تشارلز تايلور.. فلسفة الذات في المجتمع الحديث

  • 11/5/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يُعيد تشارلز تايلور؛ الفيلسوف السياسي الكندي ذائع الصيت، مُساءلة منجزات عصر الحداثة، ووضعها على منضدة النقد والتشريح، ولم يكن هو أول من فعل المساءلة تلك؛ حيث سبقه كثيرون، أبرزهم: ماكس هوركهايمر وأدورنو خاصة في كتابهما المشترك «جدل التنوير»، ناهيك طبعًا عن كل مفكري ما بعد الحداثة. لكن اللافت في اشتغال تشارلز تايلور أنه لم يسر في المسار التدميري/ التفكيكي الذي نهجه فلاسفة ما بعد الحداثة، وإنما قرر السير في الجهة المعاكسة؛ إذ يتبع مسلكية إعادة البناء التي مهر يورجن هابرماس في استخدامها. حاول تشارلز تايلور، متبعًا المنهجية التي أشرنا إليها أعلاه، إعادة بناء «الذات الحديثة» _وكتابه الضخم «منابع الذات» محل بسط أطروحته الكبيرة تلك_ فهم لم يكن مقتنعًا بمبدأ الفردانية الليبرالية، ولا بكون الفرد في المجتمع الحديث يمكنه أن يكتفي بذاته، وإنما هو مؤمن بالعكس، أي بأن الفاعل الاجتماعي مرتهن بجغرافيا شروطه وظروفه ومعتقداته المحيطة. يقول: «إن المجتمع الليبرالي ـكما كل مجتمع آخرـ لا يقوم فقط بمجرّد تلبية حاجات ومصالح أفراده. وهو يتطلّب أيضاً مجموعة من الاعتقادات التي، إنْ لمْ تكنْ شائعة، فعلى الأقلّ مُشتَرَكة على نطاق واسع، والتي تربط بين بُنيته وممارساته من جهة، وما يعتبره أعضاؤه دلالة نهائية يتمتّع بها». هذا الاقتباس ذاته يقودنا إلى نقطة أخرى، وهو أن الرجل أدخل «الدين» في سياق اشتغاله الفلسفي، وحاول أن يتلمس مكانة الدين في المجتمع الحديث، وهو، بالمناسبة، نقاش طويل جدًا، شارك فيه باحثون ومفكرون كبار أمثال: يورجين هابرماس وجوديث بتلر وغيرهما. وخلص الرجل، كما تشير إلى ذلك خواتيم كتابه «منابع الذات» وكتابه «عصر علماني»، إلى أن الدين _كمعتقد ومقولة فسلفية_ يلعب دورًا لا بأس به في المجتمع الحديث، وأن أي مقاربة فلسفية لا يمكنها إغفاله بحال من الأحوال. اقرأ أيضًا: أنطونيو كانوفا.. النحات الأكثر تألقًا في أوروبامعلومات عن تشارلز تايلور وبمناسبة ذكرى ميلاده، يتطرق «رواد الأعمال» إلى أبرز المحطات في سيرة حياة تشارلز تايلور وذلك على النحو التالي:وُلد تشارلز تايلور في مونتريال، كيبيك، في 5 نوفمبر 1931، لأم ناطقة باللغة الفرنسية وأب ناطق باللغة الإنجليزية.التحق بعدها بمدرسة سيلوين هاوس من عام 1941 إلى عام 1946 م، وبدأ تعليمه الجامعي في جامعة مكغيل؛ حيث حصل على درجة البكالوريوس في التاريخ عام 1952.ثم واصل دراسته في جامعة أكسفورد؛ عن طريق منحة رودس في كلية باليول، وحصل على درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف من الدرجة الأولى في الفلسفة والسياسة والاقتصاد في عام 1955، ثم حصل كطالب دراسات عليا على درجة دكتوراه في الفلسفة في عام 1961 تحت إشراف السير أشعيا برلين.تأثر تايلور بالفلاسفة الألمان في القرن العشرين، خاصة مارتن هايدجر وهانس جورج غادامير.عمل أستاذًا للنظرية الاجتماعية والسياسية في جامعة أكسفورد وأصبح زميلًا في كلية آل سولز.كما كان تشارلز تايلور أستاذًا للعلوم السياسية والفلسفة في جامعة مكغيل في مونتريال؛ حيث أصبح الآن أستاذًا فخريًا.وكان تايلور أيضًا أستاذًا في مجلس الأمناء للقانون والفلسفة في جامعة نورث وسترن في إيفانستون، إلينوي، لعدة سنوات بعد تقاعده من جامعة مكغيل.انتُخب تشارلز تايلور ليكون عضوًا فخريًا أجنبيًا في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم في عام 1986، كما عُين في عام 1991 بمجلس اللغة الفرنسية (Conseil de la langue française) في مقاطعة كيبيك، وانتقد لاحقًا قوانين العلامات التجارية في كيبيك.بالإضافة إلى حصوله في عام 1995 على وسام كندا، حصل في عام 2000 على وسام كيبيك الوطني برتبة ضابط كبير.حصل في عام 2003 على الميدالية الذهبية لمجلس البحوث في العلوم الاجتماعية والإنسانية للإنجاز في البحث، والتي كانت أعلى تكريم يقدمه المجلس.كما حصل أيضًا على جائزة تمبلتون لعام 2007 لسعيه وتقدمه في البحث أو الاكتشاف في مجال الحقائق الروحية، وتضمنت هذه الجائزة مساهمة نقدية بقيمة 1.5 مليون دولار أمريكي.عُين في عام 2007 برفقة جيرارد بوشار على رأس لجنة تحقيق مدتها عام واحد للنظر في تأمين مساكن مناسبة لثقافات الأقليات في مقاطعة كيبيك. اقرأ أيضًا: طه حسين.. الذي امتطى أناه الجريحة صوب السماء عهود سليمان: حبي للدقة والتفاصيل قادني لاحتراف فن البورتريه كارلو كولودي.. الموهبة التي عاشت في الظل

مشاركة :