شدّدت دول أوروبية عدة، اليوم الثلاثاء، على ضرورة تكثيف عملية مكافحة الإرهاب بشكل مشترك، وذلك بعد الاعتداءات الأخيرة التي استهدفت فرنسا والنمسا. وأكد قادة دول، من الاتحاد الأوروبي في أعقاب قمة مصغّرة، أهمية تعزيز الحدود الخارجية لأوروبا للحفاظ على فضاء «شينغن»، وكذلك على التعامل مع المضامين الإرهابية المنشورة على الإنترنت. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين: «لا يزال لدينا كثير من العمل، يجب إحراز تقدم في ثلاثة مجالات» هي: الوقاية وحماية الحدود و«التفعيل على المستوى التشغيلي». وتتضمن الأولويات ضرورة «استكمال» تنفيذ ترتيب «بي ان ار»، وهو سجل اسم المسافر الذي تمّ تبنيه في عام 2016، لكن لم يتمّ تطبيقه بالكامل. بدأ القمة بمائدة غداء في قصر الإليزيه في باريس جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار النمساوي سيباستيان كورتز، واستُكملت عبر الفيديو مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من برلين ورئيس الوزراء الهولندي مارك روتي من لاهاي ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين من بروكسل. تأتي القمة بعد أسبوع من اعتداء إرهابي استهدف فيينا وبعد اعتداء نيس في جنوب شرق فرنسا واغتيال المدرّس سامويل باتي في فرنسا في أكتوبر. وقال المستشار النمساوي، في مؤتمر صحفي عقده مع الرئيس الفرنسي بعد القمة، إن «الخطر لا يزال بيننا بشكل دائم»، مشيراً إلى «آلاف المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين نجوا من المعارك في سوريا والعراق في صفوف تنظيم داعش وعادوا، أو لم يتمكنوا من الذهاب لأنهم أُوقفوا». وأكد «إنهم قنابل موقوتة»، مضيفاً «علينا تبني مقاربة أقوى حيال التهديدات التي ترخي بثقلها على أوروبا». وأعلن الرئيس الفرنسي أن الدول الأوروبية «بحاجة إلى ردّ سريع ومنسّق». وأشار إلى «تطوير قواعد بيانات مشتركة وتبادل معلومات وتعزيز سياسات عقابية»، فضلاً عن «تنفيذ مجموعة التدابير» التي سبق أن اتخذتها أوروبا «في شكل كامل وصارم». وأوضح ماكرون أنه «من الضروري أن يتمّ تطبيق هذا الترتيب بشكل كامل مع قواعد بيانات مرتبطة بشكل سريع ببعضها، لأن أي خلل أمني على الحدود الخارجية أو داخل الدول الأعضاء يشكل خطراً أمنياً لمجمل الدول الأعضاء». وتحدث المشاركون في القمة، خصوصاً عن الحاجة الملحة لاتخاذ تدابير ضد الكراهية عبر الإنترنت. وقال ماكرون: «الإنترنت مساحة حرية، شبكاتنا الاجتماعية أيضاً، لكن هذه الحرية لا توجد إلا في حال وجود أمن وفي حال لم تكن ملجأ لأولئك الذين ينتهكون قيمنا أو يسعون إلى تلقين أيديولوجيات قاتلة». وأضاف: «يجب، خلال الأسابيع المقبلة، تبني القانون حول حذف المضامين الإرهابية من الإنترنت خلال ساعة»، مشيراً أيضاً إلى «رغبة المفوضية في أن تقترح مطلع ديسمبر قانوناً جديداً بشأن مكافحة نشر خطابات الكراهية». وتناول المحور الكبير الآخر من المحادثات فضاء شينغن وأمن الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. وأشاد رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي ب«خصوصية» هذه المنطقة التي يتنقل الأشخاص بين الدول داخلها بحرية. واعتبر أنه «لا يمكننا الحفاظ عليها إلا إذا ركزنا بشكل عاجل على الحدود الخارجية». من جهتها، أكدت ميركل أن «معرفة من يدخل ومن يخرج (من فضاء شينغن) هو أمر ملح وحاسم». وندّد ماكرون بـ«إساءة استخدام حقّ اللجوء» في كثير من الدول الأوروبية. وقال إن هذا الحق يستخدمه «مهربون» و«شبكات» وأشخاص «يصلون من دول لا تشهد حروباً».
مشاركة :