(مكة) - مكة المكرمة أوضح إمام وخطيب المسجد الحرام معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد أن الفئة الضالة المضلة المدعوة داعش والتي لها أنصارها ونشاط إعلامها لبّست على الناس دينهم وخلطت على الشباب فهومهم بادعاءات ملفقة وأكاذيب مزورة ،مؤكدا أن داعش جماعة ظالمة مفسدة مستبيحة للدماء جمعت بين فساد المنهج وظلم المسلك مؤيدة من جهات دولية وإقليمية وأن هذا لايخفى على ذي بصيرة . وقال معاليه في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام هذا بيان حول الفئة الضالة المضلة المدعوة بداعش والتي تتسمى بتنظيم الدولة الاسلامية بيان للمسلمين عامة وللشباب خاصة هدى الله الجميع إلى الحق وأصلح المقاصد وأخلص في النوايا إنه سميع مجيب ، لقد علم المسلمون علماؤهم وعامتهم أن أبرز صفات الخوارج أنهم يكفرون المسلمين حتى كفروا الصحابة رضوان الله عليهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، داعش الضلال نهجوا منهج الخوارج كفروا المسلمين والدول وكفروا كل من قاتلهم حتى الفصائل في مواطن الفتن وكل من قاتلهم أو ناوأهم حكموا عليه بالكفر والردة ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ونعوذ بالله من الضلال والخذلان والناس مصنفون عندهم إما كافر أصلي أو مرتد أو منافق ورأس المرتد حسب تعبير ناطقهم الرسمي العدناني أحب إليهم من ألف رأس صليبي ، بينما يقول العالم الرباني القاضي أبو الوليد الباجي ـ رحمه الله ـ الخطأ في ترك ألف كافر أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم واحد ، فقارنوا بين الفقهين بل قارنوا بين التدينين ؛ بل إن هؤلاء الضلال يفاخرون بأن شرابهم الدماء وأنيسهم الأشلاء ولا يجدون شرابا أشهى من الدماء ، هذا والله ما نطق به ناطقهم الرسمي ـ خذلهم الله وكفى الأمة شرهم ـ ومن تأمل أنهار الدماء المحرمة التي سفكها هؤلاء في ديار الإسلام ومناطق الفتن وتأمل مراوغاتهم وانحرافهم في الفتاوى والمسوغات أدرك ما يحملونه على أهل الاسلام من كره وحقد وبغضاء ، إنهم يزعمون أن من خالفهم أو قاتلهم فقد أتى ناقضا من نواقض الإسلام وخرج من الملة ، ونص عبارتهم الرسمية تقول من قاتلنا فقد كفر يقولون هذا وهم يزعمون أنهم يحكمون بما أنزل الله ونواقض الإسلام عند أهل الإسلام معلومة وهي من أدق ما تحدث عنه علماء المسلمين ولم يقل أحد من طوائف المسلمين بأن مجرد المخالفة كفر ولكنه الهوى والجهل والبغي والعصبية . وأضاف الشيخ ابن حميد يقول هل يسوغ السكوت على مثل هذه القولة العظيمة في نواقض الإسلام وباب الدماء والحكم بما أنزل الله بل كيف يسكت عن هذا مناصروهم والموالون لهم فلا حول ولا قوة إلا بالله ، ويرحم الله شيخ الاسلام ابن تيمية فقد قال إن من تبلغ به العصبية القتالية فيقيم جماعة قتالية يوالي عليها ويعادي عليها فجهاده جهاد في سبيل الشيطان فكيف بمن يرى أن من يقاتله فهو كافر مرتد ، ومن تلبيساتهم قولهم : لا يفتي قاعد لمجاهد ذلك إن جاذبية اللفظ أضلتهم عن فساد المعنى ؛ إذ لم يقل أحد من علماء المسلمين بهذا على طول تاريخ جهاد المسلمين المجيد وهل كان كل علماء المسلمين في أوقات الجهاد في الثغور والمغازي وجبهات القتال وهل مايقوم به هؤلاء جهاد في سبيل الله ؟ ، وهل كل المجاهدين علماء وهل في هؤلاء المدعين للجهاد علماء وهل القاعدون غير معذورين ولو كان هذا الذي هم فيه جهادا فهل هو فرض عين . وتساءل معاليه : ألم يعلموا أن الله سبحانه حينما دعى إلى النفير للجهاد في سبيله اتبعه بالدعاء إلى التفقه في الدين في سورة واحدة ومناسبة واحدة ؟! . وبين إمام وخطيب المسجد الحرام أن مما انفرد به تنظيم داعش السالك مسلك الخوارج مما لم يؤثر عن الخوارج امتطاء مطية الكذب فما رُؤي جماعة أكذب لغة وأفسد منهجا من هؤلاء سبابا ولعانا وتقلبا ، بل ما رؤي جماعة أكثر افتراءً من هؤلاء وقد يوجد من أتباعهم وأنصارهم من يلبس عليه أو من يحسن الظن فيسكت على مضض ، ولقد برزت هذه الفضائح والأكاذيب من بياناتهم الرسمية المتناقضة حتى دعوا للمباهلة والملاعنة ، كما فضح ذلك من أنقذه الله منهم وعاد إلى رشده فكشف كثيرا من أحوالهم ومسالكهم ، لافتا إلى أن من تناقضهم وأكاذيبهم أنهم لا يكفرون كل من خالفهم وباهل على ذلك ناطقهم الرسمي وجعل لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، ثم لم يمض عام على هذا الزعم حتى نكص وفضحه الله بأن أعلن بقوله ( واحذر فإنك بقتالك الدولة الإسلامية تقع في الكفر من حيث تدري ولا تدري ) ، هذا لفظه ومنطوقه يكفرون كل من قاتلهم اليوم ، وقد باهلوا ولعنوا أنفسهم بالأمس ، ومن كذبهم وتناقضهم أنهم كانوا يدعون حرمة استهداف أسواق أهل السنة ومساجدهم وحرمة مصاحفهم في أيمان مغلظة ويقولون إن تفجير مساجد أهل السنة من أعظم البوائق ، بل كان من اتهامهم بعض الدول والحكومات وتكفيرهم لها أنهم يحرقون المساجد والمصاحف وهاهم ينكصون ويفجرون بكل جرأة مسجد قوات الطوارئ الخاصة في أبها والمساجد قبله ـ عليهم من الله ما يستحقون . واستنكر معاليه كل تفجير وتدمير ممن كان ومما كان ، مشيرا إلى أن المتابعين من أهل العلم يرون أن داعش من أكثر الفصائل انتهاكا لأحكام الشريعة وتجاوزا للنصوص الشرعية وعدم الاعتبار في الرجوع لأهل العلم والفكر وعدم التوقير للوحي وقواعد الشرع . وقال : ياشبابنا يا من يحب نصر الدين وعز الأمة واجتماع الكلمة لايضلكم هؤلاء الافاكون المستذلون لغيرة الأمة وعزتها وحماس شبابها ، أيها الشاب الصالح اتق الله في نفسك ، فإن القضية قضية دماء تسفك ومسلم يُكفر وأمة تنتهك .قف وقفة صدق مع نفسك فان الوقوف غدا بين يدي الله قريب فكيف ستكون ميتتك . قف وقفة صدق في دعاء وتضرع وابتهال وتوجه إلى ربك لأن يهديك إلى الحق وأن يريك الحق حقا ويرزقك اتباعه وأن يريك الباطل باطلا ويرزقك اجتنابه ، توجه إلى أهل العلم الثقات الأثبات .إسأل أهل الذكر وإياك والتردد فالقضية قضية دين وأمة ودماء ومصير ثم وقوف بين يدي الله ؛ماذا سيفعل هؤلاء القتلة بلا اله إلا الله إذا جاء بها صاحبها يوم القيامة ؟ماذا سيفعلون بتكفير المسلمين وماذا سيفعلون بتفريق الأمة ؟ وماذا سيفعلون بالتمكين للأعداء وماذا سيفعلون بضياع الشباب ؟حسبنا الله ونعم الوكيل . وحذر معالي الشيخ صالح بن حميد الشباب من المخاطرة بأنفسهم وحثهم على اللحاق بركب العلماء فإنهم نور الأمة وحجة الله على خلقه وأن هؤلاء العلماء حينما يوضحون الحق ويبينونه للناس فإنهم لايتزلفون لأحد ولا يبتغون رضى أحد ولا يخافون أحدا كائنا من كان؛ بل إنهم يعرضون أنفسهم للخطر حينما يتكلمون بما يخالف ماعليه هؤلاء وحينما يصدرون الفتاوى في فضح منهجهم وحينما يصدعون بالحق في فساد مسلكهم . وأكد أن من يدخل مع داعش أو يناصرهم أو يؤيدهم أو يزين أعمالهم فإنه شريك في قتل المسلمين وتسويغ ما يفعلون والتغرير بشباب المسلمين وأنه بذلك حامل لوزرٍ كبير يلقى الله به يوم القيامة ، وأن المفجر لنفسه جمع موبقتين قتل النفس المؤمنة وقتل نفسه بالانتحار. وقال قد ينقم الإنسان على بعض المظالم ، وقد يكون له العتب على بعض أهل العلم ولكن هذا ليس مسوغا البتة لأمور كبار وقعت وأمة أذلت ودماء أزهقت وبلاد مزقت وأسر شتت وهذه الهنات لو صح منها شيء ليست حجة يوم تلقى ربك ،واعلم أن هذا الظلم والبغي والهوى والحزبية والعصبية اجتمعت في