تساءل موقع «آسيا تايمز» عما إذا كانت أزمة العملة التي طال أمدها في تركيا ستتحول إلى أزمة ديون، مع تضاؤل الاحتياطيات الأجنبية وركود الاستثمار الأجنبي المباشر.وبحسب مقال لـ «أوزليم البيرق»، فإن العملة الوطنية التركية، التي تعاني من أزمة منذ 2018، اتجهت إلى مستويات منخفضة قياسية في الأيام الماضية مع عدم وجود نهاية للاضطراب في الأفق. وأشار إلى أن الليرة التركية خسرت 40 % من قيمتها منذ بداية 2020، فيما فقدت 7 % من قيمتها خلال الشهر الماضي.الدين الخارجيوتابع البيرق يقول: انخفضت حصة الدين الخارجي الخاص في إجمالي الدين الخارجي لتركيا من 70 ٪ في 2015 إلى 56.6 ٪ في الربع الثاني من 2020.ومضى يقول: يأتي ذلك في الوقت الذي يقوم فيه القطاع الخاص بتقليص المديونية لتقليل مخاطر سعر الصرف، وهو الاتجاه الذي بدأ في 2015، ولكنه تسارع في العامين الماضيين.وأردف يقول: لا تزال الأسواق المالية الدولية على استعداد لإقراض تركيا، ولكن ليس بالليرة على الرغم من أن أنقرة تقدم أسعار فائدة سخية على سنداتها بالليرة.وأشار إلى أن اقتراض القطاع العام من الأسواق الدولية يتزايد، مما رفع الحصة العامة من إجمالي الدَّين الخارجي الإجمالي إلى 43 ٪، وهذا أعلى بنسبة 11 نقطة مئوية مما كان عليه في 2018. ووفقًا للكاتب، تحمل ظاهرة اقتراض القطاع العام بالعملة الأجنبية، حتى من الأسواق المالية المحلية، مخاطر أسعار الصرف في أدوات الدين المحلية، التي تُظهر علامات على تدهور أوضاع النظام المالي التركي.ونوه إلى أن هذا قد يمثل مشكلة أكثر خطورة في ظل ظروف «كورونا»، حيث تقل عائدات الضرائب بالليرة مع استمرارها في الانخفاض.مقاطعة واعتمادوأضاف الكاتب: بالتالي، من المرجح أن يتوقف السؤال عما إذا كانت تركيا ستواجه أزمة ديون على ما إذا كانت الأسواق الدولية ستستمر في الإقراض بالنظر إلى ارتفاع التكاليف بشكل متزايد، وما إذا كان بإمكانها جذب رؤوس أموال أجنبية جديدة لشركاتها.ويقول الكاتب في الأيام الأخيرة، دعا أردوغان إلى مقاطعة البضائع الفرنسية، ومع ذلك، تعتمد حكومته أيضًا على رأس مال أجنبي جديد لإعادة الاقتصاد إلى مساره الصحيح، ومن المتوقع أن يأتي معظمه من الاتحاد الأوروبي، الشريك التجاري الأكبر للبلاد.ومضى يقول: تعهّد صهر أردوغان ووزير الشؤون الاقتصادية بيرات البيرق بموجة جديدة من تدفقات رأس المال في المستقبل القريب، بالنظر إلى انخفاض قيمة الأصول التركية، إن لم يكن الآن، فمتى تستطيع أنقرة جذب تدفقات رأس المال الأجنبي المباشر؟.وبحسب الكاتب، تأمل حكومة أردوغان في جذب مشترين دوليين للحضور والاستحواذ على الشركات التركية بثمن بخس وإنقاذها، لكن حتى الآن، لا شيء يحدث.وأضاف: مع ارتفاع الديون الخارجية، والعجز الهيكلي في الحساب الجاري (خاصة خلال فترات النمو)، وصعود القطاعات غير القابلة للتداول الممولة من خلال مجموعات رأس المال الموالية للحكومة، يمكن للاقتصاد أن يستمر فقط طالما استمرت تدفقات رأس المال الأجنبي.بطالة وتضخموتابع بقوله: مع جفاف هؤلاء وتباطُئِهم، يتقلص الاقتصاد، وهذا يعني أن الميزانية العامة وبنوك الدولة اضطرت إلى أخذ زمام المبادرة في إنعاش الاقتصاد، وتُرجع البطالة المرتفعة المزمنة والتضخم، الأعراض الرئيسية لهذه المشاكل الاقتصادية.