"إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ، فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا".وبكلمات أمير الشعراء أبدأ مقال اليوم عن رمانة ميزان البشرية ومنظمها الأساسى الذى إن اختل ومال اختلت ومالت على أثره وهى الأخلاق. فالأخلاق ليست مجرد كلمة نعرفها ونحفظها عن ظهر قلب دون أن نفهم معناها، لكنها الضامن لصلاح واستقامة أى مجتمع، إذ أنها المنظم الأساسى الذى يحكم العلاقات بين البشر والقانون المثالى الذى أقرته كافة الأديان السماوية وغير السماوية منذ بدء الخلق وحتى يومنا هذافقد كنا نري و نسمع و ندرك و نتعلم تلك القيم بشكل دائم في كل مراحلنا العمرية في البيوت و المدارس و الشوارع و النوادي إذ كانت سلوكيات و أخلاقيات عامة تحكم جميع أفراد المجتمع و من يخرج عنها و يتجاوزها يكون استثناءً معلومًا لدي الجميع فيناله العقاب الجماعي بالنبذ أو الإزدراء أو فقدان الهيبة و احترام الآخرين .و لكن :لم يعد هناك وجود لهذه الأخلاقيات ولا تلك القيم بقاموس مفردات الأجيال الجديدة ، تلك التي لم يسعدها الحظ لتنال هذا القسط الوافر من التربية و لا تحظي بهذا القدر المطلوب من الإهتمام بالبيت و المدرسة و غيرهم من مصادر و منابر تشكيل الوعي المباشر و غير المباشر .فقد شاهدنا منذ أيام قليلة ، واقعة مثيرة للشفقة من خلال تداولها علي وسائل التواصل ووسائل الإعلام بعد ذلك ، لهذا الصبي ذي الإثني عشر ربيعا، و ما صدر عنه من تجاوزات لفظية وخلقية بحق أحد أفراد الشرطة و رأينا هذا الكبر و تلك اللامبالاة التي ظهر بها الفتي نظرًا لكونه نجل أحد رجال القضاء ، أي أن سلوكه نابعًا من ثقته بأن أحدًا لايستطيع الإقتراب منه أو معاقبته جراء أي سلوك خاطئ لإنه إبن ( الباشا).أقول لهؤلاء جميعًا : رفقًا بأبنائكم ، فأنتم من تسببتم بنمو تلك العقد و الأمراض النفسية بداخلهم ، و أنتم من علمتموهم أنهم محصنين إذا كان أحدهم ابن فلان باشا أو علان بيهألا تعلمون : أنه قد تم إلغاء هذه الألقاب منذ زمن بعيد ؟ تلك التي لا تزالون تتمسكون بها ضمنًا فيما بينكم لإشباع نقيصة ما قد ورثتموها لأبنائكم عن قصدٍ أو كنتم لا تقصدون.فأبناؤكم أمانة و مسؤولية ستحاسبون عليها أمام الله ، فما تزرعونه بداخلهم من خير ستحصدونه خيرًا ، و ما دون ذلك دون ذلك . نهاية أعزائي ، علموا أولادكم : (أنه من تواضع لله رفعه)علموا أولادكم : (أن الكلمة الطيبة صدقة )علموا أولادكم :(أنه من يتق الله يجعل له مخرجا)علموا أولادكم :(احترام الكبير و العطف علي الصغير )علموا أولادكم : (أن منزلة الإنسان تقاس بمقدار خلقه و علمه) علموا أولادكم : (أنه لافضل لعربي علي أعجمي إلا بالتقوي )علموا أولادكم : (أن دوام الحال من المحال ، و أن الأيام دول) علموا أولادكم : (أن الإنسان يفني تاركًا خلفه كل ما جمع من مال و عدده )علموا أولادكم : (أن ذكر الإنسان و سيرته الطيبة عمره الثاني) فكلما ارتقت الأخلاق كلما ارتقت الأمم
مشاركة :