بالرغم مما أفرزه لنا الموسم المنتهي من سلبيات عديدة داخل الأندية الوطنية جراء تعاقداتها الفاشلة ومعاناتها المالية، زادت من جروحها أزمة كورونا، برزت للوجود حالة من الاستغراب لدى الأندية بإسرافها في جانب التعاقدات إلى جانب ما عاشته من أزمة مالية خانقة وصلت إلى حد الإفلاس والتعامل بالتقسيط لتسديد مستحقات اللاعبين والمدربين ومحاولات جاهدة للتخلص من كم الديون المسجلة والمتأخرة، وكذلك أزمة العقود المتأخرة منذ أعوام والتي وصلت ملفاتها إلى المحكمة الدولية. وبينما تبحث الأندية عن منفذ للخروج من المأزق الخطير، فإن البعض منها واصل مساعيه بهدف إعداد فرقها بأفضل مراحل التحضير للموسم الجديد بالترويج لتعاقدات جديدة، بينما هي لا تزال تواجه الأزمة المالية التي أضحت شماعة تتعكز عليها، في وقت لم تفِ بالتزاماتها المالية مع لاعبين ومدربين سابقين تعاقدت معهم منذ مواسم مضت ولم تسدد رواتبهم وعقودهم بالشكل الصحيح. قضية شائكة ومفصلية محيرة فعلا أن تعيش إدارات الأندية في حالة مالية يرثى لها، اقترب الكثير منها إلى إعلان حالة من الإفلاس المالي المتدهور، واعتماد العديد منها على التخصصات المالية أو ربما الانضمام إلى جهات حكومية مجهولة بهدف التخلص من الضغوطات والأزمات الخانقة التي تعاني منها، وتناست أنها غارقة في أزمة مالية قانونية خطيرة منذ مدة ليست بالقصيرة، فكيف سيكون واقع الأندية في الأيام المقبلة؟ حالة الاجتياح التي تجتاح سوق الانتقالات، في ظل حالة الخصاص التي تهدد إدارات الأندية من تلك التي تتأهب فرقها لدخول معترك الموسم القادم، غير أن المثير للانتباه في هذا الجانب، هو بروز ظاهرة التعاقدات واانفتاح الذي تعيشه أندية لم يكن لها أي شأن في بحر السنوات العشر المنصرمة من الاحتراف، إذ نشاهد كل يوم وعبر مواقع التواصل الاجتماعي ظهور صور التعاقد مع مدربين ولاعبين جدد في وقت تعاني الأمرين وتواجه مصير الإفلاس وتتحدى الأحوال بسبب الضائقة ولافتقارها أبسط مقومات العمل الكروي الفعلي، فماذا حصل؟ قد يكون السؤال متأخرا، لكنه يجب أن يسأل أو يطرح، أي ثورة وضجة تحدث من حولنا وسط غليان الجائحة التي اجتاحت البلاد، وأي اهتمام يظهر اليوم في الأندية من جانب التعاقدات الكثيرة، قضية شائكة ومحيرة أن تتحول الانتذابات بالكم الكبير دون مراعاة الكيف إلى ثورة إلزامية للظهور على الساحة الكروية وسط التخبطات التي تعيشها إدارات الأندية. تفسيرات عديدة، ومبررات قد يكون أكثرها غير مقنع لدى الشارع الرياضي، لكنه واقع تتباين فيه احترافية الانتذاب وعشوائية الاختيار، ليس فقط في المفردات بقدر ما هو في عمق المضمون، وتجاوزا لتطبيق معيار الكفاءة المالية، والتوازن المالي للأندية بعد نهاية موسمها، فبقدر الفرح الذي يظهر عند صناع القرار في الأندية مع إتمام هذه التعاقدات بقدر حالة التباكي والتشكي من العوز المادي، وعدم القدرة على مجابهة متطلبات الموسم الكروي من خلال دفع الالتزامات المالية، نعم هناك إدارات أندية تستحق الاحترام نظير اجتهادها واكتفائها بتعاقدات مميزة تشمل مراكز الاحتياج فقط، سواء على مستوى اللاعب المحلي أو الأجنبي دون الخوض في عملية تكديس المراكز، ما يضمن تطوير العمل الفني في منظومة فريقها وتساهم في تحقيق أهدافها وتطلعاتها، ودعم استثمارها الذي بالتأكيد سيزيد من مداخيل النادي المالية، وقوة حضوره على جميع المستويات، فيما نجد على النقيض تماما، قليلا جدا من إدارات الأندية مازالت تعيش على النمط القديم، حيث تبرع سنويا في عشوائية الاختيار، بما تحتاج وما لا تحتاج، والمهم لديها كهدف تواجدها كأكثر الأندية صرفا في التعاقدات، وفي نهاية المطاف فشل ذريع في تحقيق الأهداف، ومعسكر دائم في غرف فض المنازعات. مجمل القول أن تتبع الأندية المغربية خطواتها بدراسة دقيقة فيما يخص فترة الانتقالات، ورسم خططها وما تريد الوصول إليه خلال موسمها وبعد ذلك، البدء في تكوين فكرة عن احتياجاتها بما يتلاءم مع ميزانيتها والتعاقد حسب رؤية فنية عميقة حسب مراكز الخصاص، بعيدا عن سوء الاختيار، من نتيجته فسخ للعقود وتراكم للديون. فعلى سبيل المثال نجد أن أغلب الأندية الأوروبية لا تدخل سوق الانتقالات إلا باستقطاب عدد محدد من اللاعبين بما يخدم منظومتها الكروية، بينما نجد بعض أنديتنا تقوم بجلب أكثر من عشرة لاعبين خلال فترة انتقال واحدة، بما يعني أنها تغير ثلث قائمة الفريق، في عملية الفك والربط، خلاف مدة الوقت التي يحتاجها اللاعبون لعملية الانسجام وفهم المنهجية التكتيكية لمدرب يأتي وآخر يرحل، فيكون وقتها لا جزء يسير من الأهداف تحققت، ولا اكتملت التطلعات.
مشاركة :