قصتان أو اثنتان أو حتى ثلاث وإن شئت قل: مائةً من الحكايات أو تزيد إذ ما تمّ فحصها بأدواتٍ معياريّة علميّة فسيتبيّن للنّقَدة المنزّهين من وَضر العاطفةِ أنّ: حاتماً الطائي كان في حكاية كرمه أُكذوبةً كبرى تمّ ازدِرادها بلعها حتى إذا ما بلغت الحلقوم شَرِق بها العربُ غصّةً لدعوى كرمٍ ليس عليها بيّنة ولا يعضدها سلطان البرهان.. ذلك أنّهم قد اكتشفوا من خلال فرادة: حاتم ببلوغه المنتهى كرماً.. اكتشفوا أنّهم- أي العرب قد كانوا في جملتهم: بخلاء ما جعل الطائيَّ شامةً بين: العربان وليس الأمر كذلك. سيقول المخلّفون من بقايا بخلاء العرب: إنّ: حاتماً هذا الذي تزدري هو وحده من تجاوز سدرةَ منتهى الكرم (اليعربي) في حين أنّ ثمّة كرماء آخرين كثيرون غير أنّهم بالضرورةِ دونه منزلةً فكان الذكر لـ: حاتم لا شريك له فيما نُعت به فاختُصّ تالياً باللقب دون سواه.!! يا أيها العرب إنّ الاشادة المبالغ فيها من قِبلكم بشأن: حاتم وكرمه ليس لها من وجهٍ آخر يُمكن أن يُقرأ على نحوٍ من حسٍّ واعٍ غير أنّها -أي تلك الإشادة لم تكن سوى شتيمةٍ ما حقة قد لحقت لعنتها العرب فطالهم قاطبةً، وما لبثت أن خلعت عليهم جميعاً الوصف بـ: البخل! الأمر الذي أعجزكم يا أيها العرب- أن تُخرّجوا فيكم رجلاً ثانياً تَسَعُه شِيمُ الشمائل أن يُضاهي: حاتماً في كرمه: الأسطوري.. وليس أدلّ على ذلك من أنكم قد ضقتم ذرعاً بذكر كريمٍ آخر كمثل: حطائط بن يعفر وهو مَن قد سلبتموه قصصَ كرمِ عنوةً وألحقتم بالتالي قصائده زوراً بديوان: الطائي!! كفوا ألسنتكم عن هذا الغي وأقيموا في أبنائكم درساً في: الكرم ليس فيه استثناء لا لحاتم ولا لسواه ذلك أنّ المساحة تسع الجميع..! وإنّي لأعجب أن يكون كلّ هذا الاحتفال بـ: حاتم في الكرم وبـ: السموأل في الوفاء إذ الأول فيهما نصرانيّ بينما الثاني كان يهوديّاً! ولكأن نساء: المسلمين قد عقمن أن يلدن موحّداً كريماً وآخر وفيّاً!؟ أم أنّ هذا الأمر قد فاتكم مع ما فيه من تنقّصٍ لدينٍ قد بسط فينا معاني الكرم والوفاء ديانةً وليس ضروباً من حماقات بقايا الجاهلية الأولى؟! وسأمضي إلى ما هو أبعد من ذلك إذ سأزعمُ ثانيةً أنّ القراءة الناقدة لما كان مسطوراً في كتب تأريخ الأدب عن: (دعوى كرم حاتم) هي الأخرى يعزّ عليها أن تثبت عند التحقيق وإنما هي إلى الصّنعة أقرب وبالانتحال أليق وآية ذلك تباين سرد أساليبها والنّفس العباسيّ في لغة قَصّها وتشهد لذلك الأبيات المصاحبة لها، فالمفردة عباسيّة وشأن التوليد فيها ظاهر!. وفي الغد نكمل الأسباب التي ميزت حاتماً ليكون كريماً نقلا عن الشرق
مشاركة :