وأردف الكاتب يقول: منذ صيف 2018، استخدمت حكومة أردوغان الموازنة العامة على نطاق واسع، ولكن على وجه الخصوص البنوك العامة، لتفادي إفلاس الشركات الخاصة والأسر المثقلة بالديون، وأوضح أن المخطط الاحتيالي الذي تم تبنيه وأدى إلى إنشاء ما يسمى بشركات «الزومبي»، حوّل ببطء الدين الخاص إلى عام، مُخفيًا خطورة المشاكل الاقتصادية والمالية الأساسية.ومضى يقول: خلال جائحة كورونا، وبدلًا من توفير الأموال العامة للشركات والأسر الخاصة التي تأثرت سلبًا بالإغلاق، قدمت حكومة أردوغان ائتمانات رخيصة عبر البنوك العامة وأجبرت البنوك الخاصة على إقراض المزيد، ودمج المخطط الاحتيالي في خطة الاستجابة للوباء، والمخاطرة بصحة النظام المالي.السياسة الفاشلةوأضاف البيرق: بفضل هذه السياسة، ارتفع إجمالي الدين الخارجي لتركيا إلى 57 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول الربع الثاني من 2020، وفي الوقت نفسه، انخفضت نسبة إجمالي الاحتياطيات الدولية إلى الدين الخارجي قصير الأجل، وهو مؤشر على الضعف المالي، إلى 46.2 ٪ في أغسطس، وذلك في أدنى مستوى له منذ 2011 بحسب إحصاءات وزارة المالية والبنك المركزي.وبحسب الكاتب، فإنه لمواصلة تقديم الائتمان الرخيص للقطاع الخاص، يجب على تركيا إبقاء أسعار الفائدة منخفضة، وللحفاظ على أسعار الفائدة منخفضة، يجب دعم قيمة الليرة التركية إلى مستوى معقول.وتابع: لقد أجبر هذا الهدف السلطات على تجفيف سيولة الليرة في الأسواق الداخلية والدولية، وفرض ضرائب على معاملات الصرف الأجنبي، وبيع الدولار الأمريكي ضمنيًا عبر البنوك العامة، وبالتالي التهام الاحتياطيات الدولية.وأضاف: كنتيجة لملحمة هذه اللعبة الوهمية، قُدِّر صافي الاحتياطيات الدولية دون المقايضات التي يحتفظ بها البنك المركزي التركي بسالب مليار دولار في أغسطس 2020.الاحتياطيات السلبيةويقول البيرق: مع وصول تركيا إلى نهاية توسّع ائتماني آخر تغذيه الحكومة، ومواجهة احتياطيات دولية سلبية، لم يتبق أمام البنك المركزي خيار آخر سوى رفع أسعار الفائدة، وهي خطوة يمقتها أردوغان.وأردف: يوضح الانخفاض القياسي لقيمة الليرة في أعقاب ذلك الإعلان أن التدخل المحدود والضمني في أسعار الفائدة لن يكون كافيًا لتحقيق الاستقرار في العملة المضطربة، نظرًا لتراكم هشاشتها ونقاط ضعفها، مع ذلك، فإن أسعار الفائدة المرتفعة لن تحل مشاكل تركيا على المدى المتوسط أو الطويل.وتابع: على مدى العقدين الماضيين، قاد أردوغان نموذجًا اقتصاديًا مدفوعًا بالديون يعتمد على الائتمان الأجنبي الرخيص، لطالما ألقى حزبه السياسي باللوم على الأعداء، سواء كانوا داخليين أو خارجيين، حقيقيين أو خياليين، في المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، ودائمًا ما يؤجل الإجراءات الصارمة لتجنب التكاليف السياسية.وأشار إلى أن أردوغان من خلال فشله في معالجة المشاكل الهيكلية يقوم بإعداد تركيا لعملة أخرى وأزمة ديون محتملة. وفي الوقت نفسه، ورط تركيا في مغامرات دولية متعددة، من جنوب القوقاز إلى الدعوة إلى مقاطعة فرنسا.واختتم الكاتب بقوله: سوف يتم استحقاق فواتير كل ذلك في نهاية المطاف، ربما في وقت أقرب مما يدرك الرئيس التركي.
مشاركة :