تجسد «مقبرة الخواجات» الكائنة في حي البلد بمدينة جدة حاليًا تاريخًا عريقًا من تسامح المجتمع السعودي مع غير المسلمين واحترام شرائع وتقاليد أهل الأديان الأخرى في دفن موتاهم وتكريمهم حيث يتم دفن المتوفين من الوافدين الأجانب إلى المملكة من المسيحيين في تلك المقبرة، لا سيما المقيمين الفلبينيين، وتحتوي المقبرة على شواهد لقبور موتى قضوا في الحرب العالمية الثانية، من بينها ضريح لجندي بريطاني مجهول الهوية قُتل في تلك الحرب، كما تضم جثة أسترالي دفن عام 1885 ميلادية، وألماني دفن عام 1912.ويرجع تسنيتها ب « مقبرة الخواجات « الى ارتباطها تاريخيا بالمسيحيين، حيث كانت تقيم فى جدة منذ عصر المماليك جالية مسيحية صغيرة، أغلبها من أصل يوناني.وأشار عدد من المؤرخين، إلى أن عدد المسيحيين في مدينة جدة في عام 1274 ميلادية كان 100 شخص تقريبا.وتُرجع المصادر تاريخ المقبرة إلى عام 1520، حين تم تخصيصها لأول مرة لدفن موتى غير المسلمين في عهد المماليك.وفي عهد الدولة العثمانية، دفن في المقبرة جنود برتغاليون كانوا يحاصرون مدينة جدة في القرن السادس عشر الميلادي، لكن المقبرة اكتسبت شهرة أوسع مع بدء دفن جثث بعض الجنود البريطانيين فيها أثناء الحربين العالميتينوتشرف على المقبرة عدة قنصليات أجنبية في جدة، منها القنصلية الأمريكية والبريطانية والفرنسية والإثيوبية، وتتناوب تلك القنصليات بشكل سنوي على الاهتمام بالمقبرة وتشجيرها وتعيين حارس لها ودفع مرتبه الشهري، ويحيط المقبرة سور مرتفع، مساحته تقترب من الألف متر مربع، وفي داخلها تصطف مئات القبور، التي تعلوها شواهد من المرمر، حفرت عليها أسماء وتواريخ، وكثير منها محاط بالورود.وتنتظم شواهد القبور داخل المقبرة بحسب الأعمار، إذ إن للأطفال ركن خاص، وللكبار ركن آخر، وعلى ذوي المتوفى أن يحضروا شهادة الوفاة وتصريح الدفن من السفارة التي يتبع لها لإتمام مراسم الدفن في المقبرة.ويقول حارس المقبرة إنه 4- 6 اشهر يدفن عدد يتراوح بين 2-3 مسيحيين، معظمهم من الجنسية الفلبينية والهندية، بالإضافة إلى وجود مشهدين لعربيين من السودان ولبنان.< Previous PageNext Page >
مشاركة :