كانت الأوبئة تصل إلى الإمارات قديماً، عبر بعض المسافرين القادمين من بلدان فيها أوبئة، أو بسبب القوارض، كالفئران التي تنقل الطاعون الدمّلي، في وقت لم يكن هناك محاجرُ صحية، يُجبرون على المكوث فيها مدة معينة. ويذكر أن رجلاً كويتياً اسمه مساعد بن عبد الله العازمي، في أواخر القرن التاسع عشر، كان قد تعلم مبادئ الطب في مصر، وتدرب على القيام بعملية التطعيم، وقد وصل إلى الإمارات، وأخذ يجري التطعيم للراغبين، لكنه تعرض للمضايقة من بعض الجهال، ويذكر أن الشيخ صقر بن خالد القاسمي حاكم الشارقة (1883-1914م)، قد تطعم، حسبما ذكره المؤرخ المحلي، يوسف بن محمد الشريف. ومن الجدير بالذكر، أن اثنين من شيوخ بلدة الحمرية، التابعة للشارقة، قد توفيا بسبب إصابتهما بالعدوى في موجات الأوبئة، وهما الشيخ سيف بن عبد الله بن رحمة الدرويشي (توفي 1848م)، وحفيده سيف بن عبد الرحمن (توفي 1904م)، ثم توفي الشيخ صقر بن خالد القاسمي لنفس السبب في عام 1914، الذي سمي مجازاً باسم «سنة الرحمة»، وقد فنيت فيه بيوتات بكاملها. وأدرك الناس منذ القدم، ضرورة عزل المصابين ببعض الأمراض المعدية، وأبرزها الجدري والجذام، فكانت تخصص لهم أماكن بعيدة عن المناطق السكنية، وتقام لهم «عشش» بسيطة من الجريد يقيمون فيها، ويطلق على المجدورين محلياًّ اسم «الميَدَّر»، والمفرد مَيدور، وعلى المجذومين اسم «الميَـذَّم»، والمفرد مَيذوم. ويقوم على رعاية أولئك المرضى المعزولين، وتوفير متطلباتهم البسيطة، أناسٌ لديهم مناعة من المرض، سبق أن أصيبوا به وشُفوا منه، وكان المصاب بالجدري، يُنصح بغسل عينيه ليقيها من العمى، بسبب انتشار الطفح على الوجه. طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :