اتهم حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي سياسيين فاسدين، اليوم الأربعاء بمحاولة تخريب خطته الرامية لإجراء إصلاحات جذرية في النظام الحكومي، وحذر زعماء مجموعات شيعية ذوي نفوذ من استخدام أتباعهم المسلحين لتحقيق غايات سياسية. وبعد عام في المنصب، أعلن العبادي عن أكبر إصلاحات للنظام السياسي منذ انتهى الاحتلال العسكري الأمريكي بطرح حزمة إجراءات تنطوي على مخاطر بهدف تعزيز سلطاته. ووافق البرلمان العراقي بالإجماع يوم الثلاثاء، على إلغاء مجموعة كبيرة من المناصب الحكومية والتخلص من نظام المحاصصة الطائفية والحزبية في توزيع المناصب الرسمية، وإعادة فتح تحقيقات فساد ومنح العبادي سلطة إقالة قيادات في الأقاليم والمحافظات. وستجرد هذه الإجراءات الجريئة عدداً من أقوى ساسة العراق من المناصب الرسمية بينهم نوري المالكي، الذي خلفه العبادي في رئاسة الحكومة إذ سيلغى منصبه كنائب لرئيس الجمهورية مع آخرين. وأعلن مجلس الوزراء اليوم الأربعاء، قراراً للعبادي بإعفاء أمين عام مجلس الوزراء ومعاونيه من مناصبهم. هذه الإصلاحات قوبلت بإشادة كبيرة من أحزاب وطوائف مختلفة، وكذلك من حكومات غربية، وحظيت أيضا بدعم المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى علي السيستاني. لكن العبادي قال في خطاب تلفزيوني إنه لا يزال يتوقع مقاومة من أولئك الذين استفادوا من النظام الذي ورثه. وقال العبادي: المسيرة لن تكون سهلة وإنما مؤلمة.. والفاسدون لن يسكتوا وأصحاب الامتيازات لن يسكتوا.. ولكننا سنمضي لآخر المهمة في محاربة الفاسد وإصلاح الأوضاع. وبينما لم يذكر رئيس الوزراء أسماء لمن اتهمهم بمحاولة التخريب، فإنه حذر من تسييس الجماعات الشيعية المسلحة التي أصبح قادتها أكثر نفوذاً خلال العام المنصرم بعدما لعبت قواتهم دوراً رئيسياً في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد، الذي يسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي في شمال العراق وغربه. وأضاف العبادي أن من الضروري إبعاد القوات المسلحة، وجماعات الحشد الشعبي عن الساحة السياسية، لأن من يقاتلون في جبهات القتال يقاتلون من أجل البلد وليس من أجل أحزاب. وسعى العبادي جاهداً لتعزيز صلاحياته. وزار يوم الثلاثاء قوات على الجبهة في محافظة الأنبار بغرب العراق، تستعد لهجوم من أجل استعادة هذا المعقل السني. وتولى العبادي المنصب الصيف الماضي بعد انهيار الجيش، وسقوط الموصل في قبضة الدولة الإسلامية، لتلجأ حكومة بغداد لجماعات شيعية مسلحة للدفاع عن العاصمة، واسترداد ما استحوذ عليه التنظيم من أراض. واحتوى النظام السياسي الذي وضع خلال سنوات الاحتلال الأمريكي بين 2003 و2011 على العديد من المناصب الكبيرة المتداخلة، وزع معظمها على أساس عشائري وطائفي بين الأغلبية الشيعية والأقليتين السنية والكردية. كان الهدف من ذلك النظام هو الحد من التناحر السياسي من خلال أن تكون الحكومة شاملة. لكن العبادي اشتكى من أن ذلك شجع المحاباة الحزبية على أسس عشائرية وطائفية، وأدى لانتشار الفساد ونقص الكفاءات بدرجة تعرض مستقبل العراق للخطر. وأصر العبادي على أن إصلاحاته لا تستهدف أحداً بعينه، لكنه حذر من محاولة منافسين تصويره على أنه معاد لكيانات محددة بغرض إثارة الاستياء. وقال العبادي إنه يخشى أن يحاول البعض تفسير كلماته وكأنها موجهة لهذا أو ذاك أو ضد مجموعة أو منظمة بعينها، مؤكدا أنه لا يستهدف أحداً بعينه. كان أحد أسباب اختيار العبادي رئيسا للوزراء هو عدم ارتباطه بأي من المجموعات المسلحة التي خاضت حرباً طائفية أثناء الاحتلال الأمريكي، ولهذا اعتبر قادراً على تشجيع المصالحة أكثر من سلفه المالكي. لكن هذا صعب عليه ترسيخ وضعه في بلد يخوض حرباً ضد الدولة الإسلامية المتطرفة، ويعاني من الفساد ونزعة كردية للانفصال بالإضافة لخصومات شخصية بين الزعماء السياسيين وأزمة مالية، سببها تراجع أسعار النفط. وقالت ماريا فانتابي خبيرة شؤون العراق في مجموعة الأزمات الدولية، إن قادة المجموعات الشيعية يمكنهم بسهولة تحويل شرعية السلاح إلى شرعية سياسية بالقول إنه بغض النظر عما يقوم به حيدر العبادي، فإنهم هم من يخوضون القتال على الخطوط الأمامية. وبينما يصعب دعم السيستاني للعبادي على خصوم رئيس الوزراء من الشيعة معارضة إجراءاته علناً، فإنهم رغم ذلك قد يسعون لإفساد إصلاحاته بتحركات من وراء الستار.
مشاركة :