في إحدى اللقاءات النادرة مع الصديقات , طفقوا يجترون الذكريات الجميلة بتفاصيلها الكثيرة ويقهقون ضحكاً على مواقف جعلتنا نظهر أغبياء أو تافهين بعكس طبيعتنا . وكل برهة كانت تلتفت عليَّ إحداهن بالسؤال ضاحكة هل تذكرين ؟!! ثم تتمدد على ظهرها من شدة الضحك , كنت أشاركهم الضحك و السخرية على مافعلناه , وبداخلي حسرة تنخر كالسوس الذي ينخر حبة اللوز فيجعلها جوفاء , وأحدث نفسي , لماذا لا أذكر كل تلك التفاصيل ؟! هل كنت معهم فعلاً أم يتهيأ لهم وجودي من حبهم لي ؟! وأخيراً قررت البوح لأحداهن بذلك , قلتها وقد ظهرت على وجهي الدهشة المتواترة مع خيط من الدموع المتحجرة في مقلتيَّ , حينها قالت لي صديقتي : فعلاً لاحظت ذلك عليك , فقد أصبحت كثيرة النسيان , عصبية , مشتتة الذهن أحياناً كثيرة , ثم أردفت : قد يكون من ضغط العمل والمسؤوليات الكثيرة التي ألزمت بها نفسك حتى في الإجازات الأسبوعية . قالت تلك الكلمة فأحسست وكأن أحدهم لكم وجهي لكمة قوية ضربت رأسي بالحائط , فَشُق رأسي نصفين وبدأ يأكل مخي ويتلذذ به , وتأكدت حينها بأني بدأت أعاني من متلازمة الإحتراق النفسي ( burnout ) الناتجة عن الإجهاد العقلي والنفسي الذي تتسبب فيه ضغوط العمل والتي قرأت عنها كثيراً هنا قررت أن وقت الإنسحاب قد حان !!! الإنسحاب المؤقت من كل ما سبب لي الضغط وأخذني من نفسي وصحتي ..قررت أن أستمتع بإجازاتي ووقتي وأنسى كل شيء. كنت أنصح دائماً في دوراتي بأن الشخص يجب أن تكون له أولويات فيضع الأهم ثم المهم .. كنت دائماً أضع عملي ومسؤولياتي الأخرى في خانة الأهم , وأجعل الترفيه في خانة المهم أو أقل , لكن بعد هذه الواقعة قررت أن أقلب الطاولة وأتمرد على كل ما يأخذني من نفسي وصحتي , فأنا أَوَّلًا ثم كل شيء آخر فعلت هذا حتى أعود ندى السابقة وأجدد طاقتي وحيويتي و أنعش ذاكرتي بصعقة كهرباء لكي تستعيد عملها من جديد . قرأت دراسة علمية حديثة تقول أن الإجازة هي الطريقة المثلى لتحسين الأداء الإدراكي للإنسان، فهي ليست مجرد وقت يقضيه الإنسان متوقفًا عن أداء ما اعتاد فعله بشكل عام، بل إنها ذات تأثير كبير ومهم على الصحة النفسية والعقلية والجسدية للإنسان . كما أشارت الدراسة إلى أن الوقت الذي نقضيه في الإجازة يساعد على الحد من العمليات البيولوجية الضارة المرتبطة بالتوتر، وهو ما ينعكس بالإيجاب على الصحة العامة للإنسان؛ “فكلما ابتعدنا عن مشاغل الحياة ومسؤولياتها وبحثنا عن الاسترخاء لبعض الوقت، لاحظنا على أنفسنا تغيُّرات إيجابية . في أحيان كثيرة، نرى حولنا العديد من هؤلاء الأشخاص العصبيين على غير عادتهم ، المتغييرن بطباعهم ، ونظل نتعجب ونبحث بشتى الطرق عن أسباب لهذه الحالة وحلها ، دون أن ندرك أن الحل غاية في البساطة : عليهم أخذ إجازة! لكن هل نعلم كيف نقوم بذلك بالطريقة الصحيحة؟ ما هي الوصفة المثالية لكي نتخلص من الضغوط ونفرغ الشحنة السلبية من داخل أجسادنا ؟ أثبتت الدراسات بأنه ولكي يحافظ الإنسان على توازنه النفسي وصحته الجسدية لا بد أن يمضي إجازة لا تقل مدتها عن ثلاثة أيام ، تتكرر من ثلاث مرات إلى أربع على مدار العام ، بخلاف إجازات نهاية الأسبوع . الآن هل قررتم تحديد وقت إنسحابكم ؟! _ ومضة _ أحبوا أنفسكم بقوة ضعوها في الأولويات قرروا الانسحاب فقد حان وقته !!!
مشاركة :