بعد الإنجاز الذي حققته شعبة المعلومات اللبنانية في أقل من 24 ساعة، تمّ تمثيل جريمة قتل السورية فاطمة الحاج ابراهيم (مواليد 1989) على يدّ زوجها منهل عبد القادر جارودية (مواليد 1989) والسائق محمد عبد الله بريك (مواليد 1986) السوريين على طريق المتن السريع (كسروان)، فاعترف الزوج بالتخطيط لقتل زوجته في الخامس من أغسطس بالاتفاق مع السائق مقابل مبلغ من المال، فقام الأخير بإطلاق النار على الزوج بواسطة مسدس حربي ومن ثم باتجاه الزوجة، ومن بعدها أخفى المسدس والأدلّة الجرمية في منطقة قريبة من مكان حصول الجريمة، وكانت الخطة تقضي بإيهام المحققين بأنهم تعرّضوا لعملية سلب من قِبل مسلحين مجهولين. تفاصيل الجريمة البشعة وفي التفاصيل، أن الزوجين العشرينيين منهل وفاطمة كانا عائدين من سهرتهما عند الساعة الرابعة فجراً إلى مكان إقامتهما في فندق "البستان" مستقلين سيارة " جيب انفينيتي" مستأجرة تحمل لوحة رقم (663049.م)،قد تعرضا لإطلاق نار فأصيب الزوج برصاصة غير قاتلة في فخذه، بينما أصيبت الزوجة برصاصتين في صدرها وقدمها، ولم يصب السائق بأي أذى. وعلى الفور، نقل الزوجان إلى مستشفى الأرز حيث فارقت الزوجة فاطمة الحياة وغادر الزوج لإصابته الطفيفة. هذا وقد علم أن الزوج صحافي سوري الجنسية ويقيم مع عائلته في الرياض كان قد أتى إلى لبنان لقضاء فترة إجازته، وهو يعمل مذيعاً في عدد من المؤسسات الإعلامية منها: "الرسالة" وإذاعة "روتانا أف أم" و "ام بي سي" .. حاول التخلص منها عدّة مرات وفي اتصال لـ "سيدتي" مع قاضي التحقيق في جبل لبنان ربيع حسامي، أفادنا بأن " الزوج اعترف بأنه حاول التخلص من زوجته أكثر من مرة خلال إجازتهما في لبنان، على طريق بيت الدين (الشوف) كما على طريق طبرجا (كسروان) قبل أن ينجح في تحقيق غايته من خلال التواطؤ مع السائق على قتلها لأسباب مالية وبهدف الزواج من شقيقتها حلاوة (16 عاماً) التي لا علم لها لا من قريب ولا من بعيد بما يخططه الزوج تجاه أختها أو حتى تجاهها". وأضاف قاضي التحقيق في حديثه أن " الجريمة تمّت على طريق متفرّع من اوتوستراد المتن السريع خلال عودة الزوجين بسيارتهما المستأجرة إلى فندق "البستان" . تمثيل الجريمة النكراء هذا وقد تمّ تمثيل الجريمة بحضور كل من المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي سامر غانم وعدد من ضباط ورتباء شعبة المعلومات، وقد أثنى القاضي غانم على جهود قوى الأمن الداخلي وشعبة المعلومات التي بُذلت لإماطة اللثام عن هذه الجريمة البشعة خلال فترة زمنية وجيزة. وبحسب اعتراف الزوج فإنه طلب من السائق إطلاق النار على زوجته لقتلها، وقد أصابها برصاصتين: واحدة في الصدر وثانية في قدمها وأًصاب الزوج برصاصة غير قاتلة في الفخذ، وذلك للتمويه وللإيحاء بأن الجريمة حصلت على يد مسلحين حاولوا سرقتهما". وحول إفادة السائق خلال التحقيق معه، أكدت المعلومات أن " السائق اعترف أنه تخلص من المسدس برميه في منطقة (برمانا- كسروان) ومن ثم توجّه إلى منطقة الرملة البيضاء في العاصمة حيث بدّل حذاءه، وعاد على الفور إلى مكان الجريمة حيث قال له الزوج إن زوجته قد "انتهت" وأنه قد مزّق قميصها حتى تبدو الجريمة وكأنها اعتداء جنسي، بالإضافة إلى محاولة السرقة". هذا وقد اعترف الزوج في موقع الجريمة بأنه تخلّص من زوجته فاطمة كي يتزوّج بشقيقتها الصغرى حلاوة لأنها تعجبه. فضح أمرهما وألقي القبض عليهما وحول وجهة النظر القانونية لهذه الجريمة البشعة، قال المحامي بالاستئناف محمد عفرة لـ "سيدتي" أننا " أمام جريمة نكراء بشعة بكل ما للكلمة من معنى، فقد أراد الزوج التخلص من زوجته ليس لمسح عار ارتكبته ولَحق بسمعته، أو أنها ارتكبت خطاً جسيماً يمسّ بشرف العائلة، بل لغاية في نفسه حيث صمّم أن يقترن بشقيقتها الصغرى بعد أن يقتلها بواسطة سائقه، فراودت له نفسه أن يضع تصوراً مسبقاً لتلك الجريمة بحيث يوهم رجال الأمن والرأي العام بأن زوجته قُتلت وأنه أصيب في قدمه من جرّاء طلق ناري بغية إخفاء الفاعل وبرمي المسدس لإخفاء أداة الجريمة. وبالرغم من أن هذه الخطة الجهنمية نسّقها مع سائقه حيث اتفقا على تنفيذها إلا أنها لم تنطلِ على المحقق ففضح أمرهما وألقي القبض عليهما". وأَضاف عفرة قائلاً: " بناءً على ما تقدّم، نطرح عدة أسئلة: من هي الجهة الصالحة لمحاكمة مرتكبي تلك الجريمة؟ وهل هذه الجريمة ارتكبت عن طريق الخطأ أم عن سابق تصوّر وتصميم؟ وما هو تصنيف هذه الجريمة: جناية أو جنحة؟ وما هي أركان المسؤولية الجُرمية؟ وما هو دور مطلق النار وما هو دور الزوج الذي خطّط للجريمة؟ وأخيراً، ما هي العقوبة التي يجب أن ينالها كل واحد منهما؟ أولاً: في الصلاحية: بما أن الجريمة ارتكبت على الأراضي اللبنانية ومهما كانت جنسية مرتكبيها فإنه من صلاحية المحاكم اللبنانية النظر في تلك الجريمة. ثانياً: ما هو تصنيف هذه الجريمة جناية أو جنحة؟ بما أنه ثابت بأن الجريمة نفّذت بناءً على تخطيط مسبق وليس عن طريق الخطأ، وكانت الغاية منها قتل نفس بريئة بغية التخلص منها ليخلو له الجو بالاقتران بشقيقتها الصغرى، فإنها تعدّ حسب قانون العقوبات من الجرائم الجنائية، حيث ورد في بعض مواده أن الجرم المتعمّد أي القصدي الذي أدّى إلى قتل نفس بريئة هو من الجرائم الجنائية. ثالثاً: ما هي أركان المسؤولية الجنائية؟ إن المسؤولية الجنائية في القانون اللبناني تفترض في الجرم لكي يصحّ إنزال العقوبة به، الوعي والإرادة، وذلك حسب ما ورد في المادة 210 من قانون العقوبات، ففي هذه القضية إن الفاعل مدرك للعمل الذي قام به. وبالتالي، يتمتّع بالقوة العقلية الكافية لجعله يفقه العمل الذي ارتكبه ويدرك نتائجه ويميّز بين شرعيته أو عدم شرعيته. فإن ما قام به الزوج وما أقدم عليه السائق من جريمة، يظهر أنهما عاقلان راشدان وليس من أحدهما مصاباً بمرض مزمن أو فاقداً للوعي أو مجنوناً أو معتوهاً أو أقدم على جريمته تحت تأثير السِكر أو المخدرات، لذا فإن ركن الوعي متوفر في هذه القضية ويتحمّل كل واحد منهما مسؤوليته الجنائية. وبالتالي، فإن الركن الثاني من المسؤولية الجنائية متوفر أيضاً وهو عامل الإرادة.وبما أنه ثابت أن الجريمة ارتكبت نتيجة لتخطيط مسبق وعن سابق تصوّر وتصميم، مما يدلّ على أن الزوج والسائق اتخذا قرارات شخصية تنم على حرية تصرفاتهما ولم يرغمهما أحد عليها، وهما في حالة جسدية وذهنية تخولهما اتخاذ مثل هذا القرار". وأضاف المحامي قائلاً: " بما أن الجريمة نفّذت وفقاً لما خطّط لها، لذا يكون الخطأ الجنائي تحقق من قِبلهما، لذا لا بدّ من إنزال العقاب القانوني بهما. رابعاً: ما هو دور كل من الزوج والسائق في هذه الجريمة؟ إنه من الثابت ومن وقائع هذه الجريمة أن هناك فاعلاً مادياً وهو القاتل الذي أطلق النار على الضحية أي السائق، في حين أن الزوج كان الفاعل المعنوي للجريمة لأنه أوعز إلى سائقه بتنفيذ المخطط الجرمي، وهذا الأخير وافق على القيام به". وختم المحامي محمد عفرة حديثه قائلاً: " هنا، لا بدّ من أن نوضّح أمراً هاماً حيث أجمع الفقه والتشريع الجنائي والاجتهاد على اعتبار أن حكم منفّذ الجرم بالواسطة- وهو ما يدعى بالفاعل المعنوي- هو حكم الفاعل الأًصلي لأن كلاً منهما ساهم مباشرة في إبراز عناصر الجريمة إلى حيّز الوجود، مما يقتضي تطبيق المادة 549 من قانون العقوبات اللبناني التي تنصّ "يعاقب بالإعدام على القتل قصداً إذا ارتكب عمداً"، ومعنى القتل عن قصد متعمداً أي عن سابق تصوّر وتصميم". من هو منهل عبد القادر جارودية؟ - قدّم برامج عبر أكثر من وسيلة إعلامية سعودية، وأطلّ محللاً ومحاضراً عبر أكثر من شاشة. - مقدّم برنامج "مطمئنة" على قناة "بداية". - صاحب قصائد شعرية عديدة منها "الصاعقة".
مشاركة :