في حين كانت أسواق الأسهم العالمية تكتسي باللون الأخضر مع إعلان فوز "جو بايدن" في سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية، فإن الهبوط سيطر على الدولار الأمريكي. ولامست العملة الخضراء أدنى مستوياتها في 10 أسابيع خلال التعاملات المبكرة يوم الإثنين -وهو أول يوم للتداول بعد إعلان النتائج غير الرسمية للانتخابات الأمريكية- على خلفية الشعور بأن نهج "بايدن" سيعزز التجارة العالمية وسيؤدي لمزيد من الدعم للاقتصاد الذي تضرر من تفشي وباء "كوفيد-19". ومع ذلك، محا الدولار الأمريكي خسائره لاحقًا وتحول للصعود بسبب المخاوف ذات الصلة بالفيروس، إضافة إلى أن الرئيس الحالي "دونالد ترامب" لم يبد أيّ إشارة على التنازل عن خوض معارك قانونية وسط تشكيكه في نتيجة السباق الرئاسي. وجاء تجدد شهية المخاطرة لدى المستثمرين حتى قبل الإعلان الخاص بلقاح "كوفيد-19" المحتمل من جانب شركة "فايزر" وشريكتها الألمانية "بيونتك"، والذي عزز شعور الإقبال على الأصول الخطرة. ومن المتوقع أن تتبع العملة الأمريكية اتجاهًا هبوطيًا في الفترة المقبلة وسط توقعات بأن يكون للرئيس الأمريكي المنتخب "جو بايدن" سياسات خارجية أقل تشددًا من الرئيس الحالي "دونالد ترامب"، بالإضافة لزيادة التفاؤل بشأن التحفيز المالي وسياسة نقدية أكثر تيسيرًا من بنك الاحتياطي الفيدرالي. وسجل الدولار الأسبوع الماضي أكبر خسارة أسبوعية في أكثر من سبعة أشهر، مع احتمالات فوز "بايدن" والتي قد تحسن العلاقات التجارية العالمية ووسط توقعات بسياسة نقدية أكثر تيسيرية في الولايات المتحدة. ويرى "جيه بي مورجان" أنه بعد الانتخابات الأمريكية سيركز مستثمرو الأسواق الناشئة على أمرين: الفيروس واللقاح، مع التأكيد على أن أيّ تطورات إيجابية من شأنها أن تعزز معنويات المخاطرة أكثر. وبالفعل، شهدت الأسواق العالمية للأسهم في جلسة الإثنين ارتفاعات كبيرة مع إعلان اللقاح المحتمل، على الرغم من أن ثبوت فاعليته بأكثر من 90% لا تعني أنه سيتوفر على الفور. إذ لا يزال من المنتظر حصوله على موافقة الجهات التنظيمية. ويعتقد "توهرو ساساكي" الخبير الاستراتيجي في "جيه بي مورجان" أن السياسة النقدية للفيدرالي ستدفع الدولار للانخفاض خلال فترة الرئاسة من الحزب الديمقراطي. وأضاف أن انخفاض حدة التوترات التجارية مع الصين في ظل إدارة "بايدن" قد تقلل كذلك من الطلب على الدولار كملاذ آمن. وقالت "سونيا مارتن" محللة العملات في بنك "دي زد" إن الدولار كان يتداول كملاذ آمن، لكن الحصول على نتيجة انتخابات واضحة في وقت أقرب مما كان يتخوف البعض ينعكس حاليًا في زيادة الرغبة في المخاطرة وبالتالي ضعف الدولار. ويرى محلل الصرف الأجنبي في كريدي سويس "ألفيز مارينو" أنه من المرجح أن يؤدي الافتقار للدعم المالي القوي إلى توسيع سياسة الفيدرالي الحالية، مما يزيد من الضغط على الدولار. حركة تصحيحية متوقعة في حقيقة الأمر، كان بنك "جولدمان ساكس" توقع أن يتراجع الدولار بنحو 15% بحلول نهاية عام 2023 بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الرئاسية. وقال الرئيس المشارك لاستراتيجية العملات الأجنبية والأسواق الناشئة في البنك الأمريكي "زاك باندل" إن العملة الأمريكية مقومة بأكثر من قيمتها بنسبة تتراوح بين 10 إلى 15% بناءً على عدة أسباب؛ مثل مسار الوباء وتطوير اللقاح. وتوقع "جولدمان ساكس" أن يؤدي اكتساح الديمقراطيين في الانتخابات الأمريكية إلى تمرير حزمة مساعدات مالية إضافية بقيمة 2.5 تريليون دولار، وهو ما سيؤدي لانخفاض الدولار لفترة أطول. مكانة الدولار لكن ما هو واضح أن التقلبات الحالية التي تشهدها الأسواق لا تهدد بإلغاء دور الدولار باعتباره العملة الاحتياطية المفضلة في العالم. وتستمر العملة الأمريكية في السيطرة على المعاملات الدولية، حيث إنه باستثناء المعاملات داخل منطقة اليورو، يمتلك الدولار حصة سوقية تصل إلى 42.8% مقارنة بـ37% لليورو، وفقًا للأرقام التي جمعتها جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، والتي تتعامل مع عمليات الدفع عبر الحدود لأكثر من 11 ألف مؤسسة مالية في 200 دولة. وحتى عند تضمين المعاملات عبر الحدود بين دول منطقة اليورو، لا يزال الدولار يتفوق على اليورو مع حقيقة أن نسبته 38.45% من المدفوعات الدولية حول العالم حاليًا، بما يتماشى مع ما كان عليه قبل عامين، ومقارنة مع 36.3% لليورو. وفي تمويل التجارة، يعتبر الدولار هو الملك بلا منازع بحصة تقارب 87% مقارنة مع 6.5% لصالح اليورو، وهو الوضع الذي لم يتغير كثيرًا عما كان عليه كل منهما قبل عامين. وفي الواقع، يعتبر أيّ توقع حول تراجع مكانة الدولار في القريب العاجل أمراً مبالغًا فيه إلى حد كبير، مع عدم وجود منافسين محتملين للعملة الخضراء.
مشاركة :