شرفتني إحدى المنصات الإعلامية من خارج المملكة مؤخراً بالدعوة للمشاركة في حلقة خاصة استضافت فيها عميد الإعلاميين الكشفيين العرب الأستاذ هشام عبدالسلام موسى، والذي تحدَّث في كثير من الجوانب الكشفية وسيرته الطويلة في الإعلام والتوثيق الكشفي والذي مارسه سنين عديدة، وما زال مرجعاً مهماً لكل ما يتعلق بالتوثيق الكشفي العربي. وخلال مداخلتي استعرضت كثيراً من المواقف التي جمعتني وإياه في هذا الجانب، وهي لقاءات وذكريات توصف بأنها بين معلم وتلميذه، فأنا لا زلت ذلك التلميذ الذي يتعلم من مدرسته كخبير إعلامي كشفي لا يختلف عليه اثنان، وكان مما ذكرته أنه كتب مقالاً قبل أكثر من 30 عاماً بعنوان «هل الكشفية في حاجة إلى إعلان ميلاد جديد»، حيث أشرت إلى أنني لم أتمنَ مقال أحد كتب من غيري مثلما تمنيت أن يكون هذا المقال أنا الذي كتبته، والذي كان يتحدث فيه عن ميلاد الأثر الذي أحدثته وتحدثه الكشفية على مرّ العصور أو العقود، ومن خلاله نستطيع قياس جدوى هذه الحركة من عدمه، وأن هذا الأثر هو الناتج الطبيعي الذي تؤثر به الحركة الكشفية في البنية الاجتماعية من خلال المدينة أو الحي أو الأسرة أو الفرد، وهذا التأثير في البنية الاجتماعية إذا أصابه عارض أو ضعف تأثير أو سلبية اجتماعية فإنما يدل ذلك على ضعف المؤثر وهو الحركة الكشفية، وعند الوصول إلى هذه الدرجة فإن الحركة الكشفية تكون أمام أمرين أما أن تحيل نفسها إلى التقاعد وأما أن تعلن عن ميلادها من جديد بثورة تنفض عنها غبار التردي وتحدث تغييراً جذرياً في بنيتها وهيكلها وأنشطتها وبرامجها، وفي هذه الحالة تصبح أي محاولة للترقيع أو التطوير عبئاً يثقل كاهل الكشفية لأنه لا يبنى على استيعاب القديم في محاولة للتجديد، بل إنما يحدث هو استغراق في القديم دونما إدراك واستيعاب كامل وعجز عن فهم أو حتى محاولة فهم الجديد، وكان من نتيجة ذلك أن وقف الكشفيون ثلاث فرق إحداها تضرب عن كل ما هو جديد وقديم في سلبية تامة ولا يهمها إلا البقاء في دائرة الضوء، والأخرى تعزف عن كل ما هو جديد مكتفية بممارسة القديم وتسعى جاهدة خلف التطوير، وقبل أن نصدر حكمنا يجب أن نسأل أنفسنا ونجيب بصراحة حول الأسئلة التالية: هل استطعنا خلال القترة الماضية أن نشعر المجتمع بنا أو نجعله يحس بنا، كم من القادة الذين يدخلون في عملية التأهيل يستمرون في الحركة؟، كم قائدًا لدينا وكم وحدة؟، كم من القادة يشكِّل قدوة حقيقية لفتيته، كم من الفتية عدلت الكشفية من سلوكياتهم، كم عدد المنتفعين من الكشفية وما نسبتهم لغير المنتفعين والمتطوعين تماماً عن رغبة وإخلاص؟، أيهما أقوى الآن الكشفية أم التنظيمات الشبابية الأخرى. بعد أن يضع كل واحد منا قلمه فليجلس ويقرأ ما كتب ويتأمله جيداً ويفكر فيه ويسأل نفسه هل الكشفية في حاجة إلى إعلان ميلادها من جديد؟. السؤال الجديد: بعد 30 عاماً من هذا الكلام هل جاء الوقت الذي يمكن أن نعلن فيه ميلاد جديد للحركة الكشفية، وأنها ذات أثر على الفرد والمجتمع؟. ** **
مشاركة :