سجلت دولة الإمارات سبقاً طبياً مذهلاً على مستوى المنطقة العربية بعد أن نجح فريق طبي متخصص في إجراء أول عملية جراحية دقيقة من نوعها لعلاج تشوه خلقي في العمود الفقري لجنين لم يتجاوز عمره ستة أشهر، ولم يتعدّ وزنه 700 غرام. أعلنت عن ذلك هيئة الصحة في دبي، خلال مؤتمر صحافي عقدته في مقرها، أمس، حيث أكدت أن مستشفى لطيفة للنساء والأطفال، أحد مستشفيات الهيئة الرائدة عالمياً في تخصص النساء والولادة، قد تمكن من إجراء العملية الجراحية لحالة تشوه في العمود الفقري لجنين، والتي تُعد من الحالات النادرة على مستوى العالم. وقال معالي حميد القطامي مدير عام هيئة الصحة في دبي «إن العملية أجراها طبيبان إماراتيان، هما الدكتورة منى تهلك استشاري النساء والولادة، المدير التنفيذي لمستشفى لطيفة، والدكتور محمد العلماء استشاري جراحة المخ والأعصاب في مستشفى راشد، لافتاً إلى أنهما قادا فريقاً يضم 20 طبيباً وطبيباً مساعداً متخصصاً في التخدير والأطفال الخدج، إلى جانب طاقم التمريض، وتابع العملية طبيبان أمريكيان وُجدا في المستشفى». وأهدى معالي حميد محمد القطامي، باسمه واسم جميع العاملين في الهيئة والمنتسبين لها، هذا الإنجاز، إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، لدعم سموه الدائم لجهود الهيئة والقطاع الصحي في دبي بوجه عام، وإلى سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي، وزير المالية، رئيس هيئة الصحة بدبي، لمتابعة سموه الحثيثة لأعمال التطوير والتحولات المهمة التي تشهدها الساحة الطبية في دبي. وعلّق معاليه على الإنجاز الكبير، قائلاً: «إن نجاح مستشفى لطيفة للنساء والأطفال في إجراء مثل هذه العملية، يُعد إنجازاً عالمياً، يضاف إلى رصيد إنجازات دولة الإمارات العربية المتحدة في مختلف المجالات، كما أنه يمثل في الوقت نفسه سبقاً تاريخياً على المستوى العربي، وبداية مهمة لتحقيق المزيد من النجاحات في مثل هذه العمليات الكبرى للأجنة، والتي تقوم بها مستشفيات ومراكز صحية محدودة على مستوى العالم». وشكر معاليه الفريق الطبي، وأعرب عن تقدير هيئة الصحة بدبي البالغ لكل فرد من أعضاء الفريق، وقال: «إن الهيئة تعتز كثيراً بما تزخر به من كفاءات وخبرات طبية عالمية المستوى والأداء، كما تفخر بروح الفريق الواحد، التي ضمت متخصصين من مستشفى لطيفة ومستشفى راشد، لإحاطة الأم وجنينها بكامل العناية، وإتمام العملية الجراحية بنجاح، وتسجيل هذا الإنجاز في رصيد إنجازات الدولة، التي نعمل على أن تكون دائماً في المقدمة، ومتصدرة على الساحة الصحية الدولية». خبرات وأكد أن الهيئة لن تدخر وسعاً في رفد مستشفياتها ومراكزها الصحية بخبرات طبية مواطنة واعدة، إلى جانب استقطاب أفضل الكفاءات الطبية من الدول الشقيقة والصديقة، كما لن تدخر وسعاً في تزويد جميع منشآتها بأفضل التجهيزات والتقنيات الذكية، التي تمكنها من تحقيق إنجازات مماثلة، وخدمة المجتمع وإسعاده، والوصول إلى مستقبل صحة أفضل». تقرير وتفصيلاً، قالت الدكتورة منى تهلك، والدكتور محمد العلماء والفريق الطبي للعملية: «إن مواطنة تبلغ من العمر 24 عاماً، حضرت من