تجمع محادثات الحوار الليبي المتواصلة في تونس، 75 بين ممثلين عن البرلمانين وشخصيات سياسية بهدف الوصول إلى حلول توحد المؤسسات السياسية في البلاد وتقر إجراء انتخابات في أقرب الآجال لإنهاء الانقسامات والصراع المسلح الدائر منذ نحو عقد.-لماذا هذه المحادثات؟-يتنازع على السلطة في ليبيا طرفان، هما حكومة الوفاق الوطني في الغرب والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة والمدعومة من قبل تركيا وفي الطرف المقابل الرجل القوي خليفة حفتر المدعوم روسيا.كان توقيع اتفاق وقف اطلاق النار الدائم في أكتوبر الفائت ممهدا لعودة إنتاج النفط الذي يعتمد عليه كليّا اقتصاد البلاد، فيما يعد مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى ليبيا غسان سلامة أنه “لم تكن الظروف متوفرة بهذا الشكل” في السابق. بينما يرى الباحث في الشأن الليبي جلال حرشاوي أن “الهدوء” الملحوظ على أرض الواقع “والناجم في جزء كبير منه عن الثنائي الروسي والتركي، يمثل أرضية عمل مهمّة للدبلوماسيين”.-كيف سيتم تقسيم السلطة؟-قدمت الأمم المتحدة خلال محادثات تونس مسودة لخارطة طريق تنبني على أساس العمل على تشكيل حكومة موحدة ومجلس رئاسي يتكون من ثلاثة أعضاء ممثلين عن مناطق الشرق والغرب والجنوب.وأفاد مصدر من داخل المحادثات أنه إذا كان رئيس المجلس الرئاسي من الشرق الليبي، فإن رئيس الحكومة سيكون من الغرب والعكس صحيح أيضا.ولتفادي فرضية رفض تصويت البرلمان عن الحكومة خلال مدة زمنية محددة، فإن المفاوضين الـ75 الذين حضروا في تونس بإمكانهم منح الثقة للسلطة التنفيذية.والهدف من المفاوضات هو إقرار خارطة الطريق واختيار الشخصيات الأربع التي ستتولى الجهاز التنفيذي.-وفقا لأي أجندة؟-يعمل الوسطاء في المحادثات على تشكيل سلطة تنفيذية موحدة مع بداية العام 2021 ثم المرور إلى انتخابات بعد 18 شهرا كأقصى تقدير للوصول لإرساء مؤسسات سياسية بحلول 2022.ويمكن التمديد في هذه الآجال في حال قرّر المجتمعون إقرار الدستور الجديد والذي بدأت صياغته منذ العام 2014، قبل الانتخابات. وفي هذه الوضعية فإن التمديد سيكون مضبوطا بفترة محددة كذلك.-الصعوبات؟-قد يسعى بعض المشاركين وخاصة من هم ممثلين عن البرلمانين إلى حماية هذا الاستقرار النسبي بغاية الحفاظ على مقاعدهم. ويقول حرشاوي إن النواب “تم تعيينهم وفقا لمسار عشوائي وغير شفاف وضعته الأمم المتحدة”.وهناك مخاوف من أن تصبح الحكومة الانتقالية دائمة مثلما حصل إثر مؤتمر الصخيرات والاتفاقات المنبثقة عنه في العام 2015.وأفرزت لقاءات الصخيرات حكومة الوفاق الوطني التي لم يمنحها البرلمان الثقة ما نتج عنه انقسامات في السلطة.وكان من المفترض أن تكون حكومة الوفاق مؤقتة لكنها استمرت في نهاية المطاف “خمس سنوات تقريبا” وفقا للباحثة في مجموعة الأزمات الدولية كلوديا غرازيني.-ما هي ظروف النجاح؟-نجاح المحادثات يبقى رهن الدعم الذي سيعبر عنه عرّابو الأطراف المتنازعة. ويرى الوسطاء في المحادثات أن القادة الحاليين والرافضين للتغيير قد يجبرون على ترك مناصبهم أمام الضغط الشعبي. لكن يبقى كل ذلك رهن الدعم الخارجي.تؤشر المشاركة المهمة للممثلين عن القوى البارزة في المشهد السياسي الليبي في تونس عن أهمية المحادثات وجديتها والأهم من ذلك هو معرفة انتظارات هذه الأطراف من الحلول المقترحة.ويذكر سلامة بأن روسيا وتركيا ترغبان في تجديد عقود مشاريع البنية التحتية التي وقعتها مع القذافي والتي تقدر بملايين الدولارات.-ماهي التداعيات المحتملة لفشل ما؟-يبدو أن فرضية العودة إلى النزاع المسلح ضعيفة حسب الباحثة غرازيني مؤكدة أن كل الليبيين ومن شتى أنحاء البلاد والانتماءات “لا يرغبون البتة في العودة إلى الحرب”.وينبه البعض إلى أن الفشل سيضع البلاد في حالة من الفوضى الحقيقية مع تعميق الانقسامات وانهيار المؤسسات التي بالكاد تقدم خدمات للمواطنين من خدمات الحالة المدنية وإنتاج الكهرباء والماء.ونبه الرئيس التونسي قيس سعيّد في افتتاح المحادثات الاثنين إلى ضرورة “أن تكون ليبيا موحدة”، لأن “التقسيم خطر على المنطقة وسيكون مقدمة مقنعة لتقسيم دول مجاورة أخرى”.ويستبعد سلامة التقسيم داخل البلاد بين منطقتي الشرق والغرب ولكن “أسوأ سيناريو ممكن هو أن نصل إلى صراع مجمّد”.
مشاركة :