يعاود وطننا مسيرة العمرة، بعد فتحه الأبواب من جديدٍ للمعتمرين من خارجه، وعادت نغمة «أهلاً بكم في موسم العمرة»، نيابةً عن مواطني المملكة كافة، نرحب بكم على أرض القداسة والإنابة: درجة الحرارة الآن فيها معتدلة، ففي مكة المكرمة والمدينة المنورة حرارة الود والمحبة تعلو على كل شيء. يفتح الوطن موسم العمرة الخارجية أبوابها، فيُتاح لأبناء العالم الإسلامي أن يتنفسوا؛ بعد أشهر من العزلةِ وتعليق العمرة والزيارة والصلوات في المسجد الحرام والمسجد النبوي؛ تعود الحياة الخاشعة المتذللة، وتأخذ مكة المكرمة والمدينة المنورة هذه الخطوة؛ لتسابقا الزمن لتجعل من تجربتهم الإسلامية تجربةً ناجحة ونموذجية من جديد بما يحافظ على سلامة الطائفين والراكعين والساجدين والمجتمع من خطر جائحة كورونا، فالإجراءات واضحةٌ والأنظمة صارمةٌ مع إعادة فتح الأبواب أمام المعتمرين من الخارج، والهدف تحقيق المعادلة الصعبة بين سلامة المعتمرين والمواطنين والمقيمين على أرضنا، والتعايش مع هذه الجائحة العالمية ومنح مبادرات وخدمات جديدة بعد كل هذا التوقف المزعج الذي شعرنا به وعشناه لشهور. مكة المكرمة والمدينة المنورة لا تحتاجان من يحسِّن صورتهما ولا صورة وجهاتهما التعبدية وتجاربهما الفريدة، ولا تحتاج من يسوّق جمالهما، ولكن في هذه المرحلة الصعبة علينا أن تستمر في منح تجربة مختلفة عمّا سبق، بأن نهيئ للمعتمرين من خارج هذا الوطن تجارب آمنة تنسجم مع البروتوكولات الصحية التي فرضتها علينا جائحة كورونا، من التباعد الاجتماعي الآمن والالتزام بلبس الكمامات أثناء أداء العمرة وفي الأماكن العامة وصولاً لتقديم شهادة «بي سي آر» صادرة من مختبر موثوق في دولة المعتمر بما لا يتجاوز 72 ساعة من وقت أخذ العينة حتى وقت المغادرة. مؤسسات الوطن المتمثلة في المطارات والمنافذ البرية والجوازات والمستشفيات والإدارات الصحية التي تستقبل المعتمرين من الخارج، في جاهزيتها الكاملة، للتعامل مع الظروف الراهنة بمزيد من المرونة والدبلوماسية التي يلتزم بها وطننا في السنوات الماضية من الترحيب بالمعتمرين وخدمتهم الخدمة اللائقة وتسهيل إجراءاتهم وتوفير أفضل الأساليب لحسن استقبالهم، واليوم يضاف أسلوب الحفاظ على سلامتهم وصحتهم، وأجهزة الوطن الطبية ستتعامل مع هذا الأسلوب بحرص شديد ليُكتب لموسم العمرة النجاح الباهر حتى في هذه الظروف المُعاشة، وهذا يتطلب أيضاً أن يُتبع ذات النهج في الأسواق والشوارع ووسائل النقل، وصحيح أننا نلاحظ التقيد بالأنظمة والالتزام بالقواعد المتبعة داخل وطننا، إلا أنه يجب التركيز الشديد على هذه القواعد والأنظمة مع خطوة استقبال المعتمرين من خارج المملكة لتوفير أسلوب الحماية لهم ومن يتعاملون معهم أيضاً. نحن في هذا الوطن الكبير «المملكة العربية السعودية» نريد أن نمنح تجربة فريدة بعيدة عن التوتر والهلع من أية مكاره وأخطار، ونحن نمتهن مهنة تنظيم الحج والعمرة منذ سنواتٍ وتاريخنا أبيض ناصعٌ في هذا المسار، وعلينا مواصلة المهمة لنكون متنفس العالم الإسلامي في جميع الظروف القاهرة، ونرحب بالقلوب المشتاقة للتذلل والتعبد لربها، نرحب بالشباب الذين منعتهم الجائحة من الذهاب حتى لمكة المكرمة والمدينة المنورة، لنعطيهم أكبر درس في تجربتهم، وهو أن قوة الأمل هي الأقوى في العالم، أن نرحب بكبار السن الذين عاشوا الهلع كثيراً ونقول لهم هنا على أرض وطننا سترون الإيجابية والبهجة والطمأنينة، نرحب بعائلات لم تتمكن من الالتقاء منذ أشهر ليلتقوا في مكة المكرمة والمدينة المنورة أرضَيْ السلامة والصحة النفسية والأوقات الجميلة، نرحب بأبطال الخطوط الأمامية في الدول العربية والإسلامية الذين قضوا شهوراً قاهرة تحت القلق والتوتر، يدافعون فيها عن حق البشرية في الحياة ويمنحون الحماية، لتكون مكة المكرمة والمدينة المنورة مكان إجازاتهم وليقضوا فيهما أجمل اللحظات والأوقات وأسعدها. عندما تتنفس مكة المكرمة والمدينة المنورة يتنفس العالم الإسلامي، والعالم الإسلامي بأفراده هم في أمسِّ الحاجة لمكانٍ يتنفسون فيه ويعبرون عن حبهم للحياة بالتذلل والعبادة لربهم، ولن يجد من يبحث عنها أفضل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، لنمنح لهم هذه التجربة بأحسن أساليب السلامة والراحة النفسية وأفضلها في آن واحد، فنحن الذين تمكنّا من أصعب المعادلات وأحلكها وحوّلنا الصحراء إلى واحات خضراء وتنمية عمرانية سنتغلب على هذه الجائحة، وسنُوجد للعالم العربي والإسلامي مكاناً يتنفس العبادة والتذلل فيه، ويعيش فيه أمتع اللحظات وأجملها، مكاناً يتناسى فيه المسلمون اللحظات المؤلمة وأوضاعهم الصعبة التي فرضتها عليهم الجائحة العالمية. أهلاً بالمسلمين في مكة المكرمة وفي المدينة المنورة وفي المملكة العربية السعودية، نحن من سنعبّر عن ترحيبنا وتقديرنا للمسلمين في أصقاع المعمورة من وراء الكمامات، ولن نجعلها تقف مانعاً بيننا وبين من يريد العبادة والخضوع لله، سنُظهر لهم أجمل الابتسامات حتى وإن لم تتضح على شفاهنا وراء الكمامات، نحن من سنمنح حياتهم بالدفء حتى وإن حالت أجسادهم من التقارب، فخوضهم التجربة على أرض مكة المكرمة والمدينة المنورة ستعوضهم عن هذا كله. ونحن على ثقة أن جميع مؤسسات الوطن التي تهتم بتقديم الخدمات لضيوف الرحمن في جميع المراحل تتصف بالتدريب المثالي والخبرة العريقة، ولديها التعليمات للاستمرار من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين، ومتابعة وزير الحج والعمرة محمد صالح بن طاهر بنتن، بتوفير كل ما يُحتاج له، وفي المقدمة الأمن والراحة والخدمات، التي عرفونا بها زوار الأراضي المقدسة والمسلمون.
مشاركة :