إمارة الفجيرة إلى مستشفى لطيفة للنساء والأطفال، حاملة تقريراً طبياً، يفيد بإصابة جنينها الذي لم يتجاوز تكوينه 6 أشهر، بتشوه خلقي في العمود الفقري، وعلى الفور، بدأ مستشفى لطيفة إجراء جميع الفحوصات الطبية للأم والجنين، وقياس المؤشرات الحيوية لكليهما، ومراقبة حالة الأم الصحية وجنينها بأحدث الوسائل والتجهيزات والتقنيات الذكية، ومن ثم بدأ التخطيط للعملية قبل 10 أيام». تجهيزات وأوضحت الدكتورة منى تهلك: «إن المستشفى بدأ على الفور، حصر جميع الوسائل والتجهيزات والتقنيات الذكية اللازمة لإجراء العملية، مع تحديد فريق العمل، وفي ضوء ذلك، لزم توفر تقنيات طبية فائقة، لفتح الرحم من دون أدنى مخاطر على الأم والجنين والرحم نفسه، وتقنيات أخرى وأجهزة لمراقبة ضربات قلب الجنين، ومتابعة درجة حرارة الرحم، حيث تكمن المخاطر الكبيرة في اختلاف درجة الحرارة مع فتح الرحم، وهو ما لا يتحمله الجنين، كما تم الاطمئنان على توفر جميع الأجهزة ومعدات الجراحة المزودة بـ «ميكروسكوب»، نظراً لدقة العملية وموضعها، وحساسية التعامل مع أعصاب الجنين في هذه الفترة من مراحل التكوين». وإلى جانب ذلك، هناك العديد من المخاطر الأخرى التي أوضحها الدكتور محمد العلماء، والمتمثلة في إجراء مثل هذه العملية الدقيقة في عمود فقري لجنين ضئيل الحجم، لم يتجاوز وزنه 700 غرام، ويضاف إلى ذلك خطر آخر أكبر، وهو التعامل مع أعصاب دقيقة لدى الجنين، لا ترى بالعين المجردة. خطة وأفادت الدكتورة منى تهلك، بأنه تم وضع جميع السيناريوهات وخطة العملية، في الوقت الذي بدأ مستشفى لطيفة في تهيئة الأم والجنين للعملية الجراحية الكبرى، قبل يومين من الموعد المقرر لذلك، مع إجراء التحاليل والفحوصات الطبية، ومراقبة حالتي الأم والجنين بأفضل الأجهزة والتقنيات التي يمتلكها المستشفى. أدوار وقالت، داخل غرفة العمليات، كانت الأدوار موزعة بين الفريق الطبي، الذي انقسم داخل غرفة العمليات إلى قسمين، الأول تقوده الدكتورة منى تهلك وطاقمها المساعد والتمريضي، حيث بدأ تهيئة وفتح الرحم، وتجهيز الأم والجنين، وإحاطتهما بكامل العناية الطبية، ومن ثم جاء الدور على القسم الثاني من الفريق، الذي قاده الدكتور محمد العلماء وطاقمه المساعد والتمريضي، حيث بدأ التعامل مع الجنين، وعلاج التشوه الخلقي للعمود الفقري، في واحدة من العمليات الجراحية النادرة، التي تمثل فتحاً جديداً، وتحولاً طبياً مهماً. وأكدت الدكتورة منى تهلك قائلة: «في مثل هذه العمليات المعقدة، يصعب الخروج أو الدخول من وإلى غرفة العمليات، التي تم تعقيمها تعقيماً خاصاً، ووفق معايير وبروتوكولات محددة، ولذلك، كان محظوراً بشدة على الفريق الطبي، الذي أمضى قرابة 6 ساعات من العمل المتواصل، الخروج من الغرفة، لما يمثله ذلك من تهديد مباشر لحياة الأم والجنين». وأفادت الدكتورة منى تهلك، بأن الأم والجنين ما زالا تحت الملاحظة في العناية المركزة، وأنهما بخير، وأن الأم ستظل في ضيافة ورعاية مستشفى لطيفة للنساء والأطفال، حتى موعد الولادة، لضمان توفر أفضل سبل العناية لها ولجنينها. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :