تواجه الحكومة الليبية المعترف بها دوليا مستقبلا غير واضح بعد اعلان رئيسها عبد الله الثني انه سيستقيل في حين بدات محادثات السلام في اجواء مشحونة لليوم الثاني على التوالي. ومن غير الواضح ما اذا كان الثني سيؤكد الاستقالة التي قدمها على الهواء بانفعال خلال مقابلة تلفزيونية حيث واجه وابلا من الاسئلة المحرجة والغاضبة من مواطنين. لكن المتحدث باسم الحكومة حاتم العريبي، قال لوكالة فرانس برس الاربعاء انه "اذا طلب منه الشارع ذلك فسيستقيل، هذا كل ما في الامر (...) حتى الان، لم تقدم الاستقالة، ولا املك جوابا حول ما اذا كانت الاستقالة ستقدم (الى البرلمان) الاحد". ومن شان هذه الخطوة ان تضيف مزيدا من الفوضى السياسية في ليبيا، حيث تلتقي الفصائل المتناحرة لليوم الثاني في محادثات سلام ترعاها الامم المتحدة في جنيف. وتعرض الثني للاحراج خلال المقابلة مساء الثلاثاء مع القاء اللوم على حكومته لانعدام الخدمات الاساسية مثل الكهرباء والوضع الامني المقلق في المناطق التي تسيطر عليها. وقال خلال المقابلة "اذا كان خروجنا هو الحل فاعلنها على الهواء، انا اتقدم باستقالتي". واضاف عبر برنامج "سجال" الذي تبثه قناة "ليبيا روحها الوطن" الموالية للحكومة "يوم الاحد استقالتي مقدمة لمجلس النواب". وواجه رئيس الوزراء الذي نجا من محاولة اغتيال في ايار/مايو عندما اطلق مسلحون النار على سيارته بعد اجتماع للبرلمان، اتهامات لحكومته بالفساد خلال المقابلة التلفزيونية. وبعد اكثر من ثلاثة اعوام على سقوط نظام معمر القذافي، تحكم ليبيا التي تسودها الفوضى سلطتان هما حكومة وبرلمان يعترف بهما المجتمع الدولي ويعملان من شرق البلاد، وحكومة ومؤتمر وطني عام انتهت ولايته يديران العاصمة ومعظم مناطق غرب ليبيا وهناك ايضا العديد من الميليشيات التي تقاتل من أجل السيطرة على الثروة النفطية في البلاد. وتسود الاضطرابات البلاد وخصوصا بنغازي، المدينة الرئيسية في الشرق، حيث تدور معارك يومية بين القوات الموالية للحكومة وتلك المعارضة لها. وتعمل حكومة الثني من مدينة صغيرة في الشرق الليبي قرب الحدود مع مصر منذ ان استولى تحالف ميليشيات اسلامية على طرابلس صيف العام الماضي. ويعترف المجتمع الدولي بالبرلمان الذي يتخذ من المدينة الساحلية الشرقية طبرق مقرا، والذي قام بتعيين اللواء المثير للجدل خليفة حفتر قائدا للجيش في اذار/مارس. وفي 11 تموز/يوليو، وقعت اطراف ليبية بينها البرلمان المعترف به بالاحرف الاولى في منتجع الصخيرات في المغرب اتفاق "سلام ومصالحة" يفتح الطريق امام تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن ممثلي المؤتمر الوطني العام في طرابلس تغيبوا. ورفض المؤتمر توقيع اتفاق الصخيرات في انتظار مناقشة تعديلات يطالب بادخالها عليه، بينما طالب تحالف "فجر ليبيا" المسلح الذي يسيطر على العاصمة منذ عام بحوار داخل ليبيا من دون وساطة اجنبية. واختتمت مساء الاربعاء جولة جديدة من "الحوار السياسي الليبي" استمرت يومين في جنيف بحسب ما اعلن رئيس بعثة الامم المتحدة في ليبيا برناردينو ليون بعد يومين من المباحثات. وحض ليون الفصائل الثلاثاء على التوصل الى اتفاق املا بتشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على فرض وقف لاطلاق النار. وحصلت اجتماعات الثلاثاء بين موفد الامم المتحدة والطرفين المتنازعين على حدة، لكن ممثلين للوفدين الليبيين اجتمعوا الاربعاء وجها لوجه مع ليون. ووضع ليون جدولا زمنيا طموحا، داعيا الى اتفاق شامل يتم إبرامه قبل اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة في ايلول/سبتمبر المقبل، رغم تحذيره بان العملية ستكون صعبة. ورغم ذلك، لن يوقع البرلمان المنتهية ولايته اي اتفاق يبقي على اللواء حفتر في منصب عسكري رفيع، وفقا لمحمد علي عبد الله الضراط من برلمان طرابلس. واضاف "لن يكون هناك اتفاق اذا كان من المتوقع ان يبقى حفتر قائدا للجيش في ليبيا فاولئك الذين تورطوا في تصعيد الازمة السياسية والعسكرية في ليبيا لا يمكن ان يتولوا التوصل الى الحل". وفي جنيف، اكد عضو في وفد السلطات المعترف بها دوليا ان شخص حفتر هو "المصدر الرئيسي للتوتر" في طرابلس كما في طبرق. وقال نعيم محمد عبد الرحمن القرياني ان حفتر "لا يمكنه ان يكون شخصية وحدوية". من جهة اخرى، اعتبر القرياني وهو وزير سابق ان امكان استقالة الثني ليس له "دلالة كبيرة" ولا يؤثر في محادثات جنيف. وكان حفتر (72 عاما) ضابطا في الجيش ابان عهد القذافي قبل ان ينتقل إلى الولايات المتحدة حيث كان يعمل في بعض الاحيان مع وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) وفقا لتقارير وسائل اعلام اميركية. وعاد الى ليبيا العام الماضي وتولى قيادة الجيش، متعهدا سحق الميليشيات الاسلامية في حين حض الغرب على دعم قواته. وقال ليون الثلاثاء ان هناك حوارا منفصلا مستمرا مع قادة الجيش والميليشيات ولكن التقدم على هذا المسار بطيء. واضاف "يجب أن يكون هناك مزيد من التقارب"، مؤكدا أنه من دون مشاركة هؤلاء الذين يقاتلون على الارض، فان اي صفقة سياسية لن تصمد.
مشاركة :