هؤلاء فحرمتهم من الحق والعلم والاتصال بأهل العلم الراسخين الربانيين الذين شابت لحاهم في الإسلام والعلم والصلاح والتقوى في هذه البلاد وغيرها من أقطار المسلمين ، بل اتخذ هؤلاء رؤساء جهالا فافتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ، ناهيكم بتغيرهم في الفتوى ، فمن افتى لمصلحتهم نوهوا به وأخذوا عنه ومن أفتى بغير ما يشتهون فهو المتهم ولو كان معدودا عندهم من المجاهدين ، وإن من رحمة الله بهذه الأمة أن العلماء على مختلف مشاربهم ومدارسهم قد اجمعوا على ضلال هذه الفئة ، وأنهم من المعنيين بقوله صلى الله عليه وسلم / هم كلاب النار / مشددا معاليه على أنه من المتعيّن على جميع أهل العلم والفقه والرأي والأئمة والخطباء والمعلمين وكل من كان على منبر توجيه وإرشاد إن يفضح هؤلاء ويكشف أمرهم فهم شر على الأمة سفكوا دماءها وقطعوا ديارها ومكنوا لأعدائها وأفسدوا شبابها وأضاعوا ثرواتها ونزعوا هيبتها ومن إيجابيات وسائل الإعلام الحديث وأدواته أن أبرزت للناس فضاعاتهم وظلمهم وغلوهم في التكفير لمن خالفم كائنا من كان ، واستباحة الدماء المعصومة والعدوان على كل من خالفهم مع الاتصالات المشبوهة مع بعض الأنظمة والمنظمات والجهات الدولية والإقليمية فلتعلموا أنها فتنة زائلة ومنتهية باذن الله وحوله وقوته وهي سنة الله في كل من تبع دين الخوارج وسلك مسلكهم. وأشار الشيخ ابن حميد إلى أنه لا يُعرف في تاريخ المسلمين ولا في النزاع بين طوائفهم من كان يستهدف المساجد ليهدمها ويسعى في خرابها والمصاحف ليحرقها ويمزقها والمصلين الركع السجود ليتعمد قتلهم ؛ فأي جرم هذا وأي ضلال هذا ؟ يقصدون المساجد بالتفجير والمصلين بالقتل والجرح والترويع والمصاحف بالحرق والإهانة والتمزيق لا يبيح لذلك فضلا عن أن يفرح به ويبتهج من عنده مسكة من عقل ، فضلا أن يكون عنده دين وإيمان أو أثرة من علم ؛ فهو إجرام وإفساد ـ على صاحبه من الله ما يستحق ونعوذ بالله من الخذلان والضلال ـ مؤكدا إن شأن بيوت الله عظيم وحرمة المسلم عند الله أعظم. وكرر معاليه تساؤله عن ماذا يبتغون ؟ وقال : هل يريدون أن يحولوا بيوت الله الآمنة إلى أماكن خوف وإرهاب ؟ فيمنعون المساجد أن يذكر فيه اسم الله ، مشددا على أن استهداف المساجد وتجمعات الناس يدل على عجز الفاعل ولو كان قادرا على الوصول إلى الأماكن المحصنة لما تأخر ولكنه أضعف وأعجز أن يفكر في ذلك . فضلا عن أن يصل إليه ، فالبلاد محفوظة بحفظ الله والمسئولون ولله الحمد بعد حفظ الله وعونه يقظون وحازمون أعانهم الله وسددهم وبارك في جهودهم وأعمالهم. وأوضح أن مايحصل في هذا الإجرام من قتل عشوائي جماعي شيء مؤلم يدمي القلب حينما يستهدف هؤلاء الأبرياء المسلمين المصلين ، ولكن عزاء المسلم أن هذا ابتلاء قد ابتلي بما هو أعظم منه وأنكى أفضل الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومعه صحابته رضوان الله عليهم ، ففي حديث الرجيع قتل عشرون من القراء غدرا بين مكة والمدينة بيع اثنان منهم بمكة أن يقتل صبرا وهما خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة ، وفي حديث بئر معونة قتل سبعون من القراء غدرا غدر بهم رعل وذكوان ، وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم يقنت شهرا يدعو على من قتلهم مما يبين هول المصيبة وعظم النازلة التي نزلت برسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ، يقال ذلك ويستشهد به ليس استهتارا بدماء المسلمين أو تهوينا بحقوق إخواننا وأهلنا ولكن ليظهر أن الابتلاء سنة الله وهي في أهل الإيمان أشد وأن هذه الابتلاءات من علامات النصر والتمكين لأهل الإسلام بإذن الله.
مشاركة :