذات التجربة والنهج من خلال الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية «مدن»، التي تمثّل الدولة في توفير الحواضن الصناعية في مختلف المناطق، ما يعني معدلات نمو جيدة في القطاع الصناعي وتعزيز المحتوى المحلي وتوطينه بمزيد من المنتجات الواعدة، التي يمكن أن تنافس المستورد وتتجه أيضا إلى الأسواق الإقليمية والدولية. من خلال الأرقام، فإنه وبحسب نايف الدرويش، مدير إدارة تطوير الصناعة والمدن الخاصة في الهيئة، فإن 95% من المصانع الجاهزة في هيئة المدن للمصانع الصغيرة والمتوسطة، ويتبع ذلك دعم لوجيستي وتنظيمي مهم يشمل احتياجات أصحاب المصانع ورواد الأعمال، وتوفير البيانات والمعلومات لهم، وكذلك رفع نسبة الصادرات لهذه المصانع، وتحقيق مستوى عالٍ من التنافسية والعمل على استقطاب المصانع العالمية.وعبر التعاون والتنسيق بين هيئة «مدن» والهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة «منشآت»، يمكن تحقيق اختراق نوعي في تطوير قدرات التصنيع، ومواكبته لتطورات الصناعات المختلفة سواء في التنظيم الهيكلي أو الإنتاجي والمعدات واستخدام التقنية، خاصة أن هناك برنامج خدمات الابتكار للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، الذي يدعم فرص نجاح المشاريع وتحقيق أهدافها على المدى البعيد.وبحسب المسؤولين، فإن نسبة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي تبلغ قرابة 28.7%، ومع مزيد من التمكين يمكن تحقيق مستهدفاتها بوصول نسبة الناتج المحلي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى 2.2 تريليون ريال في 2030، وأن تصل مساهمتها في الناتج المحلي إلى 35%، ما يعني أننا أمام واقع يمكن أن يؤدي دورا حيويا ومحوريا في خطط نمو الاقتصاد الوطني والوصول بمعدلات نموه إلى أقصى سقف ضمن دول مجموعة العشرين.
مشاركة :